Sunday 9th April,2000 G No.10055الطبعة الاولى الأحد 4 ,محرم 1421 العدد 10055



طباق وجناس
الهجرة,, عبر ومعجزات
محمد أحمد الحساني

بعد موسم الحج كنت ماراً بسيارتي قاصداً أعالي أم القرى من جهة المشاعر وعندما وصلت الى المنطقة التي يقع فيها جبل ثور الذي به الغار رأيت مجموعة من ضيوف الرحمن وقد وقفوا في سفح الجبل ومعهم مرشد يتحدث إليهم عن الغار ويشير لهم بيده إلى أعلى فقدرت أنه كان يشرح لهم خطوات الهجرة النبوية وكيف تمت وملابساتها وأسبابها حسب ماورد في السيرة النبوية الشريفة، وكان الواقفون عند السفح يستمعون لمحدثهم المرشد وكأن على رؤوسهم الطير!
والحقيقة انه لايهل عام هجري جديد إلا ويكون حديث الهجرة هو الحديث الذي يذكرنا بذلك العمل الدعوي العظيم الذي قاده الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم، قيادة ناجحة موفقة مؤيدة من الخالق العظيم عز وجل، ليكون ذلك كله إيذاناً بنشوء دولة التوحيد دولة الاسلام ونشر رسالته إلى جميع أمم الأرض.
وعندما نتلو الآية الكريمة ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لاتحزن إن الله معنا لابد ان نتذكر ذلك الحوار الإيماني الرائع بين النبي عليه الصلاة والسلام وبين صاحبه الصديق أبي بكر وهما في الغار، عندما وصلت رسل قريش الباحثة عنهما والطامعة في الجائزة القرشية لمن يدل عليهما إلى باب الغار وسمع أبوبكر طرق أقدامهم, فقال: يانبي الله لو أن بعضهم طأطأ بصره لرآنا فيقول له الانسان الكامل والمؤمن الأكبر: ماظنك يا أبابكر باثنين الله ثالثهما؟ .
وعند تذكر الهجرة تتداعى صور التضحيات والمواقف النبيلة بدءاً بموقف الفتى القرشي الهاشمي الشجاع أمير المؤمنين فيما بعد علي بن أبي طالب الذي تسجى برداء النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ونام في مكانه لإيهام المترصدين بسيوفهم من قريش وعلى رأسهم أبوجهل أن المصطفى لم يزل في داره لم يبرحها بينما يكون هو في طريقه إلى الغار فكانت صورة بديعة من صور الفداء والتضحية بالنفس وهي أعظم صور التضحية إطلاقاً.
وفي هذا الموقف وأمثاله يقول الشاعر العربي:
والجود بالنفس أسمى آية الجود
وإليكم أول فدائية في الاسلام أسماء ذات النطاقين,, أسماء بنت أبي بكر الصديق ووالدة أول مولود في الاسلام عبدالله بن الزبير، تشق نطاقها تحمل فيه المؤونة والطعام لصاحبي الغار فلله درها من فتاة صالحة مؤمنة!
وتتجلى من دروس الهجرة حسن التخطيط وبعد النظر فالوجهة الأساسية للوفد أن يتجهوا شمالاً إلى يثرب المدينة المنورة فيما بعد ولكن الاتجاه كان جنوباً حيث غار ثور أي بعكس الاتجاه الأساسي ليتخبط المطاردون فلا يعرفوا حركة الوفد المهاجر الذي سيتحرك إلى هدفه بعد ان تخفت المطاردة وييأس المطاردون وينطفىء حماس أعداء الله وتهدأ رغبتهم في نثر الدماء الزكية بسيوفهم الظالمة وتمضي إرادة الله في نجاح موكب الهجرة في اختراق الظلمات نحو العاصمة الأولى للاسلام في الأرض,, طيبة الطيبة دار الهجرة والايمان.
وهذا أبوبكر يتقدم الى الغار مضحياً بنفسه فتلدغه العقارب فتدمع عيناه ألماً فلا يعبر عن ألمه بصوت فيراه صاحبه ويدرك ما ألمّ به ويقدر حجم تضحيته العظيمة فيمسح موضع الألم بيده الشريفة فيزول ألمه وتبرأ الجراح ويسجل التاريخ هذه المعجزة وتلك التضحية والحب العظيم للنبي الكريم.
وفي الطريق إلى المدينة تحدث معجزات وتنبوءات عجيبة منها ما حصل لسراقة بن مالك المطارد الذي لم ييأس وظل طامعاً في الجائزة القرشية حتى أدرك الوفد في منتصف الطريق، وكيف ساخت قدما فرسه في الأرض حتى بلغت الركبتين مرات عديدة حتى خاف على نفسه فطلب الأمان من رسول الله وأخبر الوفد بما يريده القوم وأنه سيكتم خبرهم عن قريش حتى يبلغوا مرادهم بإذن الله وكان سراقة آخر المطاردين.
وفي الطريق ايضاً قصة الوفد مع أم معبد الخزاعية التي سألوها ان تسقيهم شيئاً من اللبن فتعتذر عن ذلك لأن شياهها عجاف والسنة شهباء، فيأخذ الرسول بإحدى تلك الشياه ويمسح على ضرعها بيده الكريمة فتدر اللبن دراً سائغاً للشاربين فتعجب المرأة مما ترى وتحدث بعلها بما رأت ويعلمان أنهما امام معجزة من المعجزات ويشرب الجميع ويرتوون من ذلك الخير والبركة.
ويطل الوجه البهي الكريم على الديار الطيبة فينشد أهلها:

طلع البدر علينا
من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا
ما دعا لله داع
ايها المبعوث فينا
جئت بالامر المطاع
ومن المدينة المنورة ومن مسجدها المبارك تنطلق الدعوة الاسلامية لتجوب الآفاق وتنشر دين الله في الأرض حتى لا يبقى مكان تشرق عليه الشمس إلا ويكون فيه من يقول: اشهد ان لا إله إلا الله وان محمداً رسول الله, فاللهم زد وبارك!!
أي كرة وأي ملعب!؟
في محاولة للضغط على سوريا لاجبارها على تقديم تنازلات كما فعل الذين من قبلها وهم يحسبون انهم يحسنون صنعاً، لجأت الولايات المتحدة الامريكية الى الاعلان ان الكرة الآن في الملعب السوري في إشارة سياسية واضحة مفادها ان الجانب الآخر الذي كان الرئيس الامريكي يتحدث باسمه ويجادل بدلاً عنه، قد قدم كل ما لديه من تنازلات! وأن المطلوب ان تقوم سوريا بخطوات مماثلة حتى تثبت انها جادة وراغبة في السلام!
والواقع أن هذه الاشارة الامريكية قد نقلت واشنطن من دور الوسيط المحايد أو حتى الراعي للسلام الى دور الانحياز للجانب الاسرائيلي لأنها تفترض ان كل ما تطالب به اسرائيل مقابل الانسحاب المشروط من الجولان بعد احتلال لها يزيد على ثلاثين عاماً وتحدٍ صارخ لقرارات الأمم المتحدة، يجب ان يكون مقبولاً لدى السوريين وإلا وصفوا بأنهم معطلون للعملية السلمية وأنهم يتحملون بقاء الكرة المزعومة في ملعبهم لشهور او سنوات قادمة، وبمعنى أوضح فإن واشنطن تتعامل مع الشروط الاسرائيلية المرفوضة من قبل السوريين على أساس أنها شروط المنتصر على المهزوم الذي يجب ان يقبل بالعرض الاسرائيلي ويرضى بما يقدم له وإلا فإنه ملوم ويتحمل ما قد ينشأ عن وقف العملية السلمية! وهذه الاشارات السياسية تأتي لتحاول إضاعة صوت الحق السوري الذي لم يطالب إلا بتطبيق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن وهو ان تنسحب اسرائيل إلى الحدود التي كانت موجودة قبل الرابع من يونيو /حزيران عام 67م ولكن المسئولين في اسرائيل كعادتهم محبون للجدل الذي يرون انه يقودهم إلى مكاسب خاصة ولذلك فإنهم يريدون السلام والمياه والأرض والهيمنة والتطبيع والاختراق وان تتحول الدول العربية التي لها علاقة مع الكيان الصهيوني إلى حرس حدود للدولة العبرية تحفظ حدودها حتى من رعاة الاغنام، وان يكون لاسرائيل اليد العليا في المنطقة كلها، وذلك مقابل ان تنسحب من بعض الأراضي العربية المحتلة معتبرة انسحابها تنازلاً وما تطلبه من غيرها وفق شروط مهينة حقاً كاملاً لا مِراء فيه فإن حاول الجانب الآخر التمنع وصف بما يحلو لاسرائيل من اوصاف سواء على لسان مسئوليها او على لسان المسئولين في واشنطن الذين بات بعضهم يردد مايقوله الاسرائيليون.
إن المسألة ليست مسألة كرة او ملعب ولكنها حقوق شعوب تريد واشنطن ان يتم التنازل عنها لصالح اسرائيل استسلاماً لامر واقع وهو ما ظل السوريون يرفضونه حتى الآن ولعلهم يستطيعون الصمود أكثر.
من بركات الأمن الشامل!
اعترف مدير شرطة العاصمة المقدسة أن الحوادث المرورية التي وقعت في أم القرى خلال عام 1420ه فقط قد بلغت أكثر من سبعة عشر ألف حادث وان المصابين بالآلاف والضحايا الموتى بالمئات وذلك في محاضرة ألقاها بجامعة أم القرى مؤخراً.
هذه الكوارث وقعت في ظل الأمن الشامل الذي كان الجميع يتحدثون عن نجاحه عبر التصريحات الصحفية المتواصلة حتى جاء توجيه وزارة الداخلية باعادة النظر في هذه التجربة الفاشلة ميدانيا!
والرقم الذي ذكره مدير الشرطة يمثل ما تم ضبطه من مخالفات بعد وقوع الحوادث وهي لا تمثل شيئا مذكوراً لو تم قياسه بما يحصل من مخالفات على مدار ساعات الليل والنهار من سرعة وقطع إشارات وعكس للسير، ثم يقدر الله لمن يرتكبها السلامة رحمة بالآخرين أو بالمخالف نفسه أو بذويه من أم وأب وإخوة قلوبهم واجفة تدعو له بالسلامة كلما دخل وخرج، ولو كان لدى الشرطة إحصائية بالمخالفات اليومية لبلغ الرقم الآلاف يومياً.
إن مما يؤسف له اننا نجد من يمتدح اي تجربة تطبق حتى وهو يعلم ان الحقيقة غير ذلك وربما يعتذر هؤلاء بأعذار واهية، ولكنهم في جميع الأحوال لم يأخذوا بالتوجيه النبوي للانسان المسلم وان من واجباته النصح للمسئولين ولو عن طريق كتابة ذلك النصح عبر تقرير يرفع لهم، وإن لم يحصل ذلك فعلى الأقل عدم تقديم صورة غير صحيحة يمتدح فيها الخطأ ويصور على انه إنجاز وصواب ونجاح منقطع النظير كما كان بعضهم يفعل عند حديثه عن الأمن الشامل، ولعل من المصلحة عند اختيار أي قيادة تطبيق المبدأ القرآني الكريم إن خير من استأجرت القوي الأمين واستبعاد الفئة الأخرى التي لا خير في وجودها على الإطلاق!

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تربية وتعليم

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved