Sunday 9th April,2000 G No.10055الطبعة الاولى الأحد 4 ,محرم 1421 العدد 10055



في الصميم
المملكة تترشح لعضوية حقوق الإنسان الدولية: القرار والدلالات,.
د,خالد آل هميل

في بحث علمي للاستاذ عبدالاله بلقزيز بعنوان نحن والنظام الديمقراطي نشرته مجلة المستقبل العربي في عددها 236 في شهر 10/1998م حدد خمسة مداميك ينهض عليها هذا النظام ومن دونها يمتنع قيامه، وهي تكاد تكون مشتركة بين سائر النظم الديمقراطية الحديثة في العالم.
منها وجود الدستور وهو النظام الأساسي للدولة والسلطة المرجعية العليا للكيان الوطني أو القومي، التي إليها يجري الاحتكام .
وثاني هذه المداميك أو الاساسات حرية الرأي والتعبير التي تكفل للجميع التعبير عن آرائها على مقتضى الحرية المكفولة بضمانات قانونية، وتقع ضمنها حرية الصحافة وحرية البحث العلمي والحق في الاختلاف .
ومن أهم تلك الاساسات مبدأ النظام التمثيلي النيابي او التشريعي .
فالنظام الديمقراطي لم ينزل فجأة على الدول الغربية وامريكا إنما اخذ في التطور عبر قرنين من الزمان وهو نتاج حصيلة تاريخية لفاعلية عوامل فكرية واجتماعية وتاريخية تعاقبت لترسم ملامحه في مسار من التطور التاريخي.
فاذا كان ذلك هو شأن الغرب الديمقراطي فماذا يريد المثقفون العرب من الدول العربية التي لم تتهيأ فكرياً واجتماعياً وسياسياً واقتصادياً لتطبيق النظام الديمقراطي الذي ينبغي على الجميع اخذ ذلك في الاعتبار والنظر الى حقيقة لايمكن القفز عليها او تجاوزها وهي الخصوصية للشعوب العربية التي تعودت عبر احقاب تاريخية على انماط اجتماعية ترسخت عبر مئات السنين, وخصوصية إسلامية عقدية تجعل تطبيق النموذج الديمقراطي الغربي غير ممكن دون مراعاة الخصوصية الإسلامية.
إذن فالدول العربية والاسلامية ينبغي عليها ان تتواءم مع التطورات العالمية وفق خصوصياتها دون الرفض المطلق للاسس العامة للديمقراطية الغربية وفي نفس الوقت على المعجبين بالغرب من المثقفين العرب ان يكونوا واقعيين.
فالقرآن الكريم والسنة المحمدية يتوزعان بين قيم العدالة في الحكم والنص على وجوب العمل بالشورى, وهذا يوضح ان الدين الاسلامي رسم وحدد ملامح واصول السياسة والسلطة معاً لهذا لاينبغي ان يفزع الآخرون عندما يتردد امامهم المطالبة بتطبيق الديمقراطية في العالم العربي (الدول العربية) وكأن هناك حربا بين النظم الديمقراطية,, ومايطالبنا به الاسلام في إدارة شئون الحياة,.
فمعظم ان لم تكن جميع القيم الإنسانية في النظم الديمقراطية الغربية قد اكدها الاسلام وله الاسبقية فلماذا يشعر البعض (بالرهاب) عندما يقرأ كتاباً عن الديمقراطية او يشاهد ندوة حول ذلك,,؟!
فالذين يعيشون رهبة هذا الموضوع لا يستحضرون بأن المملكة العربية السعودية وهي القاعدة الاساسية للدول الاسلامية قد وضعت دستوراً للحكم يعمل به الآن كما وضعت نظام المقاطعات ومجالس للمناطق ومجلساً للشورى له نظام يتوافر على تسعين عضواً من خيرة أبناء هذه البلاد لهم مطلق الحرية في مناقشة قضايا الوطن على المستوى الداخلي والشأن العالمي المرتبط بالمصالح الوطنية,, في مختلف القضايا,, وهذه الاساسات قابلة للتطور كما أكد على ذلك خادم الحرمين الشريفين الملك فهد عندما اعلن هذه الانظمة في حينها، ويأتي اعلان المملكة العربية السعودية الترشيح لعضوية لجنة حقوق الإنسان الدولية خطوة رائدة في نسق النهضة السعودية والوعي الاجتماعي المتنامي.
فقد اعلنت المملكة يوم الخميس 6/4/2000 بأنها بصدد القيام بإجراءات لإنشاء هيئة وطنية مستقلة غير حكومية تساعد على التعريف بحقوق الانسان وحمايته والالتزام بتطبيق الانظمة المتعلقة بذلك والمطالبة بمعاقبة المخالفين بخطى مدروسة ضمن استراتيجية شاملة لمعالجة قضايا حقوق الانسان, لقد جاء هذا الاعلان في الكلمة التي القاها وكيل وزارة الخارجية المساعد للشؤون السياسية ورئيس الإدارة العامة للمنظمات الدولية صاحب السمو الامير الدكتور تركي بن محمد بن سعود الكبير امام الدورة (56) للجنة حقوق الإنسان الدولية التي انعقدت في جنيف وقد اكد سموه في هذه الكلمة الهامة انه سيتم انشاء هيئة وطنية حكومية لحقوق الإنسان ترتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء يرأسها مسؤول على مستوى عال ويناط بها كل ما يتعلق بحقوق الانسان, وقال سموه بأنه سيتم إنشاء أقسام تعنى بحقوق الإنسان في الجهات الحكومية ذات العلاقة بما فيها وزارات العمل والداخلية والخارجية، والعمل للتأكيد على اهمية وضرورة تطبيق الانظمة والقواعد المتعلقة بحقوق الانسان.
وقد اشار الامير تركي بن محمد بن سعود الكبير الى ان المملكة العربية السعودية وافقت على اعتماد النظام الجديد للمحاماة والاستشارات القانونية وقال بأن ذلك كان نتيجة طبيعية بأهمية حقوق الانسان وليس استجابة لأي عوامل خارجية.
إن كلمة سموه التي اعلن فيها هذه القرارات والترشيح لعضوية حقوق الإنسان الدولية تؤكد بأن هذه البلاد بقيادتها تتلمس في حقيقة الامر كل ما يعلي شأن المواطن والمقيم فيها، ولاتترد في اتخاذ الخطوات الكبيرة لتحقيق الاهداف الكبيرة ايضاً، كما انها تكشف عراقة القيادة وقوتها ومايربطها من انسجام وتكامل وثقة متبادلة مع شعبها.
فالحكم الضعيف او المرفوض على مجتمعه لايتيح لشعبه السير قدماً نحو التطور والتفاعل الإنساني في المجتمعات الكونية وقد علمتنا دروس التاريخ ان الدول الكبيرة تتهاوى نتيجة ضغط عنصر القوة على عنصر التفكير، وهذا ماحدث مع امبراطوريات كثيرة آخرها الامبراطورية العثمانية التي اصابها بعدما انهكها الغرور الضمور وانتهت الى تركيا التي، باتت دولة عادية محكومة بعدة رؤوس وقرارها مصادر واهميتها سياحية.
إن اعتماد الدول على عنصر العقل والتفكير في إدارة شؤونها الداخلية وعلاقاتها الدولية هو العنصر الذي يقويها ويحمي سيادتها ومصالحها، ويجعل لها حضورا فاعلاً في السلم والامن الدوليين.
وترتقي بشعوبها نحوالحفاظ على مكتسباتها الحضارية وإثرائها.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تربية وتعليم

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved