لا جديد أضيفه,, ولا جديد أقوله الى ما كتب عن وفاة أخينا تركي,, فالكل كتب والكل رثاه,, والكل أحبه,, أحبه من عرفه ومن لم يعرفه، وكنت ممن أحبه ولم التق به ولو مرة واحدة ولم أره، ولم أجلس معه، لكن مما سمعته عنه ومما قيل فيه، ومما كتب في رثائه.
ويا كوكباً ما كان أقصر عمره وكذا عمر كواكب الأسحار |
أحببته في الله,, وهذه المحبة هي أوثق عرى الإيمان، والمرء مع من أحب، كما ورد في الحديث الصحيح.
عرفت اخباره او طرفا منها عن طريق والد زوجتي/ فضيلة الشيخ محمد بن ابراهيم الهويش يحفظه الله ومن طريق بعض ابنائه وبعض أقاربي، حيث التقوا به في أمريكا اثناء ذهابه للعلاج.
وحضرت الصلاة عليه ودفنه، فكان الجمع غفيرا,, وهذه بشرى - أعني ثناء الناس وكثرتهم - فقد بوّب البخاري رحمه الله في صحيحه في الجنائز برقم (1367) بابا في ثناء الناس على الميت، وأورد فيه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مرّوا بجنازة فأثنوا عليها خيرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وجبت، ثم مرّوا بأخرى فأثنوا عليها شرا، فقال: وجبت، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما وجبت؟قال: هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرّا فوجبت له النار, أنتم شهداء الله في أرضه.
وتبقى لنا جميعا عدة وقفات ودروس، منها:
1 عظم جزاء من أصيب بمثل هذه المصيبة فصبر واحتسب، فقد أخرج البخاري وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: يقول الله عز وجل: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفية من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة .
2 ان يتعظ الإنسان بالموت، فهو, أعظم واعظ, وقد ورد الأمر بالإكثار من ذكره، وأثنى الله على عباده المرسلين بتذكر الدار الآخرة، فقال تعالى: إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار .
3 ان الإنسان مهما طال عمره فإن مآله الى تلك الحفرة الضيّقة، ومن ثم الى أرض المحشر والجزاء والحساب، فماذا أعد الواحد منّا لذلك اليوم؟
وكما قيل:
لطفا إذا وقف الورى وتصببوا عرقاً وفرّ الدِّرهم |
4 أنبه الى حديث ضعيف جدا وقيل موضوع ورد الاستشهاد به في المقالة الماتعة التي اشتملت على أدب جم، وعبارات حيّة، نابضة كتبها سعادة الدكتور سليمان بن عبدالرحمن العنقري - وفقه الله - في العدد الصادر يوم الأحد 20/12/1420ه برقم (10041)، وهو حديث نسب للرسول صلى الله عليه وسلم في تعزيته لمعاذ بن جبل عند موت ابنه فكتب اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: من محمد رسول الله الى معاذ بن جبل، فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فأعظم الله لك الأجر وألهمك الصبر، ورزقنا وإياك الصبر، فإن أنفسنا، وأمولانا وأولادنا وأهلينا من هبات الله الهنيئة وعواريه المستودعة,,, الخ,الحديث وضعه مجاشع بن عمرو الأسدي، كما في لسان الميزان لابن حجر 5/16, والحديث أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط 1/33 برقم (83) وفي المعجم الكبير 20/155، برقم (324) والحاكم في المستدرك 3/306 برقم (5193)، وأبو نعيم في الحلية 1/243 والخطيب في تاريخ بغداد 2/89, وقال ابو نعيم في الحلية 1/243 بعد ان اخرج الحديث من عدة طرق,,: وكل هذه الروايات ضعيفة لا تثبت: فإن وفاة ابن معاذ كانت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين، وإنما كتب إليه بعض الصحابة، فوهم الراوي فنسبها الى النبي صلى الله عليه وسلم، وكان معاذ أجل وأعلم من ان يجزع ويغلبه الجزع,, إلخ.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم أجمعين.
تيسير بن سعد أبو حيمد
الرياض