عميد كلية الشريعة ببيروت لـ الجزيرة المملكة دولة ذات رسوخ في المحافظة على الإسلام والمسلمين العلم الشرعي لم يكن عاملاً في تعويق الإصلاح الاجتماعي |
* كتب المحرر
أكد عميد كلية الشريعة ببيروت الدكتور/ عبدالرحمن ذيب الحلو أن دور الكليات الشرعية كبير وخطير في الوقت نفسه، فهو كبير من حيث إن الإسلام ينتظم شؤون الدنيا والدين معاً، وخطير من حيث إننا لم ننجح حتى الآن في توحيد منهجية الخطاب الديني شكلاً ومضموناً.
وقال د, الحلو في حديث له لالجزيرة انه لم يكن في يوم ما العلم الشرعي عاملاً في تعويق الإصلاح الاجتماعي.
ونوه بحرص المملكة واهتمامها بشؤون الأمة مما جعلها في مصاف الدول الناهضة لحمل دعوة الإسلام العالمية.
كما تناول اللقاء عددا من القضايا والموضوعات,, وفيما يلي نص اللقاء:
* مضى على إنشاء كلية الشريعة في بيروت قرابة نصف قرن من الزمان ترى كيف تقيمون مسيرة الكلية في نشر العلم الشرعي، وما عدد المتخرجين من الكلية منذ تأسيسها وحتى الآن؟
إن العلم الشرعي نور يضيء درب الحياة ومجتمع بني الإنسان، لأنه يبصر بحقيقة هذا الوجود، ويدلنا كيف نسير في مهامه الحياة، وكيف تعالج الاختلافات الناشئة عن السنة الكونية.
وهو إلى ذلك سبيل لاهب لإعداد الدعاة إلى الله تعالى والعلماء بشريعة الإسلام وتعاليمه التليدة.
وقد استطاعت كلية الشريعة بجامعة بيروت الإسلامية التابعة لدار الفتوى أن تختط لنفسها طريقاً وسطاً في إعداد الطلاب والطالبات إعداداً علمياً قوياً من غير إغفال لما في هذا العصر من وسائل تقنية، لا يحسن بطالب العلم في شريعة الله المنتظمة لأمر الدنيا والدين على حدٍ سواء، لا يحسن بمن هذه حاله ألا يكون ملماً بهاتيك الوسائل والتقنيات، فكان إدخال الكلية لمادتي اللغة الانجليزية والحاسب الكمبيوتر في صلب المواد الرئيسية المقررة للدراسة، كما أشتركت الكلية في الانترنت، ولها فيه صفحة مميزة إن شاء الله تعالى.
وأما عن عدد الخريجين فقد جاوز الألف خريج من حين تأسيسها عام 1352 ه إلى حين صيرورتها فرعاً من فروع جامعة بيروت الإسلامية التابعة لدار الفتوى عام 1416ه.
* هل صحيح أن مناهج التعليم الشرعي عجزت عن مواكبة التغيير الاجتماعي لملاحقة مستجدات الفكر التربوي وتطبيقاته؟
إن الفهم الصحيح لقضية التخصصية المعرفية، يحدونا إلى القول بأن العلم الشرعي بمناهجه المتنوعة ضمن دائرة الأصول والثوابت المتفق عليها بين المسلمين شرقاً وغرباً، يشكل لبنة بارزة ودعامة صلبة في حركة الإصلاح الاجتماعي، ولم يكن في يوم ما العلم الشرعي المتأصل والمتأثل عاملاً في تعويق الإصلاح الاجتماعي بحالٍ.
ولا يطلب من العلم الشرعي كفن متخصص أن يقوم بدور غيره علىالصعيد الاجتماعي، ولا أن يزاحم من حيث هو تخصص الهيئات الاجتماعية القائمة على النهائض الأصلية، بل ينبغي تحقيق التكامل بين جميع الغياري على الإصلاح لتأدية الأفضل والأمثل، فكل من موقعه على تحقيق الكثير بالتكامل والتكافل.
والفكر أمر ينبعث من مكامن الفقه الحي القادر من دون ريب على مواكبة المستجدات في مختلف الاتجاهات، فمتى كان الفقه حياً كان مبيناً بحل ما يغري به مجتمع الناس من داءٍ دويٍ ونعل عصي.
* لحظ في السنوات الأخيرة أن أغلب المنتسبين للكليات الشرعية من ذوي المستوى العلمي المتدني وذلك بخلاف الجيل الأول الذي كان في الكلية قبل نصف قرن من الزمان,, إلى من تعزو ذلك؟
لا يمكن التعميم في هذا المجال، فبالنسبة إلى كلية الشرعية ببيروت الأمر مختلف نوعاً ما، فإن أكثر الطلبة هم من حملة الشهادات العالية في التخصصات الجامعية المختلفة، ويرغبون بدراسة الشريعة، كونها طريقة فكر وفهم وسلوك وأدب وأخلاق ودعوة إلى الله تعالى - من قبل ومن بعد وإنك لتدهش أشد الدهش إذا علمت أن في الكلية من يحمل شهادة الطب والصيدلة والفيزياء والهندسة والحقوق، وهم من أكثر الطلبة حرصاً على تلقي العلم ومشافهة العلماء والإفادة منهم.
ولا مراء في أنهم سيشكلون قوة تغييرية على هذا الصعيد، نحو مجتمع أكثر تفهما لدور رسالة الإسلام في هذا الكون ، بدءاً من الفرد، إلى الأسرة، إلى المجتمع كله.
* مادور الكليات الشرعية في إعداد جيل يواجه التحديات الفكرية ويتعامل مع معطيات العصر وفقاً لأسس وتعاليم الإسلام؟
دور الكليات الشرعية كبير وخطير في الوقت نفسه، كبير من حيث إن الإسلام ينتظم شؤون الدنيا والدين معاً من جهة كمال رسالته وشمولية نظرته، وخطير ، من حيث إننا لم ننجح حتى الآن في توحيد منهجية الخطاب الديني شكلاً ومضموناً.
ولاتذهب بك الأفكار إلى أنني أريد التوحيد في كل شاذة وفاذة، فإن هذا لا يكون ولا ينبغي أن يكون، لجهة خصوصيات المجتمعات الإنسانية من حيث التقاليد والأعراف التي لا تتعارض مع جوهر الدين وأساسه المتين.
وإنما أريد إلغاء التنافر في الشكل، وإلغاء التنابذ أو التنابز في المضمون.
ولعلي أن أضرب لك مثلاً ايضاحيا بحبة التين فهي في الشكل واحدة، وهي في المضمون بذور كثيرة لكنها اتسقت وتوحدت فصارت تمثل الوحدة في كثرتها، كما تدل على الكثرة في وحدتها.
وإن ما اتفق عليه المسلمون أكثر بكثير مما اختلفوا فيه، وأكثر ما اختلفوا فيه فللاجتهاد فيه مسابع، والقاعدة الفقهية جاءت صريحة لجهة النص على أنه، لا ينكر المختلف فيه ولكن ينكر المجمع عليه.
* استطاعت المملكة أن تنجز دولة حضارية على أرقى مستوى وفي نفس الوقت حافظت على قيمها وعاداتها الروحية,, ماهي الأسس والقواعد من وجهة نظركم التي جعلت المجتمع السعودي ينجح في أن يعيش الحضارة المعاصرة دون أن تتأثر عقائده.
إن المملكة العربية السعودية دولة ذات رسوخ في المحافظة على الإسلام والمسلمين، والتحسس بواقعهم وظروفهم، وهي قد خطت خطوات واسعة نحو الشمولية والتخصصية والإفادة من طاقاتها العلمية والفكرية والبشرية على حدٍ سواء.
وإن حرص المملكة على الاهتمام بشؤون الأمة يجعلها في مصاف الدول الناهضة لحمل دعوة الإسلام العالمية، لكن بثقافة عربية صميمة.
وإن أي دولة راقية حضارياً وثقافياً، إن لم تكن حضارتها وثقافتها مرتكزة على دين حقٍ وخطاب صدقٍ ، فإنها إلى تفكك ولو ببطء.
وإن وعي القيادات المخلصة في المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه المولى ورعاه ، تعي أشد الوعي العلاقة الوثيقة والعروة الوثقى بين مفهوم الدولة الحضارية ومفهوم الدين الحق، وأن هذين المفهومين لا أنفصام لهما، لتحقيق أي حضارة دولية أو دولة حضارية، من هنا رأينا التوأمة بين الدين والدنيا في هذه البلاد المباركة، وسنرى مزيداً من الخير إن شاء الله تعالى.
* هل ترى أن يكون هناك قنوات إعلامية خاصة بنواحي الدعوة إلى الله ومناقشة القضايا الإسلامية أم من الأفضل أن يتم ذلك من خلال القنوات الموجودة والمنوعة؟
وجود محطات إعلامية خاصة بنواحي الدعوة إلى الله تعالى ومناحي الفكر الإسلامي وقضايا الفقه الحي ، هو أمر جيد ومطلوب، لكن لا ينبغي إغفال ماللمشاركة في المحطات المتنوعة من تعميم لمفاهيم الدعوة والفكر والفقه الحي، على أن الشرط في هذا وذاك أن نترسم بمنهجية إعلامية تنفعل عن خطاب ديني متبصر متوثب يجمع ولا يفرق، يوحد ولا يشتت.
وإن جميع الغيارى على الدين والدعوة إليه، لمدعوون إلى المشاركة في إعداد الخطط والمشاريع الإعلامية، في مختلف المجالات التخصصية.
|
|
|