حين بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة بالإسلام واجه من المشركين وأهل الكتاب أشد أنواع الأذى والتعذيب، وتلك سنة الله تعالى ولن تجد لسنة الله تبديلا، قال سبحانه كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون, أتواصوا به بل هم قوم طاغون ولكنه صبر وصابر حتى صار خير أولي العزم من الرسل عليهم الصلاة والسلام .
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم لما بلغه أن رجلاً قال: انها قسمة ما أريد بها وجه الله، قال قد أوذي موسى عليه السلام بأكثر من ذلك فصبر ويقول صلى الله عليه وسلم ليس أحد أصبر على أذى سمعه من الله إنهم ليدعون له ولداً وإنه ليعافيهم ويرزقهم ، ومهما قيل عنه صلى الله عليه وسلم من إفك وكذب ومهما لقي من تعنت وأذى، فإنه لا يعدم وجود منصف يعرف رسالة الإسلام وما تحمله من حق وصدق، وان رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام ليس وجهه بوجه كذاب وليس فعله بفعل مفتر ولا دجال، وإن كان منعهم من اتباعه الكبر والحسد أو الخوف من ذهاب المجد والرئاسة يقول سبحانه وتعالى يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ويقول سبحانه فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون .
هناك أربع خصال عظام يندرج فيها غيرها يتميز بها هذا الدين الحنيف عن غيره من الأديان المحرفة والنظم البشرية فقد روى الإمام البخاري رحمه الله أن عبدالله بن عباس رضي عنهما أخبره أن أبا سفيان رضي الله عنه أخبره أن هرقل أرسل إليه فقال له حين سمع عن ظهور النبي صلى الله عليه وسلم فبم يأمر فقال: يأمرنا بالصلاة والصدقة والعفاف والصلة.
فتأمل أخي الكريم تلك الكلمات التي نطق بها أبو سفيان قبل إسلامه في وصف دين الله في أربع خصال: الصلاة وهي حق الله تعالى والصلة بين العبد وربه وهي أعظم أركان الدين وعموده بعد الشهادتين، أما الصدقة فحق العباد على العبادصدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم وأما العفاف فهو عنوان الفضيلة والطهر ومراعاة الحرمات، أما الصلة فاسم جامع لكل خير وبر وإحسان يقدم للأهل ولذي القربى والجيران وغيرهم، فالواصل موصول والقاطع ملعون فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم .
وكفى هذا الدين فخراً أن ينزل الله عز وجل في كتابه المجيد قوله سبحانه إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ما في القرآن آية أجمع لحلال وحرام وأمر ونهي من هذه الآية.
فهذه المبادئ وأمثالها التي أشرنا إلى بعضها في هذه الأسطر خير كفيل بالدعوة إلى الإسلام والدخول فيه، فما انتشر إلا بقوته الذاتية ولا سيما في مثل هذه الأزمنة التي ضعف فيها المسلمون وتخلوا عن شرائعه ومبادئه، فياله من دين ولو أن له رجالاً.
* كوالالمبور ماليزيا
mustashar@makloob.com