قبل ايام قليلة ودعنا عاماً رحل عنا بما فيه وارتحل، فمن اودع فيه خيراً فليحمد الله ومن اودع فيه غير ذلك فلا يلومن الا نفسه، وليتب الى الله عز وجل، ولكم يفرح المرء باليوم يقطعه وما يدري انه كل يوم يمر به فإنما يقربه من اجله.
انا لنفرح بالايام نقطعها وكل يوم مضى يدني من الاجل |
انها ايام مضت واشهر خلت ولن تعود ابداً وكل ساعة تمر عليك ايها الانسان فانما هي لك او عليك وهي من وقتك، وكما قيل السنة شجرة والشهور فروعها والايام اغصانها والساعات اوراقها والانفاس ثمارها, فمن كانت انفاسه في طاعة فثمرته شجرة طيبة ومن كانت انفاسه في معصيه فثمرته حنظل, وها نحن في هذه الايام وفي الشهر المحرم قد حل بنا عام جديد, انه ضيف علينا والضيف سيرحل فيمدحك او يذمك ومن حق الضيف على مضيفه ان يكرمه فيلكن يومك خيرا من امسك وغدك خيرا من يومك.
اخي المسلم: من رحمة الله عز وجل بعباده انه لم يتركهم هملاً بل شرع لهم على مدار العام اعمالاً جليلة ومواسم عظيمة يتقربون بها الى الله عز وجل، فأول هذه الاعمال المشروعة والمندوبة: الصوم:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: ما هذا؟ قالوا هذا يوم صالح, هذا يوم نجى الله بني اسرائيل من عدوهم, فصامه موسى: قال فأنا احق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه .
وكيف لا يكون الصوم من افضل الاعمال وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم انه قال، يقول الله عز وجل في الحديث القدسي: كل عمل ابن آدم له الا الصوم فإنه لي وانا اجزي به , وهكذا جميع العبادات مشروعة في العام كله، من صلاة وصيام وزكاة وحج.
فالصلاة: منها الفرض ومنها النفل، وكذلك الصوم منه الفرض ومنه النفل، والحج مرة واحدة في العمر فمن زاد فهو من باب التطوع, فجميع العبادات شرع لنا من جنسها ماهو فرض وماهو نفل, يتطوع بها المسلم ويتقرب بها الى الله عز وجل, فما ان ينتهي عمل من اعمال الطاعة والعبادة الا وبعده عمل عظيم وهكذا وقت المسلم كله, يجب ان يكون مليئاً بأعمال الخير والبر.
اخي المسلم: اعلم ان الحاسد لاينال من المجالس الا ندامة وذلاً ولا ينال من الملائكة الا لعنة وبغضاً ولا ينال من الخلق الا جزعاً وغماً ولا ينال عند الموقف الا فضيحة ونكالاً ولا ينال في النار الا حراً واحتراقاً.
واما انت ايها المحسود: فاستعذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر حاسد اذا حسد واصبر على كيد الحسود واعلم انه لا يضرك حسد الحاسدين الا بإذن رب العالمين وان الحاسد لا يضر الا نفسه, ولله در القائل:
اصبر على كيد الحسود فان صبرك قاتله كالنار تأكل نفسها ان لم تجد ما تأكله |
وبعد هذا كله نقول لم الحسد, ايها الحساد؟ وهل سمعتم ماقاله الحسن البصري رحمه الله,, قال: يا ابن آدم لم تحسد اخاك؟ فان كان الذي اعطاه الله لكرامته عليه فلم تحسد من اكرمه الله, وان كان غير ذلك فلم تحسد من مصيره الى النار ,,اللهم انا نعوذ بك من الحسد ومن كيد الحاسدين ونسألك ان تطهر قلوبنا من الغل والحقد والحسد, ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا انك رؤوف رحيم.
جابر بن عبدالله الشهري
رئيس هيئة محافظة النماص