هذه محاولة للاجابة عن سؤال: ماذا تفعل الرعية بالراعي الظالم والفاجر، مستنبطة من كتاب الله وسنة رسوله وفقه أئمة الهدى في نصوصهما، عملا بقول الله تعالى: (فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا) وعلى الكاتب ألّايخفي نصا يخالف رايه، وعلى القارىء التسليم راضيا مطمئنا:
1) حق الراعي على رعيته: طاعته فيما ليس فيه معصية، والدعاء له، والنصح له، قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات؛ مات ميتة جاهلية رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة,, لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم ومن النصيحة لهم جميعا الدعاء للراعي بالصلاح والتوفيق والهداية، قال الامام أحمد بن حنبل لما ذكر ولي الامر في عهده:
اني لادعو له بالصلاح والعافية,, لئن حدث به حدث لتنظرن مايحل بالاسلام, (كتاب السنة للخلاّل ص 84)، وقال البربهاري: اذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم انه صاحب هوى، واذا سمعته يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنة,, فأُمرنا ان ندعو لهم ولم نؤمر ان ندعو عليهم وان جاروا وظلموا، لان جورهم على انفسهم، وصلاحهم لانفسهم وللمسلمين, (شرح السنة ص 51).
2) وحق الرعية على الراعي: النصح لرعيته في أمور الدين اولا، ثم في امور الدنيا ثانيا؛ بنشر العقيدة والسنة بالتعليم والحكم والدعوة الى الله على بصيرة، وبمنع البدع واعظمها بناء المساجد على اوثان الاضرحةوالمقامات والمشاهد والمزارات، ومادونها من الزوايا وسائر بدع العبادات, وللرعية على الراعي حقوق الاحسان والرعاية، والا يكلفهم ما لايطيقون،و ان يوفر لهم من الخدمات المعيشية ما يطيق، وان يكون قدوة صالحة في الدين والدنيا، قال الله تعالى: (وأن احكم بينهم بما انزل الله ولا تتبع اهواءهم) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته الا حرم الله عليه الجنة رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: كلكم راع ومسؤول عن رعيته رواه البخاري.
3 ) جواب السؤال لمن قبل حكم الله في كتابه وسنة رسوله: على الرعية طاعة الراعي وان ظلم وجار، وان فسق وفجر، الا ان يأمر بمعصية الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: انها ستكون بعدي اثرة وأمور تنكرونها قالوا: كيف تأمر من ادرك منا ذلك؟ قال: تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم متفق عليه وقال صلى الله عليه وسلم: من يطع الامير فقد أطاعني ومن يعص الامير فقد عصاني متفق عليه,, بل قال صلى الله عليه وسلم: يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي قال حديفة: كيف اصنع يارسول الله ان ادركت ذلك؟ قال صلى الله عليه وسلم: تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع رواه مسلم, بل قال صلى الله عليه وسلم: كيف انت اذا كانت عليك امراء يؤخرون (أويميتون) الصلاة عن وقتها ؟
قال ابو ذر: فما تأمرني؟ قال صلى الله عليه وسلم: صل الصلاة لوقتها، فان ادركتها معهم فصل فانها لك نافلة رواه مسلم، ومع ظهور المعاصي من الشرك فمادونه في مسلمي اليوم الا من رحم الله؛ لم يؤمر باقترافها, ولوحدث ذلك وجبت طاعة الراعي في طاعة الله ومعصيته في معصية الله كما قال عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه احد رواة الحديث عن ذلك, وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.
* المستشار الديني بسفارة خادم الحرمين الشريفين في الاردن