Thursday 6th April,2000 G No.10052الطبعة الاولى الخميس 1 ,محرم 1421 العدد 10052



الأبحاث المعملية الطبية الموثقة تؤكد
أدوية الأعشاب مفيدة، ومضرة، وقاتلة

* تحقيق : مريم شرف الدين
لعبت الاعشاب والوصفات النباتية العلاجية الشعبية دورا هاما في صحة وعلاج البشرية، وظل هذا النوع من العلاج دعامة للطب لفترات طويلة، وما زالت على مر القرون تتناقلها شعوب، وأجيال من شعوب واجيال الى اخرى من خلال العادات والتقاليد والاساطير والحكايات بل والاغاني والامثال والحكم الشعبية لدى الكثير من دول العالم وفي مقدمتها (مصر الفرعونية) و(الهند) و(الصين),, وبلاد ما بين النهرين (بابل وآشور) و(اليونان القديمة) منذ آلاف السنين قبل الميلاد،,.
مخطىء من يقف ضد طب الأعشاب
* د, محمد بن ناهض القويز,, استشاري جراحة الكبد,, مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الابحاث يقول: في الواقع انا لست ضد طب الاعشاب,, ولا توجد لدي اي نزعة هجومية تجاه هذه النوعية من التداوي، ولكن كل هذا الشعور ناتج عن كتم احساسي تجاه معاناة هؤلاء المرضى الذين اصابهم شيء من الاذى بل وما زالوا يعانون من الآثار الناتجة عن ما يسمى بطب الاعشاب في ذات الوقت الذي يمكنني ان اقول فيه ان من هو ضد طب الاعشاب يعتبر مخطئاً، لأنني حتى وان كنت مع هذه النوعية من العلاج على الرغم مما سبق الاشارة اليه,, فلابد ان يكون ذلك في حالة استخدامها بالطرق والاساليب الصحيحة التي قد لا تتسبب في حدوث اي اشكالات اخرى للمريض الذي يتم معالجته بهذه النوعية من الطب واضافة معاناة جديدة اليه بالاضافة الى معاناته الاساسية.
ادعاءات باطلة
ويوضح، لأننا لو تساءلنا عما يحدث الآن لوجدنا ان هناك مجموعة كبيرة من الناس يحاولون تجميع بعض الاعشاب,, ووصفها للأفراد الذين يعودونهم ويترددون عليهم في شكل مركبات او وصفات علاجية,, ومما يؤسف له انه عند قيامنا بتحليل هذه التركيبات حقيقة نجدها عبارة عن مركبات ضارة بينما من يقومون بتداولها والترويج لها يدعون ان فيها كل الفائدة والشفاء وبالتأكيد توجد هناك نوعيات مفيدة من هذه الاعشاب,, ولكن ندعو الى تقنينها والى معرفتها بشكل صحيح الا ان هذا لم يحدث حتى الآن.
ونحن في مستشفى الملك فيصل التخصصي.
ومن خلال مركز الابحاث بدأنا منذ سنوات بتحليل تلك المستحضرات وتبين لنا مدى الادعاءات التي اطلقتها الفئات التي تمارس هذه النوعية من العلاج اما الاسباب التي اعطيت لها بموجبه واعتقاداتهم الخاطئة بأن لها القدرة على مقاومة الفيروس الوبائي والتأكد بالطبع من عدم صحة ذلك.
وليس هذا فحسب وانما اتضح لنا ايضا احتواء هذه الوصفات على مواد ضارة, وبعد كل هذا هل تطالبوننا بكتمان كل هذه الحقائق التي نشاهدها امام اعيننا ونتناسى نتائج التحليلات المتوفرة لدينا؟ ومباركة هذه الخطوات على الرغم من الاضرار التي تنطوي بين مركباتها ومعرفتنا بالمخاطر المترتبة عليها والتي تشكلها ايضا على مستخدميها,.
وايضا بالاضافة الى ما يوجد في طب الاعشاب من فوائد نحن لا ننكر بان 25% من نسبة الأدوية والعقاقير الموجودة تعود في اصلها الى الاعشاب,, ومع هذا نرجو ان تزداد هذه النسبة ولكن وكما سبق وان ذكرت الاستفادة منها وفق الاساليب العلمية الصحيحة وليست التعامل معها من منطلق (جمع بعض الاعشاب) والادعاء بأنها تندرج تحت مسمى العلاج او ادعاء من يقومون بوصفها بأنهم اطباء,, وللاسف الشديد حتى بعض المؤسسات التي تتخذ صبغة علمية تمارس او تتعامل مع طب الاعشاب بشكل خاطئ.
الناتج
ويلقي الدكتور القويز الضوء على شيء من هذه المعاناة فيقول: ومما سبق لنا مشاهدته تحول هذه الحالات الى حالات مرضية ووفاة البعض,, وتدهور الحالات الاخرى نتيجة لما يسمونه بالطب الوقائي للاعشاب,, وأخذ بعض التركيبات العشبية للوقاية من السكر,, ونتيجة ذلك نجدهم يحدث لديهم التهاب في الكبد,, وهذا بالطبع ما لا نرضى به او نقبله على انفسنا ولا على اقربائنا او غيرهم، وهذا مما يجعلني بالطبع وبشكل واضح وصريح وبدون مجاملة اقول بأن الادعاءات التي يطلقها البعض عبر وسائل الاعلام,, والتأكيد على النجاح في ادعاءات اقل ما يمكن ان يقال عنها,, انه قد تم تضخيمها مليون مرة ان لم تكن اصلا مفبركة.
دعوة للتحديث
ثم ينتقل للاجابة على السؤال المطروح الذي انطلقنا منه لمناقشة هذه القضية قائلا: في الواقع لا يوجد هناك ما يسمى او نطلق عليه (عودة لطب الاعشاب)، بقدر ما انها تعتبر دعوة لتحديث,, او الى تقنين طب الاعشاب والتحكم في المعايير التي من الممكن ان تجعلنا نتعامل معه لانه من الممكن ان يأتي البعض بمستحضرين يختلفان في الشكل إلا ان محتواهما يتضمن نفس التركيبة وهذا مما يجعلني اتساءل هل هذا يعتبر طباً؟؟! بالطبع لا,.
ايضا عندما نفكر في التعامل مع الاعشاب ينبغي علينا ان نتعرف على كمية الجرعة والمدة المقررة التي ينبغي على هذا المريض الاستمرار عليها والمواعيد التي ينبغي تناولها فيها وكل هذه العوامل بالطبع مما تقتضي منا ضرورة الاهتمام بها ومراعاتها وايضا الالتزام بها,,
ومع هذا التقنين لابد ايضا من وضع العلامات الخاصة بها,, وتصنيفها,, وتبويبها، اما ان نقول لا يوجد لها آثار جانبية, فهذا ليس فيه شيء من الصحة فمثلا التوباكو او التبغ كما نطلق عليه بالعربية ينتمي الى فصيلة الاعشاب والنباتات ولكنه مع ذلك,, يؤدي للاصابة بأنواع من الامراض وجلب العديد من المشاكل التي لا نهاية لها.
معايير التعامل
وبالتالي لابد من التعامل مع هذه الوصفات وفق الآتي: أولا ادعو الى تبويبها وتقنينها ومعرفة العقار المفيد من غيره، ثم تأتي الخطوة الثانية: التي نطالب من خلالها بتحديد المقدار والكمية والزمن, اضافة الى ضرورة مراجعة المريض في حالة حدوث اي آثار جانبية نفس الشخص الذي قام بوصف هذه العشبة.
وعندما اشدد على ذلك لأن المشكلة الآن تكمن في ان اغلب العطارين عند وصفهم لهذه النوعية من العلاج سواء استفاد هذا المريض او تضرر منها لا يطالبون مرضاهم بمراجعتهم لهم وانما نجد هؤلاء المرضى يلجؤون الينا وهذه الخطوات في تقديري لابد لنا من ادراجها ضمن عملية التصحيح التي نطالب بها والتعمق فيها بشكل علمي ايضا.
البدائل والعودة للطبيعة
كما يشاركنا د, شارو زانج من منظمة الصحة العالمية جنيف سويسرا حيث اكد من جانبه ان معظم دول العالم وبما فيها الدول النامية مع تقدم الحضارة والمدنية وبروز العديد من الامراض الحديثة وليست العضوية فحسب وانما الامراض النفسية ايضا او كما هي معروفة بأمراض المجتمع وعجزت عنها حتى الأدوية الحديثة جعل الدول تبحث الآن عن المصادر البديلة وهذه المصادر من الممكن ان تكون من الاعشاب الطبيعية.
وحقيقة من خلال تجاربنا لاكتشاف الادوية الحديثة وخصوصا في المرحلة الثانية او المرحلة التجريبية كما يمكننا ان نطلق عليها,, اتضح لنا ان الكثير من المواد الكيماوية لها تأثيراتها الجانبية وهذه الآثار عادة ما تتولد عن طريق التفاعل الكيميائي للجسم، وبالتالي كانت هذه من الاسباب التي جعلت الناس تفكر بصورة جدية بالعودة الى المصادر الطبيعية وهناك نقطة جوهرية مهمة للغاية يجدر بنا الاشارة اليها هنا هي تتلخص بأنه في الزمان القديم كان الشعب الصيني مثلا يعتبر الغذاء في نفس الوقت هو الدواء بينما ان المواد الكيماوية تعتبر دواء ولا تعتبر غذاء وعلى سبيل المثال حتى يمكننا معالجة الالتهاب الكبدي فلابد من ان تكون الكبد صحيحة من ناحية الغذاء وهذا بالتالي مما يتطلب البحث عن العناصر الغذائية التي يمكنها ان تتكفل بذلك ويمكنها اعادة هذه الكبد الى حالتها الاولى,لذلك فإن استخدامنا للاعشاب الطبية كدواء لابد من تكون في نفس الوقت عبارة عن غذاء والاستفادة بذلك من الكثير من العناصر الغذائية المتوفرة في الطبيعة .
وهذا مما يجعلها ذات مفعول احسن واسلم مما سيكون عليه الحال في حالة استعمالنا للمواد الكيميائية.
تزاوج أكاديمي
كما تشاركنا د, شيلين هو من المعهد الصيني للمواد الطبية الكلية الصينية للطب الشعبي التقليدي بيجينج (الصين).
حتى استطيع ان يكون بإمكاني التعبير أو الادلاء برأيي في هذه القضية,, لابد لي من ان اوضح بان دراسة الطب لدينا في الصين تنقسم الى قسمين احدهما طب اكلينيكي والآخر شعبي تقليدي, وهذا بالطبع مما يعني عدم الاعتماد في دراستنا للطب على الجانب الاكلينيكي فقط,, وإنما بالاضافة الى هذا الجانب فإنها تعتمد ايضا على دراسة الطب الشعبي التقليدي، وباعتباري طبيبة اسرة فهذا مما يجعلني اتخصص في هذين المجالين.
وتواصل حديثها قائلة: وحقيقة في ظل الاهتمام الكبير الذي توليه الصين والصينيون لهذه النوعية من العلاج يوجد لدينا الكثير من المراكز المتخصصة في طب الاعشاب,, وهي منتشرة تقريبا في مختلف ارجائها تقريبا بل وبامكاننا ان نقول ان كل منطقة من المناطق الصينية يوجد بها مركز خاص بالاعشاب الموجودة في هذه المنطقة نفسها وقيامه باجراء الابحاث الدائمة عليها وتصنيفها وفق الفوائد العلاجية المختصة بها وانواعها وتأثيراتها وكيفية تركيبها,, الخ.
لذلك اقول: بانه من الجميل جدا ان يكون هناك اهتمام واسع النطاق والانتشار بطب الاعشاب والاستفادة منه ايضا في خططنا العلاجية ولكن شريطة ان يتم ذلك وفق المعايير والضوابط السليمة والصحيحة وعدم اخذ هذه النوعية من العلاج بشكل اعتباطي او وصفنا لها للاضرار بصحة المريض او الآخرين لانه عوضا عن معالجتنا له او الاستفادة من هذه الاعشاب بالشكل الصحيح,, ربما سنضيف عليه اعراضاً مرضية اخرى الى مرضه الذي يعاني منه، لانه وكما يوجد لاي شيء في العالم تأثيراته الايجابية والسلبية فكذلك هو الحال بالنسبة للاعشاب.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون مسرحية

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

لقاءات

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved