| العالم اليوم
ليس الكتّاب العرب وحدهم الذين رأوا في انسحاب قوات الاحتلال الاسرائيلي من جنوب لبنان تكريساً للهزيمة العسكرية والسياسة الاسرائيلية في لبنان، فمعظم كتّاب الصحف وخبراء الاستراتيجية والمحللين السياسيين ذكروا أن هذه الحقيقة أكثر من مرة، بل حتى الاسرائيليين أنفسهم رددوا هذه النتيجة التي أصبحت تعد في الكيان الصهيوني الاسرائيلي بديهية، بل إن ايهود باراك رئيس الحكومة الاسرائيلية الحالية وظف الانسحاب من جنوب لبنان كورقة انتخابية وفعلا ساهم عرضه بالانسحاب من جنوب لبنان في حصوله على أصوات العديد من الاسرائيليين الذين وجدوا في الانسحاب حفظاً لأرواح شبانهم الذين أصبحوا صيدا سهلا لرجال المقاومة اللبنانية.
وهكذا فإن الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان الذي أصبح استحقاقا سياسيا داخليا يستوجب التنفيذ من باراك وحزبه، هو في الحقيقة رضوخ اسرائيلي لالأمر الواقع الذي فرضته المقاومة اللبنانية، وليس تحسنا في سلوك الاسرائيليين الذين استيقظت ضمائرهم بعد كل هذه المدة ليتذكروا قرار مجلس الأمن الدولي رقم 425 الذي أمرهم بالخروج من لبنان، وظلوا يماطلون حتى أجبرتهم البندقية والكاتيوشا على الهروب المذل.
وانسحاب القوات الاسرائيلية المحتلة الذي هو هزيمة عسكرية وسياسية بكل ما تعني هذه النتيجة، يحاول الاسرائيليون أن يجعلوا منه فائدة اسرائيلية، من خلال الإيهام بأن انسحابهم هدفه توريط لبنان وسوريا معاً، في حين نرى وكثير من المحللين ان ليس هناك اي توريط ولا توجد اية فرصة لنجاح مناورات إسرائيلية وجعل عملية الانسحاب لمصلحتها، والذي يتابع الحملة الدبلوماسية الاسرائيلية وتصريحات قادتها السياسيين والاسرائيليين يرى أنها تعتمد على الطلب من الامم المتحدة وبعض القوى الدولية إرسال قوات أممية لتحل محلها، وهو طلب من الناحية القانونية والمنطقية مرفوض كلياً فالذي يطلب في هذه الحالة لبنان لأن الأرض المحررة أرض لبنانية وأهلها هم الذين يعرفون مدى حاجتهم لقوات عسكرية أو مراقبة، أما اذا أرادت اسرائيل أن تحمي حدود شمال فلسطين من الذين لا يزالون يسعون لانتزاع حقوقهم منها، فعليها هي أن تطلب قوات لحمايتها، وفي هذه الحالة لتضع تلك القوات في الاراضي الشمالية لفلسطين المحتلة.
,مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني Jaser @ Al-jazirah.com
|
|
|
|
|