| محليــات
على الجدار أمامي لوحة منقوشة تحمل حكمة عميقة وبأسلوب ما قلّ ودلّ المختصر المفيد إن مستقبلك يتحدد بما يدور في داخل رأسك عندما تطلع عيناك على ما يدور خارجه .
أجل,, إن ترجمة ما نرى من مؤثرات خارجية الى مشاعر ودوافع داخلية ذاتية هي ما يقرر انفعالاتنا وقراراتنا وخطواتنا.
اليوم نتلفت حولنا فنرى الكثير مما يتعلق بنا وما يتعلق باختلافنا عن الآخرين او المشترك بيننا وبينهم, وتظل انفعالاتنا خاصة بنا وقراراتنا معرضة لانحرافات الترجمة بين ما تلتقط أعيننا من تفاصيل، وما نفهم مما نرى.
بجانب اللوحة المنقوشة يطالعني التقويم السنوي لعام 2000م, تقويم أرامكو يجمع التاريخ الميلادي والتاريخ الهجري ويحدد ايام العمل ومواعيد الاجازات الرسمية والاعياد ومواعيد العمل, يحاول التغلب على صعوبات التناقض ويحقق التعايش مع تداخلات ما يحمله محيطنا الداخلي والخارجي.
بقي يومان من عامنا الهجري 1420, رأس السنة الهجرية يوم الخميس القادم,, يوم إجازة آخر الاسبوع لن نكون يومها في العمل, ولا الطلاب في المدارس.
سنتنا الدراسية من أقصر السنوات مقارنة بغيرنا في العالم النامي، ونحن نصرُّ على أننا من العالم النامي، ونحلم بأن نكون من العالم المتقدم يوما, لسنا عالما متخلفا الا حين يسيِّرنا بعض ما يجول داخل رؤوسنا حين تطالعنا الحقائق في عالم الآخرين.
السنة الدراسية اليابانية أطول المواسم الدراسية في العالم.
وبكل المقاييس تعتبر اليابان عالما متقدما,, ومع هذا لا أدري إن كان اليابانيون أكثر سعادة من غيرهم من سكان العالم.
السويديون وبنو عمهم من سكان اسكندنافيا كانوا يعتبرون الانجليزي شعبا بدائيا متخلفا,, والانجليز يعتبرون الهنود شعبا متخلفا,, اما نحن في الجزيرة فقد كنا ننظر الى الهنود كشعب متقدم يصنع الثياب والعطور والذهب ونستوردها منه.
الآن، أغلبنا يرى الهند تجمعا متخلفا,,! للهند مستقبل واضح في عصر المعلومة الالكترونية، ونحن ما زلنا نستورد من الشرق ليس التوابل فقط، بل الاجساد التي تعرق بدلاً عنا,, بل توسعنا من الهند الى امتداد القارة الآسيوية كلها وبعض الافريقية.
عجيب,, كيف رأى هتلر ان الشعب الآري فقط هو المتقدم؟!
كيف وضع العرب واليهود والغجر والهنود والزنوج في سلة واحدة لاتستحق الحياة؟ حق البقاء احتكره فقط للشعب الآري الجرماني, لم ينفع اعتقاد اليهود بينهم وبين أنفسهم أنهم شعب الله المختار, ولم ينفع احتجاجنا بأننا لسنا يهودا, اليهود احتكروا المحارق لسلالتهم ولو بالاختلاق وخرجوا من أساطيرهم مطهرين يطالبون بالتعويض وحصلوا على الكثير منه وما زالوا يحصلون.
نحن احتفظنا بفخرنا مقابل الاهانات الاوروبية,, وما زلنا نبتلع اهانات كثيرة ونصرُّ على تفسير ما نرى بغير ما نحسُّ, ولذلك لا نتأمل التقويم كثيرا لأنه يذكرنا بأن بيننا وبين الآخرين برزخا من سنوات السبات والفخر بقدرة تذكر يقظتنا الامس.
|
|
|
|
|