| الاقتصادية
..المال العذب مورد حيوي لا غنى عنه إلا أنه نتيجة للضغط السكاني، فإن نصيب الفرد منه آخذ في التناقص المستمر.
تقول آن بير في كتابها ·الماء مصدر حيوي : لتوافر قدر محدد من الموارد الطبيعية تأثير حاسم على نوعية حياتنا، بل وعلى بقائنا في كثير من الأحوال.
ويختلف الماء الذي هو مصدر للحياة كلها، عن الموارد الأخرى، من حيث، إنه لا بديل له، إذ إن النشاطات اليومية كالشرب والاغتسال وري المحصول تعتمد جميعها على موارد المياه، غير أنه نتيجة للضغط السكاني، فإن نصيب الفرد من الماء العذب في نقصان مطرد, وحتى أن البلدان التي اعتادت وجود وفرة من الماء فيها، تعاني حاليا أو ستعاني في القرن القادم من عجز لا يعرف مداه، فإلى أي مدى سنمضي وما الثمن الذي سندفعه.
لقد زاد استهلاك الماء على المستوى العالمي عشرة أضعاف منذ بداية هذا القرن, وتعزى هذه الزيادة المتفجرة إلى اتجاهين مترابطين: تضاعف عدد سكان العالم نحو أربع مرات، من 1,6 بليون في عام 1900م إلى 6,2 بلايين متوقع الوصول إليها في عام 2000م، في حين زاد استهلاك الفرد زيادة واضحة, وفي عام 1940م كان معدل استهلاك الفرد من المياه في جميع الأغراض 400 متر مكعب.
وبحلول عام 1990م تضاعف هذا الرقم, وفي البلدان النامية بلغ معدل الاستهلاك الشخصي السنوي بالنسبة لاحتياجات الزراعة والصناعة والاستعمال المنزلي نحو 1200متر مكعب من الماء العذب.
وفي العالم النامي ينخفض استهلاك الفرد بشكل عام إلى 520 متر مكعب في العام, وباستعراض الاستهلاك المنزلي كبند منفصل، نجد أن أعلى مستوى سجل بالدول الصناعية وهو 700 لتر في اليوم، هي كمية تساوي أكثر من 24 ضعفا للكمية المستخدمة في الدول النامية.
إنَّ الارتباط بين مستوى المعيشة واستهلاك المياه ارتباط وثيق للغاية, فعند مقارنة مستويات التنمية قد يتفاوت الطلب على المياه تفاوتا كبيرا.
وقد قدّرت جيان مارجت المتخصصة في علم حركة المياه أن النسبة بين كميات المياه المستخدمة ووحدة إجمالي الانتاج القومي قد تصل بالنسبة من 1 إلى 1000 ويرجع ذلك في أحد جوانبه إلى الأهمية النسبية للزراعة في النشاط الانتاجي، وفي الكفاءة أو من ناحية أخرى في استخدام الماء للري.
ويتوافر الكثير من التقنيات القديمة أو الحديثة لتفادي العجز ومنع التبديد والإسراف وباستخدام هذه التقنيات يمكن تقليل استهلاك الزراعة للمياه ما بين 10 و50 في المائة، وخفض الاستهلاك الصناعي للمياه من 40 إلى 90 في المائة، في حين أن الاستهلاك الحضري عن طريق الصيانة وإدارة الطرق السريعة يمكن أن ينخفض بمقدار الثلث.
ويعتمد أي انخفاض في الاستهلاك المنزلي أساسا على سلوكيات المستهلك لذا فمن واجب الدولة أو البلديات تقديم المعلومات التي تجعل الناس على وعي بمسؤولياتهم.
إن النمو السكاني المستشرف من الآن وحتى سنة 2050م سيكون أشد في البلدان التي وصلت الأمور فيها إلى حالة الخطر، أو الندرة النسبية او الندرة الخطرة، بينما سيبقى عدد سكان البلدان ذات الوفرة في الماء ثابتا إلى حد ما.
وتأسيسا على أحدث تنبؤات الأمم المتحدة سيصل تعداد السكان المرتبطين بالبلدان التي تعاني من النقص إلى 4,5 بلايين في عام 2050م وهو نفس عدد السكان تقريبا المرتبطين بالبلدان المزودة جيدا بالماء,إن وسيلة علاج ندرة الماء لا تتأتى من خلال التخفيض الحاد في نمو السكان، أو من خلال التخفيض الحاد في الاستهلاك، ولكنها تتأتى من خلال توحيد الإجراءين، السكان والاستهلاك، يتسم بالحكمة والترشيد.
ويجب التأكيد على أنه في تلك البلدان التي يكون فيها توريد الماء أقل ما يكون، غالبا ما يستمر نمو السكان بمعدل من الصعب تحمّله, لكن ابطاء النمو السكاني، رغم أنه يمنح مزيدا من الوقت للبحث عن حلول، فإنه لا يمكن اعتباره حلا لمشكلات الماء وموارد المياه.
والمضي بلا تخطيط، كما هو حادث على نحو واسع في الوقت الراهن، سيكون أمراً غير سليم، نظراً للتهديدات الوشيكة لندرة المياه، وتوقي السلامة خير، من الوقوع في الندم، إن علينا أن نطبق المبدأ الوقائي.
إن المستقبل يكمن في تطوير استخدام ماء قليل الملوحة وتكرير ماء النفايات وملاحقة للثورة الخضراء, إنّ الوقت قد حان للثورة الزرقاء.
*عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود *عضو جمعية الاقتصاد الإسلامي *عضو جمعية البيئة السعودية
|
|
|
|
|