أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 31th March,2000العدد:10046الطبعةالاولـيالجمعة 25 ,ذو الحجة 1420

شرفات

هل للإخلاص علاقة بالمورثات ؟؟
جينات الإخلاص تحدد علاقتك بالآخر !تركيبتها تؤثر في السلوكيات
وهل أصبح ممكنا في القريب العاجل تحويل السيد )كازانوفا( المعروف بمغامراته العاطفية الكثيرة، الى إنسان مخلص إذا ما أجرينا تعديلاً بسيطاً على أحد جيناته؟؟.هل ارتبط فعلا موضوع تفسير الاخلاص ايضا بالجينات؟,, الجواب على ما يبدو نعم!! ولكن حتى الآن عند الفئران فقط!,, )إذا صدمتك الفكرة عزيزي القارىء إليك الشرح(.يتم ذلك بنقل مورثة مسؤولة عن انتاج ما يدعى )فاسوبريسين( من فأر الحقل المعروف باخلاصه لشريكه، الى فأر من نوع آخر هو فأر متقلب الأهواء، متعدد العلاقات, فما لبث هذا الأخير الى ان تحول الى رفيق، حنون، مخلص، مثالي.والتجربة أجريت من قبل باحثين أمريكيين، وقد نشرت حديثا ضمن مجلة علمية بريطانية تدعى )الطبيعة( ويطرح هذا البحث مجددا السؤال ذاته حول تأثير الجينات على السلوك بشكل عام.جاءت هذه الدراسة في خضم الوقت الذي نوقشت فيه تأثيرات ما يسمى آنئذٍ بالجينات المسؤولة عن الشذوذ، الذكاء، العنف، الاجرام، الإدمان,,, إلخ.وقد كانت هذه الاكتشافات مثار جدل وشك وغالبا ما كانت مترافقة بنوع من الدعاية الاستفزازية، من هنا وجب علينا أخذ الحيطة، فالأفضل التوجه قدما ولكن بحذر شديد.فالمورثة ليست بالمفتاح الأول والبسيط الذي يوضح ويشرح السلوك الأمر يبقى متعلقا أيضا بالعامل المشجع او المحرض على التصرف والسلوك ضمن البيئة.ونحن اليوم ومن خلال هذه الدراسة محصورين ضمن هذا النطاق بالذات، فعلى سبيل المثال لا الحصر: كوننا نملك ارجلا من الناحية الجينية تسمح لنا بالسير فهذه ناحية سلوكية بحتة، لكن هذه المسلمة وحدها لا تجعل من السواد الأعظم من الناس او الأشخاص العاديين متسابقي ماراثون, وبالتالي فإثبات وجود جينة للاخلاص عند أحدنا لا يعني بالضرورة ان كل الأزواج سيكونون مخلصين في المستقبل فقد تكون لديهم حجج عديدة للتصرف على نحو مختلف على أغلب الظن!!.إلا ان هذا النوع من الدراسات يبقى كنوع من ضروب الحظ بحد ذاته، لأن تلك الدراسات ستنير الطريق في هذا الاتجاه وستميط اللثام عن وجودنا ككل وستفسر لنا علميا أسباب بعض الأمراض العقلية او الاضطرابات النفسية وحتى التصرفات الاجتماعية التي نسلكها عادة.وإنه ليصعب علينا تأويل تلك الأسباب أخلاقيا او سياسيا خشية تبعاتها التي قد تؤثر سلبا على علم تحسين النسل.من الملاحظ ان انماط السلوك الاجتماعي والتكاثر عند العديد من الفصائل الحيوانية مرهون بالتأثيرات الهرمونية المفرزة من المخ, وأحد تلك الهرمونات التي درست عن كثب سواء عند الخراف او عند القوارض هي جزء )الفاسوبريسين( وذلك هرمون مفرز من الغدة النخامية )المنطقة المركزية للمخ( فتؤثر على سطح الخلايا العصبية وتحديدا على لواقط الجزيئات التي يختلف توزيعها بشكل كبير ضمن المادة الدماغية من نوع لآخر.وقد كان الهدف المراد بلوغه من قبل الباحثين هو التأكد بشكل قطعي من أن هذه الخلايا الدماغية هي فعلا من يحكم سلوك الكائن المخلص الخاضع لتأثير )الفاسوبريسين( وهو واقع الحال بعد دراسات عدة فبمنع مادة )الفاسوبريسين( من الوصول الى لواقط الدماغ إذا ما حقن الكائن بمادة مضاد هرموني نلاحظ تجميدا تماما للسلوك العاطفي والأبوي عند الذكر.ومن التجربة توصل علماء الوراثة الأمريكيين الى فرضيتين اثنتين: الأولى: أن هذا الهرمون يمكن للواقط الدماغية عند فأر الحقل لما تتمتع به من كفاءة ان تمتصه بقدرة عالية وهذا بحد ذاته نجاح في بلوغ الهدف المرجو, والثانية: ان حقن مادة )الفاسوبريسين( داخل نوع آخر من الفئران وهو فأر المروج يعزز بالطبع محاولاته للتكاثر ويحرض عنده الغريزة الاجتماعية، والغريب ان التجربة نفسها تمت على نوع آخر من الفئران تدعى فئران الجبال ولم تعط هذه المادة أي نتيجة.يمكن ان نستخلص ان التركيبة الدماغية التي كانت هدف هذه الدراسات بدت بشكل مؤكد مختلفة عند هذه النماذج من الفئران، فلكل تركيبة الخاصة إما ان تعمل فيها مادة الفاسوبريسين أو لا تعمل,, وليكون الأمر كذلك لا بد من وجود اختلاف جيني كبير من حيوان لآخر، وهذا فعلا ما أثبت لاحقا، فقد كان فأر الحقل يحمل مورثة ذات منظومة اضافية لوحظ غيابه التام عند فأر الجبال.أما المرحلة الأخيرة لهذه الدراسة فقد كان من الضروري فحص تأثير هذه المنظومة الجينية الخاصة بنقلها الى نوع آخر من الذكور حصرا, وقد كانت للباحثين تطلعات أخاذة قادتهم الى طرح تساؤلات نحو: ماذا لو ان هذا الجين المنقول استطاع تحطيم حاجز النوع بتعديله لسلوك هذا النوع بالذات؟ وقد قام لاري يونغ وطاقمه بإيجاد أربع سلالات جديدة من الفئران اجروا تعديلا ضمن جيناتها وكان فأر الحقل هو المتبرع لهذه الجينات, وقد تقبلت السلالات الجديدة هذه المورثة وأدت مفعولها داخل أدمغتهم وخاصة عندما حقنت أدمغتهم بالفاسوبريسين حيث كانت النسبة المحقونة كفيلة عند الفأر الذكر ان يبني سلوكا اجتماعيا محبا ومخلصا وأبويا اتجاه محبوبته السيدة الفأرة كالذي يتصرفه فأر الحقل من تلقاء نفسه أي دون حقن.والنتيجة التي خلص اليها الباحثون هي أنه اذا كانت بعض الجينات مسؤولة فعلا عن تفسير بعض السلوكيات الاجتماعية المعقدة فإن التغيير في تركيبة جين او مورثة له أثر حاسم على جزء كبير من هذا السلوك.كل أنماط الأزواج موجودة في الطبيعةمخلص أو غير مخلص؟ ان تصنيف الفصائل الحيوانية حسب سلوكها الغريزي لم يؤخذ يوما على محمل الجد لما يتطلبه هذا التصنيف من عمل خارق ناتج عن الاعداد الهائلة للحيوانات وصعوبة تفسير الكثير من سلوكياتها, ولنأخذ فصيلة الطيور كمثال على ذلك فباستثناء الديك الرومي الذي يمكن لبيضته ان تعيش بوسائلها الخاصة فإن باقي الطيور تعيش على شكل ازواج وكل شريك يبحث عن الآخر, اما موضوع الارتباط بشريك واحد فقط فيعود عند بعض الفصائل الى ما تتطلبه شروط حضانة البيضة اي تغذية الصغير من مشاركة بين الزوجين، وهذه المهمة بحاجة الى الطرفين معا وبالتالي تؤثر على عدم ترك الشركاء لبعضهم البعض والاكتفاء بالشريك مدى الحياة دونما الرغبة بتغييره.ولكن الشذوذ عن القاعدة وارد أيضا عند بعض الطيور كما هو الحال بالنسبة الى القنبرة حيث ان هذا النوع يتعرض لخسائر فادحة في مواسم الإباضة لذلك ما إن تضع الأنثى البيضة للتفقيس يقوم الذكر بحضن البيضة بينما تدخل الأنثى في شجار مع قريناتها لاقتسام الذكور القليلة الباقية دون حضانة, وفي أوروبا نوع من الطيور كان يعتقد انه يعيش مع شريك واحد فقط، ولكن اكتشف فيما بعد ان لكل ذكر زوجتين وما ان تحمل الأولى حتى يذهب الى الثانية, وفي جزر كالوبا كوس فصيلة من الطيور حريصة كل الحرص على بقائها مخلصة لشريك واحد سواء كان هذا الشريك ذكرا أم أنثى لأنهما يتناوبان على حضانة البيضة والغريب ان هذا النوع يبقى مخلصا لشريكه طيلة حياته.وأخيرا يوجد في القطب الجنوبي نوع من طيور البطريق المخلص ولكن بشرط احترام موضوع حساس للغاية وهو أنه إذا ما عادت الأنثى الى العش ولم تجد ذكرها وجب عليها الذهاب مباشرة والبحث عن شريك آخر لتلقيحها إذ لا يمكنها الانتظار فإذا تأخر تفقيس بيوضها كثيرا تعرض صغارها للهلاك المحتم من قبل أنواع أخرى من الحيوانات.

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved