طوفان الفرح، وفيض السعادة عند إنجاب طفل,, هي المشاعر الحقيقية الأصيلة التي تنبع داخل الإنسان أيا كان يقيم ولكن تختلف طرق التعبير عن هذه السعادة الغامرة فيتبارى كل إنسان حسب تقاليده وعاداته ومورثاته الاجتماعية في إظهار الفرح والسعادة، فتختلف طريقة التعبير عند انجاب الطفل في مصر حيث يجلب للمولود أبريق إذا كان ذكرا وقلة إذا كانت بنتا ورش الملح في عين الحسود، وفي الأردن يتم تبخير الغرفة وفي فلسطين تذبح للأم دجاجة إذا كان المولود ذكرا وديكا إذا كانت بنتا وغيرها من العادات,, في هذه السطور نتعرف على العادات والتقاليد المصاحبة لإنجاب الطفل وختانه في بعض البلدان العربية.ففي مصر يحتفل الأهل بميلاد الطفل الذي يدعم مركز الزوجة في الأسرة وخصوصا إذا كان ذكرا، وكان دعاء ليلة الزفاف للعروس في المجتمعات المصرية قديما ربنا يجعلها شجرة تطرح وتملا المطرح أي المكان ويقصد بذلك البيت.إن إنجاب الزوجة معناه انها مصدر خير وبركة لزوجها تمتد بنسبه، وتؤكد وجوده في الحياة, وإذا لم تنجب الزوجة، أو حتى تأخر الإنجاب لفترة من الزمن، حزنت الزوجة كثيرا والمجتمعات الريفية والشعبية في مصر كانت وما زالت تفضل إنجاب الولد الذكر ومما يذكر في هذا:لما قالوا ده ولد,, انشد حيله وانسندولما قالوا دي بنية,, انطبقت الدار عليهولما قالوا ده غلام,, انشد ظهري واستقام ولكن الطبيعة الطيبة للمجتمعات المصرية خاصة في المناطق الشعبية البسيطة سرعان ما تواسي أم البنات بالقول الشعبي:لما قالوا دي بنية,, قلت يا ليلة هنيةتكنس لي وتفرش لي,, وتملا لي البيت ميهولما قالوا ده غلام,, قلت يا ليلة ضلامأكبره واسمنه,, وياخدوه مني النسوان .الحسد والعين الشريرةوبمجرد ولادة الطفل يصنع له حجاب، يحجب عنه الحسد والعين الشريرة,, كما يعتقد البعض,, ويوم سبوعه يضعون بجواره قلة إن كان بنتا، أو أبريقا إذا كان ذكرا ومع الأبريق أو القلة في الصينية توضع حبات الفول، وتحت رأسه يضعون الخضرة النضرة,, وفي الصباح تضعه القابلة وهي المرأة التي كانت تساعد النساء عند الولادة في غربال قائلة له اسمع كلام أمك,, اسمع كلام أبوك ثم تحمله وتطوف به أرجاء البيت,, وفي نفس الوقت يحمل الأطفال الشموع ويتغنون له.تبخير الغرفةوفي الأردن يعد إنجاب الأولاد موضع تفاخر، لأنه يعبر عن رجولة الزوج وخصوبة المرأة، والمجتمع الأردني يفضل انجاب الذكور، غير أن أم البنات الأردنية مثل اختها المصرية لا تعدم من يواسيها في حزنها في شكل مثل يقول أو أغنية تقول:هناها يا هناها,, والباشا يتمناهاالف يحف والف يزف,, والف يباري هودجهاوالباشا والمتعرف,, حضروا ليلة خطبتها ومن الطقوس المرعية أثناء الولادة تبخير الغرفة، وقراءة بعض الأوردة,, ومنذ اليوم أول وحتى اليوم السابع )السبوع( تقدم المأكولات والمشروبات للمهنئين,, وفي اليوم الثالث يحتفل بتفتيح العين وفي اليوم السابع يقدم غداء السبوع ولا يمر يوم السبوع بدون طقوس من تكميل وغربلة للطفل واحتفالات!.السبوع في فلسطينوفي فلسطين كانت هناك في الماضي عادات وتقاليد تراعى عند عند حدوث حالة ولادة، إذ هي الهدف الأول للزواج، فيحرص رب الأسرة على انجاب الأبناء ليرثوا الأرض، ويعاونوا آباهم في العمل، ولذلك فإن المرأة تستمد أسباب رسوخ قدمها في البيت من عدد الأطفال الذين تنجبهم.وإذا حملت المرأة فلابد أن تلبى جميع طلباتها من الطعام، خشية أن تظهر الوحمة على جسد المولود , وهناك مزيج من زيت الزيتون والسمسم والزبد يسخن مع البصل والثوم تتناوله الحامل إذا اشتهت شيئا لا يمكن تلبيته.وفي الأزمنة الماضية كانوا عندما يقطعون الحبل السري لبنت يقولون هذا الحبل للولد الفلاني فتصبح البنت مخطوبة لذلك الولد.ويقدم للأم فور الولادة كأس من القهوة وطبق من حساء الدجاج، وتذبح دجاجة إذا كان المولود ذكرا، ويذبح ديك إذا كانت المولودة بنتا.أما بالنسبة لحفلات الختان، فيلاحظ أن ختان الصبي مناسبة هامة تتشابه في معظم البلاد العربية، إذ يحتفل بها الأهل والأصدقاء,, وكثيرا ما يضم حفل الختان أكثر من صبي,, وتتم العملية عادة أثناء الاحتفال بإحدى المناسبات الدينية خوفا من الحسد والعين الشريرة.وغالبا ما يرتدي الصبي الذي اختتن ثيابا جديدة زاهية اللون، غالبا ما تكون بيضاء، وفي الماضي كان يوجد تقليد عجيب، مقتضاه أن يقف الرجال في حلقة وهم يحنون رؤوسهم ويقربونها بحيث يكاد رأس الواحد يلمس رأس الآخر، حتى لا يسمحوا بتسرب النظرات الحاسدة إلى داخل الحلقة التي يقف فيها المطهر وهو يقوم بعمله وهم يغنون:يا عين صلي على النبي,, والورد فتح للنبي .واحتفالات الختان تشبه احتفالات الزواج إلى حد كبير، بل إن الصبي يسمي العريس وله موكب يطوف شوارع القرية، وهو يرتدي جلبابه الأبيض وقد زُيّن بالأزهار.وتبدو حفلات الختان وكأنها بروفة حفلة الزواج الذي ينتظر الصبي حتى يكبر ويتزوج، كما يلاحظ أن الاحتفال نفسه يكشف عن رغبة أهل الريف بوجه خاص في البلاد العربية في إنجاب الذكور.
حمزة سعد |