| أفاق اسلامية
* حوار:سَلمان العُمري
أكد المفكر الاسلامي فضيلة الدكتور علي جمعة محمد عبدالوهاب ان السبيل لإقامة سوق عربية او اسلامية مشتركة هو صلاح نية المسئولين في البلاد الاسلامية.ودعا فضيلته في لقاء معه ل )الجزيرة( الى ضرورة توحيد الجهود لإنشاء دار لموسوعة اسلامية عربية تصدر مجددة كل عام او عامين، وتنمو كما هو شأن كل الموسوعات.ونبه الدكتور علي جمعة الى انه مع تعقد الواقع الذي يعيشه العالم الآن وشيوع التقنيات الحديثة فإن المسلمين بحاجة لأداة تلحق بأصول الفقه وتتناسب مع عقيدة الإسلام وشريعته، وتمكن الفقيه من الإدراك الصحيح للنص من ناحية وللواقع الجديد من ناحية اخرى، وفيما يلي نص اللقاء:* في البداية سألنا فضيلته,, عقب حصولكم على بكالوريوس التجارة تحولتم الى الدراسات الاسلامية والشريعة والقانون بجامعة الأزهر وحصلتم على الليسانس والماجستير والدكتوراه,, ما السر وراء هذا التحول؟ وهل استفدتم من مؤهلكم التجاري بعد عملكم المتخصص؟لقد درست في ظل ازدواجية التعليم التي تعيشها البلاد الاسلامية على نظام التعليم العام، ولما أردت ان ادرس الدراسات الشرعية تبين لي ان جامعة الازهر لا تقبل الا المؤهلات العليا، فدخلت كلية التجارة وانهيتها ثم التحقت بالأزهر بموجب تلك الشهادة، ولقد افادتني دراستي للنقود، والبنوك، والاقتصاد، والتجارة، والمحاسبة، والإدارة في الفهم الدقيق للناحية الاقتصادية عند دراستها من الجانب الشرعي بعد ذلك، خاصة أنني كنت حريصاً على حضور كل المحاضرات ومتابعة كل الكتب اثناء الدراسة التجارية مما جعلني أفهم اصول تلك العلوم والصورة العامة الدقيقة لها.* فضيلتكم متخصص في أصول الفقه,, ألا ترون حاجة الأمة الى فقه معاصر يتمشى مع العديد من المستجدات التي لم تكن قائمة من قبل، مثل فقه الأقليات المسلمة، وفقه البنوك، والإعلام، وغير ذلك من المشاكل المعاصرة؟أصول الفقه هو اساس الفهم، وبعد تعقد الواقع، وازدياد سرعة المواصلات والاتصالات وشيوع التقنيات الحديثة تغير البرنامج اليومي للانسان مما استوجب انشاء ادوات جديدة لفهم ذلك الواقع وبيان كيفية ايقاع الاحكام الشرعية عليه، وفهم الواقع ظهر في الغرب عند حدوث ذلك التغير في صورة العلوم الاجتماعية والانسانية، لكنها نبتت في بيئة تخالف دين الاسلام ونحتاج الى اداة تتناسب مع عقيدة الاسلام وشريعته، وهذه الأداة من المناسب ان تلحق بأصول الفقه، فهو يحتاج الى تجديد بمعنى نموه واشتماله على ما يمكن الفقيه من الإدراك الصحيح للنص من ناحية وللواقع من ناحية اخرى فنكون قد قمنا بواجب الوقت، وخرجنا من تقليد النوب او الوقوف عند مسائل الفقه الموروث بل يجب علينا أن نأخذ مناهجه وان نعمل كما عمل السلف الصالح.* سمعنا كثيرا عن صدور العديد من الموسوعات الاسلامية باجتهادات فردية,, أما من سبيل لتوحيد الجهود وإصدار موسوعة إسلامية عالمية بأسعار رمزية يسهل تداولها بين العوام من أبناء المسلمين؟هناك مجهودات لعمل موسوعات بعضها مجهودات فردية وبعضها مؤسسية وبعضها حكومية والدعوة الى توحيد الجهود في هذا الشأن غير متيسرة، بل ينبغي ان نشجع الجميع فإن الأمر يحتاج الى مائة موسوعة وليس موسوعة واحدة، ولكن شأن الموسوعات النمو الدائم عبر الايام، فالموسوعة البريطانية صدرت في 3 مجلدات والآن هي فوق الثلاثين مجلدا بعد قرنين من العمل المتصل، وأرى ان تكون الدعوة الى انشاء دار لموسوعة تصدر مجددة كل عام او عامين في العربية وتنمو كما هو شأن كل الموسوعات، وهناك ما لا يحصى من الموسوعات حيث تختلف الصياغة وجهود الخطاب والمجال,, إلخ.* تعتبر المملكة العربية السعودية الدولة الاسلامية الوحيدة في العالم التي تتخذ من القرآن الكريم دستوراً، ومن الشريعة الاسلامية منهجاً وتطبيقاً,, كيف يمكن تعميم هذا التوجه الصحيح في انحاء العالم الاسلامي وما دور علماء المسلمين في هذا الصدد؟الدعوة هي الوسيلة التي ظهر اثرها وبانت قوتها في تصحيح الاوضاع وتغيير الحال )إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم(، ويقول ربنا سبحانه: )ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن( ويقول: )وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه,, الآية(، وقال: )قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني,, الآية( فعلى العلماء ان يتمثلوا هذا المنهج، وان تتولد عندهم الهمة لذلك.* من خلال إشرافكم على العديد من المشاريع والأبحاث العلمية التي تختص بالاقتصاد الاسلامي,, ماذا يميز هذا الاقتصاد عن غيره؟ وما السبيل لإقامة سوق عربية أو إسلامية مشتركة في ظل الظروف الراهنة؟الاقتصاد الاسلامي يهدف الى اخراج الناس من حد الكفاف الى مستوى الكفاية ثم الارتقاء بهم الى مستوى الكفاءة، من خلال الامة وليس من خلال الطبقة ولا من خلال النفقة الفردية، والسبيل لإقامة سوق عربية او اسلامية مشتركة هو صلاح نية المسئولين في البلاد الاسلامية فليس هناك أي عائق لا نظرياً ولا عملياً يمنع من هذا، سوى بعض القوانين التي يمكن تغييرها فورا.* ونحن مع بداية قرن جديد تتصاعد حدة التوتر والصدام بين الجماعات المتشددة وبعض الحكومات في العالم مما أدى الى تعالي الأصوات التي تنعت الإسلام بالإرهاب,, ماذا ترون في ذلك؟ وما السبيل لتفادي هذا التصعيد؟الجماعات المتشددة ليست وليدة العصر بل توجد في كل زمان، وفي كل مكان، وعند اهل كل دين، والنبي صلى الله عليه وسلم وصف الخوارج بأنهم كلاب النار ولابد من التنفير منهم حيث يستعملون الدين في شهوة أنفسهم ويحسبون أنفسهم على خير وهم على ضلالة قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم تحقرون صلاتكم الى صلاتهم، وصيامكم الى صيامهم طوبى لمن قتلهم وقتلوه من قتلهم كان أولى بالله منهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية,, الحديث.* أكد بيان صادر عن منظمة )الايسيسكو( العالمية ان نسبة الأمية في العالم الإسلامي تصل الى )60%( بالاضافة الى محاولات التجهيل المعتمد بعولمة مناهج التعليم، وهو مما يتعارض مع الرسالة الاسلامية التي تحض على العلم ونشر المعرفة,, بصفتكم واحدا من رجال الفكر الاسلامي المعاصر,, كيف يمكن إحباط هذا التجهيل، ومحو الأمية بين أبناء المسلمين خاصة في الدول الفقيرة؟يمكن محو الأمية في الدولة الفقيرة بعودة رسالة المسجد الى سالف عهدها وصدور فتاوى العلماء تدعو الى حرمة الامتناع عن التعليم وحرمة استعمال الاطفال في الاعمال الشاقة التي تمنعهم عن العلم ووضع نظام التعليم المفتوح الذي كان قد بدأ في المسجد منذ عصر النبوة.
|
|
|
|
|