| مقـالات
د, محمد بن سعد الشويعر
كتاب تربوي، يسير فيه المؤلف خطوات مع الدور القيادي التربوي، لخادم الحرمين الشريفين ، الذي شرفت أول وزارة للمعارف بقيادته وتوجيهه، وقد ركز المؤلف الدكتور: عبدالرحمن بن أحمد محمد الصائغ، على أن يكون كتابه هذا الذي سماه: ملك يبني أمّة ، دراسة في بناء المواطن السعودي,, وافتتحه بإهداء، في كلمات مختصرة، وجهها: إلى قائد الأمة الذي وهب نفسه جندياً للعلم,, وتحمل لواء المعرفة فتعهد باشاعة نورها في كل بيت وقرية وهجرة، حيث هداه الله لنور العلم والمعرفة فغدا مصباحا تستضيء به الأمة.يقع الكتاب في طبعته الانيقة المزينة بالصور التاريخية للوقائع التربوية، ورجال التربية، وبالبيانات التعليمية والتربوية الموثقة، عن تعليم البنين والبنات، والجامعات,, حيث يعتبر مصدرا يمكن الرجوع اليه ، والاستئناس بما حوى بين دفتيه,.يقع هذا الكتاب بعد الاهداء والمقدمة، في خمسة فصول، سوف نعطي فكرة عن كل فصل، خرجت الطبعة الاولى منه في عام 1420ه 1999م وجاء في المقدمة التي تقع في ثلاث صفحات، وكتبت في ربيع الاول 1420ه بما ينبىء عن مقصد المؤلف في طرح المعلومات والافكار، في صفحات كتابه التي احب ان تساير النهضة التعليمية الحديثة التي تحققت على ارض المملكة بتوفيق من الله ثم بما قيض لها من قائد تعهدها بالرعاية والاهتمام,, فيقول: ان الدور القيادي التربوي، لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وجهوده الخيرة وممارساته الفاعلة ومعالجته لقضايا التربية والتعليم,, كل ذلك يضع الباحث امام تحد كبير، لسبرغور هذا الدور والالمام بمختلف دقائقه وتفاصيله,, وكيف لا,, ومحور الدراسة قائد يرى: ان صناعة الانسان هي الاساس، فالمال يذهب، والرجال وحدهم هم الذين يصنعون المال، وان كل اهدافنا في البناء والتطور، وتحقيق المجتمع المتقدم، لن تتم ابدا اذا لم يتم القضاء على الجهل, وانا لنعتبرها مهمة من اقدس مهمات، ومسئوليات الحكم .وقد حرص المؤلف بأن يوثق مصادر المعلومات، والمقتطعات من كلمات خادم الحرمين، ليعيدها للعهد الذي اخذت منه، وهذا من الامانة العلمية ويعتبر منهجا جيدا.الفصل الأول، الذي يقع في حوالي أربعين صفحة 1 40 عن قيادة الفهد: البنية والجذور، وتحته ثلاثة مقاطع: الأول: عن الدعامات الاساسية لقيادة الفهد والثاني: عن شخصية الفهد في ضوء معايير القيادة، والثالث: عن جذور النظام التعليمي في عهد الملك المؤسس,وقد جعل المدخل لهذا الفصل كلمة اوجز فيها الفهد القائد: الاسس التي يسترشد بها في ادارة دفة الحكم في البلاد بعد ان بايعه جموع المواطنين مليكا للوطن وقائدا للامة عندما قال الفهد: انني لاشعر بعظم المسئولية، وثقل الامانة، التي شاء الله سبحانه أن احملها، راجيا منه جل وعلا، ان يعينني على حملها، وانني اعاهد الله ثم اعاهدكم، بأن اكرس كل جهودي ووقتي من اجل العمل على راحتكم، وتوفير الرخاء والامن والاستقرار لهذا البلد العزيز، وان اكون أباً لصغيركم، وأخاً لكبيركم، فما أنا الا واحد منكم، يؤلمني ما يؤلمكم، ويسرني ما يسركم )ص 3(.وقد رأى ان شخصية الفهد القيادية، استندت في الاصل الى هبة من المولى عز وجل، ثم الى دعائم اساسية ساعدت في تنميتها، واسهمت في منحها القدرة على العطاء في شتى الميادين عامة، وفي مجال التربية وبناء الانسان خاصة وهي ثلاثة: الاولى تتمثل في استيعابه مضمون العقيدة الاسلامية ايمانا وتطبيقا، الثانية: تعود الى انتمائه الاسري الى آل سعود وهي أسرة عربية عريقة، يعود حكمها في جزيرة العرب الى اكثر من ثلاثة قرون، الثالثة: ترجع الى عمق الاقتداء والتأثر بالقائد المؤسس الملك عبدالعزيز )ص 4 10(.وعن شخصية الفهد في ضوء معايير القيادة او رد سمات شخصية منها: انه رجل مهيب شديد العزيمة، بعيد النظر، محب للانفاق في ابواب الخير، ومواظب على اعمال البر والاحسان، ولديه قدرة عالية على استيعاب الامور والاهداف وتحليلها بشكل موضوعي، والتعبير عنها بسلامة ووضوح، وميله الى لغة الحوار، مع اتخاذ القرارات التي تتسم بالحكمة والاعتدال )ص 10 13(.وعن جذور النظام التعليمي في عهده المليك المؤسس: قال ان الملك عبدالعزيز ادرك بفطنته وعميق وتفكيره ان الاسلام هو اساس المواطنة في الدولة الاسلامية، وهو روح وجوهر الدولة ودعامتها الاساسية، التي تستمد منها سلطتها وقوتها وشرعيتها في الحكم والاستمرار,, وقد اعتبر الجانب التربوي لتجربتي: علماء المجالس ومطاوعة الهجر نموذجين رائدين استطاع الملك عبدالعزيز من خلالهما تعميق دور العلم والمعرفة,, وبعدما دخل مكة المكرمة شجع المدارس الاهلية حيث زار في عام 1344ه مدرستي الفلاح والفخرية وتبرع لكل منها بمبالغ نقدية وعينية ثم نظم في عام 1345ه، التعليم الديني في الحرم الشريف، ووضع في عام 1344ه الحجر الاساسي لنظام التعليم الحديث في المملكة العربية السعودية فأصدر مرسوما ملكيا بإنشاء مديرية المعارف، ومجلسها ومعتمدياتها، واستعرض ما تم من انجازات وقواعد ارست العملية التربوية فيما بعد عهد الملك عبدالعزيز، فكان هاجس اخراج المعلمين من اول ما وضعت الاسس له, حيث تخرج في عام 1349ه اول دفعة من طلاب المعهد العلمي الذي امر الملك عبدالعزيز بافتتاحه عام 1346ه )ص 14 34( وقد حرص على ان يجعل لكل فصل خاتمة، وان تكون هوامش الاحالات في نهاية الفصل وبعد الخاتمة، ووثق هذا الفصل ببعض الصور للمدارس القديمة في عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله.اما الفصل الثاني: الفهد وريادة التربية والتعليم، فقد استغرق منه اربعين صفحة كالفصل قبله، وفيه صور نادرة تهمّ المهتمين بتتبع الحركة التربوية في المملكة، وتحته مقطعان, الاول الفهد الوزير، سياسته التعليمية وانجازاته, الثاني: الفهد الرائد: افكاره وممارساته التربوية،وقد جعل له مدخلا جاء فيه: لقد استحق الفهد اولوية الريادة والرعاية لقطاع التربية والتعليم نظرا لآرائه وأفكاره التربوية وممارساته العملية في ميدان التعليم، ونتيجة لانجازاته التي قادها منذ بداية النهضة التعليمية الحديثة للبلاد، ومازالت تتضح آثارها ومعالمها في مختلف مراحل التعليم وانواعه ومستوياته )ص 43(.وعن انجازات الفهد عندما كان وزيرا للمعارف، وقد أوجز اهمها بخمسة: انشاء الهيكل التنظيمي لوزارة المعارف لاول مرة ونشر التعليم وتنويعه والعناية بجوانب التطوير الكيفي ، وتبنيه مؤتمر التعليم والخطة الخمسية، وانشاء الجامعة الأم، جامعة الملك سعود، وانشاء الرئاسة العامة لتعليم البنات، وتحدث عن اثره في كل جانب 1373 1380ه وعن تطور التعليم خلال فترة وزارة الفهد من رياض الاطفال حتى التعليم الجامعي )ص 46 57(.اما المقطع الثاني: افكاره وممارساته التربوية، وقد جعل ابرز القيم التربوية والاتجاهات الفكرية عند الفهد تتركز في عشرة امور: التركيز على العقيدة الاسلامية، وان التربية استثمار، والتربية وبناء المواطن السعودي الصالح، والتربية من اجل التطوير، والتربية من اجل التوظيف والعمل، وتنويع التعليم وتفريعه، وتعليم المرأة وتوظيفها، وتطوير المناهج التلعيمية واعداد المعلم، والعناية بالطلاب )ص 58 67( مع اهتمامه بفن الحوار والزيارة الميدانية .والفصل الثالث: عن النهضة التعليمية الحديثة في المملكة 81 184 تحدث في المدخل لهذا الفصل عن معالم النهضة في المملكة العربية السعودية توجها بمقطع من كلمة للفهد جاء فيها قوله: انطلاقة التعليم التي وجدت في هذه البلاد في تصوري انها من اعظم الانطلاقات في العالم بالنسبة للتعليم عندما اتكلم عن التعليم، الذي هو اساس في حياة الامم اما القاعدة الاساسية وهي العقيدة الاسلامية فهي كانت قاعدة ثابتة من قديم الزمن وراسخة في ذهن المواطن، قناعة متكاملة لانها هي القاعدة التي يمكن ان ينطلق منها الخير والبركة )ص 84(.وقسّم في هذا الفصل نظام التعليم الى خمسة امور هي: اسس التعليم والغايات والاهداف العامة، والسلطات التعليمية والجهات المشرفة على التعليم، ثم السلم التعليمي وبنية النظام التعليمي )85 180(.واشار في حديثه للامر الاول: اسس التعليم والغايات والاهداف العامة الى ما جاء في وثيقة سياسة التعليم للمملكة الى ست وعشرين مادة منها:التركيز علىالامور العقدية والدينية في ست مواد كأساس يتربع على اهداف التعليم في المملكة,, وان فرص النمو مهيأة امام الطالب للمساهمة في تنمية المجتمع الذي يعيش فيه ، وتقرير حق تعليم الفتاة في التعليم بما يلائم فطرتها، ويعد لمهمتها في الحياة، وان طلب العلم فرض على كل فرد بحق الاسلام، والنصح المتبادل بين الراعي والرعية بما يكفل الحقوق والواجبات ، وينمي الولاء والاخلاص ، وان اللغة العربية هي لغة التعليم في كافة مواده،وجميع مراحله، الا ما اقتضت الضرورة تعليمه بلغة اخرى، والدعوة الى الاسلام في مشارق الارض ومغاربها بالحكمة والموعظة الحسنة )ص 87 89(,وعن الجهات المشرفة على التعليم في المملكة حددها باربع: وزارة المعارف، وزارة التعليم العالي، رئاسة تعليم البنات، المؤسسة العامة للتعليم الفني ثم حددها عملا وهيكلا، ومهمات كل قسم ) ص 101 178( موثقا ذلك بالبيانات الاحصائية وبالرسم الهيكلي وبصور توضح المبنى والتجهيز والطلاب,, في مراحل التعليم المختلفة,, وفي قائمة هذا الفصل قال في ص 179: إن جميع هذه المؤشرات تدل على التركيز والاهتمام بعملية بناء المواطن والعمل على تنمية مواهبه، وتفجير طاقاته ايمانا بان الانسان هو الثروة الحقيقية، وان استثمار طاقاته، وتنمية مواهبه هو الاستثمار الاجدى والاكثر مردودا.والفصل الرابع، جعله عن الفهد وثروة الوطن )185 214( وقد جعل مدخله لهذا الفصل حديثا للفهد منذ ثلاثة عقود، جاء اجابة عن سؤال وجه اليه عن تصوره لمستقبل المملكة، على اعتاب القرن الواحد والعشرين الميلادي؟ وحلل الجواب قائلا: ان مستقبل الوطن الذي توقعه الفهد حينئذ يدل على قدرة استشرافية مبنية في المقام الاول: على ايمان بقدرة الله عز وجل، وثقة بعد ذلك بدور المواطن السعودي في تحقيق النماء والرخاء للمجتمع، فلا غرابة اذاً ان نرى الملك فهد يصف هذين الامرين، بانهما نعمتان من نعم الله الكبرى حيث يقول: هذا التطور من نعم الله الكبرى،ومردها الاساسي والقاعدة الاساسية التي انطلقت منها، هو أننا نعتمد على رب العزة والجلال، ونطبق شريعة الله وسنة محمد صلى الله عليه وسلم في هذه البلاد )ص 87 188(.وجعل تحت الفصل امرين: الأول: أولوية الاستثمار في بناء الانسان السعودي، والثاني: التجربة السعودية في مجال الاستثمار التعليمي.وبعد ان اعطى بالبيانات والاحصاءات حسب الجداول اعداد الخريجين والخريجات من عام 72 1373ه الى نهاية عام 18 1419ه، في قطاعات التعليم المختلفة والنفقات على التعليم والعلاقة بين الانفاق على التعليم في المملكة واعداد الخريجين، قارن في الجدول 15 بين العاملين في الدولة السعوديين وغير السعوديين في جميع التخصصات والنسبة الى الجملة وخرج بنتيجة اشار اليها في ختام هذا الفصل تبرز المهارات التي وصل اليها المواطن في جميع التخصصات العلمية والعملية، وقال: حقا انهم اغلى ثروات الوطن، وصدق الفهد حيث قال: لقد كان اعتقادي وما يزال ان الشباب السعودي المؤهل، في المملكة العربية السعودية هو ثروتها الحقيقية .واعتبر هذه الثروة نعمة من الله ومحصلة الجهود المضنية، والعمل الدؤوب للفهد المفدى راعي مدرسة بناء الاجيال الذي قاد مسيرتها، واشرف على انطلاقها )ص 209(.وخصص الفصل الخامس: لبناء الاجيال,, المدرسة والرجال )215 302( وقسمه الى ثلاثة اقسام: الاول: الفهد القائد,, ومدرسة بناء الاجيال، والثاني نماذج من رجالات القيادة في مسيرة بناء الاجيال، والثالث نماذج من رجالات مدرسة الفهد الخاصة في بناء الاجيال.فعن القسم الاول اعتبر الفهد مترسما خطى والده في بناء مدرسة الاجيال حيث واصل رعايته هذه المدرسة من موقعين: وزارة المعارف ثم وزارة الداخلية، حيث كان للفهد القائد اليد الطولى فيما تحقق من انجازات تنموية بوجه عام، وفي مجال الاستثمار التعليمي بوجه خاص، وفاء منه واخلاصا لمدرسة بناء الاجيال ) ص 218( وفي القسم الثاني عن النماذج من رجالات القيادة في مسيرة بناء الاجيال، اورد الاسماء التالية من الرجال وتحدث عن سيرة كل واحد منهم الذاتية والعملية، وهم حسب ترتيبه: صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ، صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز معالي الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ، معالي الاستاذ ابراهيم بن عبدالله العنقري، معالي الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر، معالي الدكتور خالد بن محمد العنقري، معالي الدكتور محمد بن احمد الرشيد، معالي الدكتور اسامة بن عبدالمجيد شبكشي، معالي الاستاذ عبدالوهاب بن احمد بن عبدالواسع، معالي الدكتور علي بن مرشد المرشد، معالي الدكتور عبدالملك بن عبدالله بن دهيش، معالي الاستاذ ناصر بن حمد المنقور، معالي الدكتور حمد بن إبراهيم السلوم، معالي الاستاذ محمد بن سليمان الضلعان، الاستاذ محسن بن أحمد باروم.وفي القسم الثالث يذكر من نماذج رجالات مدرسة الفهد الخاصة في بناء الأجيال ثلاثة هم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد رحمه الله وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الامير عبدالعزيز بن فهد بن عبدالعزيز، وقد ترجم فيه لسيرة كل واحد منهم، كما عمل بالنسبة لمن قبلهم,, وفي ص 297 298 جعل خاتمة بما عمل في جهده الذي اعتبره مقلاً، وهو في الحقيقة جهد جيد، بذل فيه ما يستطاع، وأعطى كل من تحدث عنه ما يستحقه حسب ما يسمح به الموقع، وإلا فان لكل حقاً، والحديث عن كل فرد ذو شجون,, ولم يغفل المؤلف ان يختم كتابه هذا بسيرة ذاتية عن نفسه ودراسته وعمله.من ذكاء إياسلإياس بن معاوية حكايات تدل على ذكائه الذي ضرب به المثل، وقد تولى قضاء البصرة مرتين فكان يستعمل عقله في حل المعضلات فمن ذلك: ان رجلاً استودع رجلاً كيساً فيه دنانير وغاب الرجل، فطالت غيبته، فلما طال الأمر، فتح المستودَع الكيس من اسفله، وأخذ الدنانير وجعل مكانها دراهم، وخيّطه والخاتم على حاله، فقدم صاحب المال بعد خمس عشرة سنة، وطلب ماله، فدفع إليه الكيس بخاتمه فلم يقبله، وقال: هذه دراهم، ومالي دنانير، قال: هذا كيسك بخاتمك، فرافقه الى عمر بن هبيرة، فقال لإياس بن معاوية: انظر في أمر هذين: فقال إياس للطالب: ماتقول؟ قال: أعطيته كيساً فيه دنانير، قال: مذ كم؟ قال: منذ خمس عشرة سنة, وقال للآخر: ماتقول؟ قال: كيسه بخاتمه, قال: منذ كم؟ قال: منذ خمس عشرة سنة, قال: ففضوا الخاتم، ونثروا الدنانير، فوجدوا ضرب عشر سنين ، وخمس سنين، فأقر بالدنانير فألزمه إيّاها,وجاءه دهقان، فسأله عن المسكر أحرام هو أم حلال؟ فقال إياس: بل هو حرام, فقال: كيف يكون حراماً؟ اخبرني عن التمر أحلال أم حرام؟ قال إياس: حلال, قال: فأخبرني الكشوت - نبات أصفر يجعل منه في النبيذ - أحلال أم حرام؟ قال إياس: حلال، قال:فأخبرني عن الماء؟ قال: حلال , قال: فما خالف مابينهما وإنما هو من التمر والكشوت والماء، ان يكون هذا حلالاً وهذا حراماً؟فقال إياس للدهقان: لو اخذت كفاً من تراب، فضربتك به، أيوجعك؟ قال: لا, فقال: فأخذت كفاً من ماء فنضحته في وجهك أيوجعك؟ قاال : لا, قال: فأخذت كفاً من تبن، فضربتك به، أيوجعك؟ قال: لا, قال إياس: فاذا اخذت هذا التراب، فعجنته بالتّبن والماء ثم جعلته كتلاً حتى يجف، فضربتك به، أيوجعك؟ قال: نعم ويقتلني, قال: فكذا هو التمر والماء والكشوت، اذا جمع ثم عتّق حرم، كما يجفف هذا.وقال إياس: كنت في مكتب بالشام وكنت صبياً، فاجتمع النصارى يضحكون من المسلمين، وقالوا: انهم يزعمون انه لا تكون تفل للطعام في الجنة, قال إياس: فقلت: يا معلم أليس يزعم الناس ان اكثر الطعام يذهب في البدن؟ فقال بلى، فقلت: فما تنكرأن يكون الباقي يذهبه الله في البدن كله؟ فقال: انت شيطان,ودخل ثلاث نسوة عليه، فقال: أما واحدة فمرضع، والأخرى بكر، والثالثة ثيّب, فقيل له: بم علمت؟قال: أما المرضع فلما قعدت أمسكت ثديها بيدها, وأما البكر فلما دخلت لم تلتفت الى أحد، وأما الثيب فلما دخلت نظرت ورمت بعينها, وكان يقول: اذكر الليلة التي ولدتُ فيها، وضعت أمي على رأسي جفنة,, وقال إياس لأمه: ما شيء سمعته وأنا هنا له جلبة شديدة؟ قالت: يابني طست سقطت من فوق الدار الى اسفل، ففزعت فولدتك تلك الساعة.تاريخ دمشق لابن عساكر: 92100 .
|
|
|
|
|