| مقـالات
محمد بن راكد العنزي
عندما يقترن الانسان بزوجة المستقبل فإن ذلك في الواقع يعني الشراكة الأبدية بين الطرفين التي لا تفرقها إلا الظروف والممات، ومتى عرف الزوجان الطريقة الصحيحة للتكيف فيما بينهما في جو أسري تسوده المودة والاحترام فإن عشهما الزوجي سيكتب له التوفيق والنجاح وسيشق مركبهما طريقه في خضم الحياة دون أن يطوله الفشل، وهذا النجاح الأسري يعتمد على نمطية تفكير كل منهما ومقدار التنازلات التي يستطيع كل منهما تقديمها للآخر بطيب نفس.أما اذا كان أحدهما غير متكيف مع الآخر بمنطقية العقل والواقع أو لأسباب بيئية كعدم توافق الزوجة مع أسرة الزوج أو تدخل أحد الوالدين في حياتهما فإن هذا بلا شك سيساهم الى حد كبير في خلق التشاحن والبغضاء وافتعال المشاكل لأقل الأسباب حيث إن بعض ما يحدث بين الزوجين وينتج عنه الطلاق يكون بدايته من شيء بسيط جدا ومع تحجيمه من قبل الطرفين ينتهي تلك النهاية البغيضة، ولذا لا تتعجب عزيزي لو سمعت أن فلانا طلق زوجته لأنها خالفته في لبس ثوب معين أو لأنها شجعت الفريق المنافس لفريقه أو لأنها لم تعد له ما طلبه من طعام، فالطلاق ذلك الحل النهائي الذي شرعه الله عز وجل كآخر ما يلجأ اليه الطرفان في حال تعذر التوافق بينهما.قد أصبح منتشرا وبشكل لافت بين الزوجين وخاصة الشباب منهم نتيجة لأسباب لا تستحق الانفصال وتشريد الأبناء وتفكك الأسرة، كما أن من الأخطاء التي يلجأ اليها بعض الأزواج المتسلطين بحق الزوجة المسكينة التي لا حول لها ولا قوة الاعتداء عليها بالضرب كوسيلة لإثبات الرجولة حسب معتقداتهم الذاتية التي عفا عليها الزمن ظنا منهم أن المرأة لا ينفع معها إلا العين الحمراء والعقاب البدني والنفسي والصراخ والتبجح في حق ذلك الكائن الضعيف الذي أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع في آخر خطبة له بالمسلمين حيث قال: أوصيكم بالنساء خيرا وهذه المرأة المغلوبة على أمرها لا تجد حين يستشيط الرجل غضبا وبحكم تركيبها الجسدي إلا الاختباء خلف أيديها أو الاحتماء بأحد ابنائها في مقابلة القوة العضلية للرجل، ورغم هذا الضعف الواضح فإنه لا يحرك في بعض الرجال رمشة عين من الرحمة والعطف بل يزيدهم جبروتا وتماديا وقسوة، وكأن ذلك يضيف الى رجولتهم الشيء الكثير ويرفع من مقدارهم في الأسرة والمجتمع، وتشير بعض الدراسات العلمية أن اعتداء بعض الرجال على زوجاتهم بالضرب المبرح والمتكرر إنما هو نتيجة وقوعهم تحت تأثير مرض نفسي كأن يكون تعرض هذا الشخص في صغره للعقاب المتكرر والمبالغ فيه من أحد الوالدين فترسب لديه في العقل الباطن المعروف باللاشعور تلك العدوانية والقساوة، أو أنه شاهد في صغره كيف كان والده يتصرف بعصبية مع والدته وكيف كان يتعمد إهانتها وضربها أمام الأبناء وكلاهما يترسبان كعقد نفسية لدى الانسان ما يلبثان مع مرور السنوات أن يخرجن الى الواقع كتطبيق عملي بسبب ما لقيه في طفولته البائسة.كما أن البعض من الازواج ينقل ضغوط العمل ومشاكل المراجعين معه الى المنزل فيجعلها تؤثر سلبا في مسار حياته الهادئة، بينما يستعيض الآخر بفقدان شخصيته بين الاصدقاء والناس باثباتها على الزوجة المسكينة فيثقل عليها بإصدار الأوامر والطلبات لمجرد الحصول على الاحساس بسيادته المفتقدة، وهناك من الأزواج من يكون منحرفا الى شرب المخدرات والمسكر فيتصرف مع زوجته وأبنائه بشكل خاطىء من الضرب والاهانة دون أسباب.وفي الختام لا ننسى أيضا أن للزوجة العاقلة المتعلمة التي تعي واجباتها الكاملة في الحياة دورا كبيرا في تسيير مركب الزوجية بسلام وذلك بامتصاصها لغضب الرجل وتفهم الظروف التي يحيط بها، وعدم مجادلته في بعض الأمور التي لا طائل منها أو معاندته في أمر ما حتى لو كان على خطأ وإنما تتركه الى فترة تجده مرتاحا ومستعدا للمناقشة، وكذلك لا تثقل عليه بطلباتها وطلبات أبنائها خاصة اذا كانت ظروفه المادية لا تسمح لذلك,, مع تمنياتي للجميع بحياة زوجية سعيدة.
|
|
|
|
|