| الثقافية
محمد العثيم:
ورقة عمل مقدمة للدورة المسرحية في جامعة الملك سعود بالقصيم بتاريخ25 من ذي القعدة 1420 .في الماهية المسرحية تعمي معطيات الدراما الكثير من الكتاب قليلي الصنعة,,، لأن اختلاط مفهوم النص الدرامي بمفهوم الطقسية المسرحية اختلاطاً نظرياً جعل كثيراً من المنظرين يسوقون المسرح عند قراءة العرض بمفاهيمه الدرامية والواقعية، وربما الإيديولوجيا في الأدبيات المتجادلة، من واقع تداخل أنماط جديدة في المسرح.وعندما اريد الحديث عن قراءة العرض المسرحي من جانب إعادة كتابته نصا من جديد,, سواء كان العرض قد اقيم فعلا أو أنه من خيال صاحبه اجدني تائها دائما في معمعة شخصيتي المسرحية وتائهاً عن اصل المسرحية حتى انني فرحت بكتاب, ولتر كير المعنون كيف لا تكتب مسرحية ,, وهو كتاب مر عليه أكثر من أربعين سنة وتغيرت الأحوال المسرحية بعده في كل من أمريكا وبريطانيا,, إلا أنه كتاب مفيد,, لمن يريد أن يدفع عن نفسه بلاء الكتابة وراء إغراء الفكرة المتسرعة,,ويعرض اولا قبل القراءة ثم يكتب ما عرض وأيام تتلمذي المبكر في هذا الفن قرأت كتاب روجر بيسفلد الابن الموسوم كتابة المسرحية وذكرت لكم ذلك في اول الحديث وهو كتاب مدرسي فيه من الطرائف أكثر مما فيه من الدلائل الهادية للطريق وهو ضار للكتابة بقدر الضرر الذي يسببه كتابوليم هيج المعنونبمسرحية الشاشة ومن نعم الله أن كتاب وليم هيج حول مسرح الشاشة من معمله لدراما التلفزيونوهو معمل دراسي يعقد كل صيف في الولايات المتحدة والكتاب المذكور لم يترجم بعد,, ولكن الكتابين أقصد كتاب روجر بيسفلد وكتاب وليم هيج نافعان في التعليم كمقررين يخفظهما الطلبة لأداء الامتحان أما الكتاب الموسوم نظرية المسرح والذي جمعه من عدة مقالات الناقد المعروف اريك بنتلي إضافة إلى كتابه الثري الحياة في الدراما أقول : إن هذين الكتابين يعتبران في غاية الفائدة لمن أراد مثلي ألا يكتب مسرحية بعد اليوم بل يعرضها ثم يقرأها عرضا ويكتبها أما في أدبيات النص المسرحي، فلن تعدم الكثير من الأعمال الادبية المنسوبة للمسرح والنقد النظري الذي لا يحفل بالنص مثال الفصول المدرجة في المجلد الثالث من موسوعة المصطلح النقدي وقد نقلها إلى العربية د، عبدالواحد أبو لؤلؤة,, وكتاب الدكتور ابو الحسن سلام معمار النص المسرحي وغيرها.بعد هذا كله وغيره من آلاف النصوص التي قرأتها وكثير منها عالمي وقليل عربي,, بقيت أسئلتي الأولى تقف في طريقي عن اجتياز سد التعبيرية وفجاجة الواقعية في العرض، لأني أعتقد وبحسن نية أن المسرح طقس انساني,, وأنه لا توجد تعبيرية وواقعية أو طبيعية في الأصل ولا ملحمية ولا معقول أو عكس المسرح,, ولا حتى دادية أو سوريالية مدينية حدثية أو ما بعدية ولكنها توجدمسرحية أو لا مسرحية ,, وحقيقة أني أعرف ماهيالا مسرحية لكني في كل مرة أراها تتلبسني وتأخذني في حال من اللاوعي يغيب فيه صواب الأحكام.المسرحية بالتأكيد ليست النص الذي سلمناه المخرج في لفافة ورق,,المسرحية هي الفراغ الذي لم نملأه وهي تلك التي رأيتها واستمتعت بها في العتمة وقابلت شخوصها وعرفتهم قبل أن يعرضوا لي أي فكر أو قضية بل ان المسرحية النقية ليست مسرحية الدعاية ولا خطب الأخلاق المفوهة ولا بكائيات الشعر من خلال الصور ولا هي سردية الأحداث.إن المسرحية براء من كل هذا، فهي أولاً تسلي وتمتع ثم تخلق عالماً خاصاً من الدهشة يتناغم مع نواميس الكون ويؤكد حالة الغياب أو النفي الإنسانية التي تجعل الفعل يسري في القلوب,, وقد أدرك شكسبير هذا فعرض الحالة، ولكنه أيضاً رفه عن علية القوم والسوقة ليجعلهم يبحلقون بقصيدته المعروضة الفضفاضة الكلمات، ولم يقل أحد إن مسرحيات شباك تذاكر فيما احتوته من المصارعات الفجة ومبارزات الفرسان والعشق.ولعل موليير كان يدرك هذا عندما أضحك الناس على انفسهم فحقق شرط النقاء من خلال عالمه المتلوث ولعل هذين الكاتبين العظيمين لم يقرأ اي منهما التعاليم الأرسطية في كتاب الشعر ولو قرآها مثل راسين وكورني لفسدا مع من فسد في عقلانية النص المسرحي.وعندما نكتب المسرحية من منطلق الحرية فإنننا نكتب المسرحية,, أما لو كتبناها حسب أي مسطرة فقد تعلمنا كما قال ولتر كير كيف لا نكتب مسرحية,, ولكننا سنرضي الكثيرين,, خارج التثاقف وفي إطار التسييس المعتاد للثقافة واعمالها بالفجاجة.أثنا عشر عاماً مرت علي وصخب الأسئلة يعلو هل يكتب المسرحي لنفسه أم للنقاد واي نص يعرض ليقرأ ومن يقرؤه.عن نفسي اقول عرضت لنفسي وكتبت بعد عرض ولم اجرؤ على كتابة كلمة قبل ان أعرضها أمامي في مسرح اقرب للواقع,, لذلك فقد رضيت من الغنيمة بالإياب، ثم خطر ببالي أن اعرض مسرحيات لنفسي، فوجدت من ينفذها وحصلت أكثر من مرة على جائزة النص عن مسرحيات كتبتها لي أنا فزادت أسئلتي هل ما نكتبه لأنفسنا هو ما يفترض أن نكتبه,, أم ان ما نكتبه في مقاييس الآخرين هو الأفضل.وفي آخر هذا السياق فقراءة العرض المسرحي هي قراءة النفي,, او الفراغ الزماني والمكاني الذي تملؤه شخصيات منفية لا نعرفها الا من وجودنا الداخلي الواجداني.
|
|
|
|
|