| مقـالات
د,فهد حمد المغلوث
في هذه الحياة التي نعيشها جماليات كثيرة موجودة بداخلنا وتحيط بنا من كل جانب, جماليات كثيرة نحن في أمس الحاجة إليها، ولكننا لانراها إلاّ على النحو العادي جداً أو بالصورة الضيقة التي تخفي أبعادها الجمالية التي من حقنا ان نستمتع بها ولو من وقتٍ لآخر علّتها تمحو من أعيننا تلك الصور القاتمة وتزيل من عقولنا تلك الافكار السوداوية وتنسينا تلك المواقف المؤلمة التي نتعرض لها.ولعلّ السبب في عدم رؤيتنا لهذه الجماليات بالصورة التي تريحنا والتي يُفترض ان تكون، لعل مرّد ذلك الى طريقة تفكيرنا واسلوب تعاملنا مع كل شيء حولنا، وفي نظرتنا للأمور وتقييمنا الشخصي للمواقف العامة والخاصة، ذلك التقييم السطحي وكأن الامر لا يعنينا او ذلك التقييم السريع وكأننا على عجلة من أمرنا او أننا ملاحقون من أشخاص آخرين!وإنك لتعجب بالفعل مما تكسبه في هذه الحياة مقارنة مما تأخذه منها نتيجة هذه النظرة القاصرة للحياة والتعامل التقليدي والقاصر ايضا لما حولك ومن هم حولك!إن هذه الجماليات المفقودة منا او المسلوبة منا بفعل من يريد ان يحجبها عنّا او بفعل المشاغل الدنيوية التي تلهينا عنها بحاجة لان تكتشف سواء تلك الموجود منها بالفعل بداخلنا ومن حولنا او تلك الغائبة عنا وموجودة لدى غيرنا.انها جماليات قد توجد في اماكن لانتوقعها ابداً او في اشخاص لم نفكر فيهم مطلقاً وكلا هذه الاماكن والاشخاص قريبين منا على بعد امتار منا ليس فقط بأجسامهم بل بأصواتهم وانفاسهم وروحهم.اشياء جمالية ليست مرتبطه في الاماكن والأشكال فحسب ولكن في السلوكيات الحلوة التي نتمنى المزيد منها ومن الارواح العذبة التي تأسر من يعرفها ويتقرب منها!ولعل من أجمل الاشياء في هذه الحياة، ان تكون علاقتنا بربنا علاقة جميلة قائمة على المحبة والصدق والاخلاص في كل شيء.من اجمل الاشياء في هذه الحياة ان تكون علاقتنا مع الآخرين مبنية على البساطة وعدم التكلّف، مبنية على الصدق وعدم التزلُّف، قائمة على الوضوح وعدم التزيّف.من اجمل الاشياء ان تجد انساناً يأخذ الامور ببساطة ولايحمِّلها مالاتحتمل، انسان يفهمها من جانبها الايجابي المشرق وليس من جانبها السلبي القاتم، انسان يفترض حسن النية من البداية الى ان يتضح العكس، انسان يعطيك الفرصة لتعبر عما تريد لتقول رأيك وهو يصغي إليك باحترام لا ان يسلبك حقا في قول ما تريد او ان يستمع اليك الى ان تنتهى بهدف تجميع كل طاقاته وقوته ليهاجمك وكأنك عدوٌ له!من اجمل الاشياء في هذه الحياة ان تسمع من انسان بعيد عنك باعترافه بالجميل لك لأنك في يوم ما أسديت له خدمة او معروفاً مهما كان بسيطاً حتى لوكانت هذه الخدمة مجرد كلمة بسيطة قلتها في حقه وهو غائب او حاضر.فما اجمل ان تجد انساناً تعجب به فتبحث عن وصف يناسب له فلاتجد لانه يأسرك بروحه الحلوة وانفاسه العذبة وصوته الحنون الذي يريح قلبك.انها بالفعل سهام مجتمعة جميلة تخترق اعماق قلبك فترضبك في مقتل، ولكن ليس أي مقتل! انه مقتل الحب الصادق البريء الذي يتحدث عن نفسه من اول تجربة صادقة له ومع اول انسان صادق في حياته، هذا ان كان يحق لنا ان نطلق على الحب بأن له قلبا خاصاً به وحياة خاصة به لايعطيهما الا من يستحقهما بالفعل ويعرف معناهما الحقيقي.ان مايحدث في علاقتنا الانسانية وفيما بيننا وبين بعضنا، وخاصة في علاقة طرف بطرف آخر، انها علاقة يشوبها التوتر والقلق لان كل طرف يخشى ان يفسر الطرف الآخر مغزى كلامه او تصرفه التلقائي بشكل سيىء، وبالتالي يقلِّل من قدره لديه او كما نقول نحن )يطيح من عينه!(.وهذا الخوف او الافتراض السيىء والمسبق يجعل علاقاتنا الانسانية معرضة لأي هزة بسيطة من اي طرف او من الاطراف الاخرى التي قد تتدخل بقصد وبدون قصد لتنهار معها العلاقات الجميلة وتصبح في مهب الريح، تلك العلاقات التي ظل اصحابها زمنا طويلا يبنون اساسها الذي هو الصدق وأعمدتها التي هي المشاعر وجدرانها التي هي الاحاسيس وكل شيء فيها يعبر عن الحب ويرمز اليه من قريب او بعيد, ولِمَ كل هذا؟لأننا تعودنا الشك منذ البداية، لاننا افترضنا سوء النية من البداية! لأننا عمّمنا تجارب الآخرين السلبية مع الغير علينا نحن! سنوات طويلة من الصداقة الحلوة والعلاقات البريئة نبنيها واذا بها تنهار امام اعيننا مع أول عاصفة تقابلها.أليس جميلا ان نعرف حقيقة من نحن في عيون الآخرين من خلال تجربة محرجة معهم او سوء فهم يحصل معهم فنصبح بعد هذه المواقف من اعز الاصدقاء؟أليس جميلاً ان نختلي بأنفسنا قليلا ونخصص لنا وقتا خاصاً بنا ثم نذهب لمكان ما تعودنا الجلوس فيه او المرور عليه فنحاول نلمس جمالياته وابرازها بشكل افضل؟بل أليس جميلا أن تكون ابتسامتنا الحلوة مستمرة وغير قاصرة على موقف معين؟بل أليس جميلا ان نتذكر تضحيات أمهاتنا وآبائنا معنا وشقاءهم من اجلنا.أليس جميلاً ان تجلس بجانب امك مثلا وتطلب منها ان تفض عليك ماذا كنت تعمل حينما كنت طفلاً كيف كنت تتصرف, ماهي العادات التي كانت ملازمة لك وماهي المواقف المحرجة او المضحكة التي كانت تصدر منك, انها اشياء كثيرة وكثيرة فلا تبخل على نفسك بها وتذكر ان الجمال متمثل فيك بشكل او بآخر المهم ان تكتشف نفسك من الآن ان لم تكن تعرف,, بعد وحينها وبغض النظر عن الإجابة قُل: اللهم حَسِّن خُلُقي كما حسَّنتَ خَلقِي .
* *
همسة
نعم لا أُنكر,.أن الحياة جميلة,.ولكنها بك أجمل!ومعك تظل أفضل!تستحق أن أراها,.بشكل مختلف,.تستحق أن أعيشها,.لآخر لحظة,.
فَبِكَ أنت,.أشعر بحلاوة طعمها,.ألمس حسن استقبالها,.أحس بدفء حنانها,.
ومعك أنت,.أطمئن,,نعم أطمئن,.إلى أن تلك المشاعر الجميلة,.تلك الأحاسيس النبيلة,.سوف تلازمني كظلي!سوف لاتتخلى عني!
لأنها ليست مزيفة,.بل صادقة,.كصدق صاحبها!صافية,.كصفاء روحه!
نعم,.اشعر بتلك الاشياء الجميلة,.مُرسلة لي,.كأغلى وأجمل هدية!مخَّبأةً لي,.كأحلى ماتكون المفاجأة!
|
|
|
|
|