| مقـالات
لم يعد الإنسان قادرا على العيش في معزل عما يجري في العالم، فهو في كل لحظة محاصر بأخبار ومستجدات كوكب الارض التي لا تعرف الراحة او التوقف.اجهزة الإعلام تحشر الإنسان في ركن ضيق لتمارس عليه سيطرة هائلة فتصبح اهتماماته هي اهتمامات الإعلام، وتصبح قناعاته هي قناعات الإعلام، وتتشكل اهواؤه فتصبح جزءاً من اهواء الإعلام!.والمصيبة ان الإعلام العالمي، وخصوصا في شكله الخبري، يندر ان يحمل اي اخبار سعيدة، فنجد بؤر الاهتمام تتركز في الكوارث ومآسيها، والحروب وويلاتها، والأوبئة وضحاياها، والفضائح الجنسية ومخازيها!.ان هذا الكم الهائل من الاخبار المزعجة التي طغت على خارطة اخبار العالم يجعلنا نتساءل: لماذا تسعى صناعة الخبر الى جلب ما يشقي الإنسان؟ هل الخبر المفرح لا يجد أذناً صاغية؟ أم ان كثرة منغصات الحياة جعلت الاخبار السيئة هي الطاغية؟ ام ان الإعلام الدولي لا يريد ان يترك الإنسان في حاله فيسعى للمزيد من محاصرته حتى يجعل حياته كلها شقاء في شقاء؟!الامر المؤكد ان الإعلام مهما اشتط يكون انعكاسا لما يجري في العالم من احداث، والعالم للأسف مسكون بمشاكل دولية واقليمية وقطرية لا نهاية لها,.ان هنات الإعلام تقع مسؤوليتها في الأساس على هذا العالم المجنون الذي يزرع المشاكل الكبيرة والصغيرة في اي مكان يوجد فيه الإنسان.فقد تعتمد رفاهية الإنسان في بعض الدول الكبيرة على شقاء الإنسان في بقاع أخرى من العالم، فيهب إعلام الدول الكبرى للنفخ في مشاكل الدول الصغيرة وتضخيمها وصب البنزين عليها، فتنشأ النزاعات التي تتحول الى حروب طاحنة، وتزدهر سوق استيراد السلاح، وتنتعش مصانع الدمار وتتضخم خزائن الدول المستفيدة وتنكمش خزائن الدول التي تحترق بنيران الحروب والخلافات، ويكون الإعلام جزءا من دراما الواقع بكل متناقضاته ومآسيه.وقد لا يكون الإعلام موجهاً بشكل سافر، اذ قد يكون له هامش كبير من حرية الحركة، وهنا تشتعل حرب سوق المعلومات، والمعلومات المطلوبة هي تلك التي تستفز المتلقي وتجذب انتباهه، وسوق المآسي والآلام تكتظ للأسف بأضعاف اضعاف ما تحتويه سوق الافراح والبشائر، فالحروب مشتعلة، والمجاعات منتشرة، والامراض متفاقمة، وحرارة الارض متقافزة، وثقوب الاوزون متسعة ومعدلات الجريمة مرتفعة.ان انسان العصر ضحية لإعلام جائر يجد ضالته في المآسي والآلام فيزيد من قسوة الحياة في عالم اليوم,, هذه حقيقة نقر بها ولا نغالط فيها، لكن الإعلام الدولي ايضا محاصر بواقع سلبي، تعصف به آلام البشر ومعاناتهم، فلا يجد أمامه سوى الخوض في تلك الآلام، لتتشكل جدلية الدجاجة والبيضة,, ومن منهما تسبب في وجود الآخر؟!.
|
|
|
|
|