| مقـالات
اذكر في احدى زيارتي السريعة لمدينة نيويورك أنني سألت احد اصحاب المحلات التجارية ما اكبر سوق تجاري في هذه المدينة ويستحق الزيارة؟ فقال لي: لا ادري عن ماذا تسألين، فمدينة نيويورك ليست سوى سوق تجاري كبير.ولا اعتقد ان هذا الاحساس سيغادرك وانت تتجول في عاصمة العالم الاقتصادية حيث ترى كل الاشياء تتسلع وتصبح خاضعة لقانون البيع والشراء, حتى في شارع بروداوي الذي يضج صخبا وفنا وابهارا.وسلعية الفن وقابليته الاستهلاكية، هي قضية قديمة ولها جذور فلسفية تتعلق بالصراع الدائم بين المادة والمطلق، وكلما كان الفن خالدا ساميا كلما تابي على ان يتحول الى مادة او بضاعة ذات قيمة يحددها قانون العرض والطلب.ولكني قرأت مؤخرا في احدى الصحف المحلية ان احد المطربين المحليين قد ادرج ضمن الخطة التسويقية لشريطة الجديد جوائز من ضمنها تذاكر سفر وقطع ذهبية بينما الجائزة الاولى ستكون سيارة فاخرة؟؟؟؟؟ولا ادري عن مدى مصداقية الخبر الا انه في حالة صحته فإننا بالتأكيد نطل على صحراء مرعبة من الاسفاف والاستهانة بالفن من ناحية وبأذواق الجمهور من ناحية اخرى, حيث يبرز الطابع الجشع الذي يرى في المجموع قطيعا ساذجا قابلا لجميع انواع الابتزاز؟؟ وبدلا من ان يكون الفن عصا سحرية ترقى بأذواق المتلقين وتسمى باحاسيسهم تتحول تلك العصا لإداة لسوقهم بل سوطهم.وقبل ان انخرط في مرثية لهذا الوطن الذي ابتلاه الله بمجموعة من الشرهين ومنتهزي الفرص, لا بأس من ان اورد حكاية فريق يو تو الغنائي الايرلندي الذي نجحت مساعيه الحميدة وتوسطه لدى دول قادة العالم في تخفيض ديون دول العالم الثالث، فقد اثبت جدارته بقيادة نجمه باول هيوسون في تخفيض ما يقارب من 115 مليار دولار من ديون دول العالم الثالث, ولأن القصة لها تفاصيل طويلة لا مجال لايرادها فسأترككم لفجيعة المقارنة وآمال البعض بالفوز ببعض من جوائز المطرب السالف الذكر, في وطن يصر البعض على تحويله مرتعا لجشعهم واطماعهم التي لا تنقطع.
|
|
|
|
|