| الريـاضيـة
قبل أكثر من عشر سنوات كنا في رحلة سياحية جماعية الى إحدى الدول الغربية والتي جمعتنا فيها الصدفة ببعض الأصدقاء الاشقاء من الدول العربية, وخلال تلك الرحلة تجسدت الوحدة العربية بين الأشقاء وصار هناك تفاهم وتلاحم كامل, وأثناء إحدى لحظات التجول والسفر التفت أحد زملاء خط الظهر وكان من الدول العربية المعتبرة وقال: انت لست سعوديا,, فالسعوديون يختلفون,, وهذه اول مرة أرى سعوديا بهذه الروح ,, لم يكن هنالك وقت للانتظار والتفكير لأن الرد كان تمدحني لتسب مواطني بلدي ؟! فانفجر الجميع من الضحك لأن الرد جمع بين الانفعال والطرافة وتقبل زميلي الرد وأعجب به وأصبح يردده في كل مرة نتقابل, على كل حال انتهت المباراة ب3/1 لأن زميلي هذا الذي اصبح فيما بعد رئيسا لأحد النقابات الكبرى في بلده هاتفني بعد مضي أربع سنوات على تلك الرحلة وذكرني وقال لقد كنت محقا فلقد تعرفت خلال السنوات القليلة الأخيرة على عشرات السعوديين الذين كانوا يتمتعون بروح جميلة وثقافة واسعة وأخلاق عالية,
لقد خطر هذا الموقف الطريف عندما سنحت لنا الفرصة خلال الايام القليلة الماضية وخاصة بمناسبة العيد والاجازة بالالتقاء بكثير من المعارف والزملاء والأصدقاء والمتابعين,
فالكثير ممن بدأوا الحديث عن موضوع الصحافة الرياضية وهمومها كثيرا ما يبدأون بالمدح والثناء بشخص الكاتب واطروحاته وينتهي بهم المطاف بالتقليل من قيمة الكثير من الكتاب في الصحافة الرياضية وكتاباتهم وانهم سطحيين ومتعصبون لأنديتهم ,, الى آخره، ولذلك كانت غالبية الردود تتمحور حول عبارة تمدحني لتسب زملائي ؟!
ومع كامل الاحترام والتقدير لكل الزملاء والمتابعين والقراء فعلى الرغم من ان الانسان بطبيعته يعشق المديح الا انه يجب علينا ألا ننسى ان من أبرز سلبيات تركيبة ثقافتنا العربية انه عندما نصب غضبنا على طرف ما نشرع عادة بالبدء بكيل المديح للطرف الآخر وهي الكليشة المعتادة والتي اصبحت ضمن مفردات خطابنا اليومي, وانطلاقا من تلك النقطة جاء تحفظنا على حديث وملاحظات الكثيرين على اعتبار ان المديح غير مستحب خاصة عندما يتم في حضور الشخص ثم ان الحكم العمومي على صحافة رياضية كبرى يتعدد محرروها وكتابها من خلال كلمات ممقوتة غير منطقي وغير حضاري وبالأخص اذا كان لا يستند الى ادوات وآليات التقويم السليم فكتاب الصحافة الرياضية مثلهم مثل الكتاب في الصفحات الاخرى يتواجد بينهم الجيد والسيء والمتزن والمتعصب, وقد لاحظ الكثير اننا كنا نقول في كثير من الأحيان عند الحديث عن الصحافة الرياضية مسكين يا سائق الليموزين واستميحكم عذرا في هذه المناسبة لتوضيح ماهي العلاقة التي تجمع الصحافي الرياضي وسائق الليموزين؟
فمجتمع سائقي الليموزين لدينا من المجتمعات التي تتميز بظروف خاصة وربما ان أي دراسة اجتماعية تتناول هذا المجتمع ستكون دراسة جديدة ومميزة, ومن جهة أخرى فحالة الصحافة الرياضية وافرادها فهي الاخرى تتميز بظروف مشابهة مع فارق التشبيه والاحترام لكلا الطرفين, فعلى الرغم من ان كل طرف يكون مجتمعا خاصا له ظروفه ومميزاته وخصائصه بل ومعاناته يظل هناك اوجه شبه وروابط واضحة تجمع بين افراد الطرفين,
فكلاهما يعمل جاهدا للحصول على لقمة العيش بل ان الغالبية العظمى من افراد الطبقتين تضطرهم ظروف المصلحة للعمل ليلا لسنوات عديدة ومتواصلة, كما ان كلتا المصلحتين تعرض ممارسيها وممتهنيها لبعض المشاكل والمخاطر الكثيرة, وفي النهاية فهما مشتركان في مفهوم تعامل الناس معهما فهما كالبصل مأكول مذموم ,
نحن هنا لا نحاول التقليل من طرف على حساب الطرف الآخر, كما اننا لا نحاول مساواة احد الاطراف المعتبرة والتي تتمتع بمكانة اجتماعية مرموقة بطبقة اخرى قد تقل النظرة الاجتماعية اليها احيانا ولكننا نحاول ربط بعض الخيوط الضائعة والتي اجبرتنا الى الحديث عن تلك المقارنة الطريفة والتي نعتقد جازمين بأنها كثيرا من الزملاء,
ولتوضيح الصورة اكثر فان كثيرا من افراد الصحافة الرياضية وكتابها لدينا اصبحوا يتعاملون مع المجتمع كما يتعامل سائق الليموزين الآسيوي أو باسلوب سيكولوجية سائق الليموزين, وهذا هو مربط الفرس وهو كذلك ما حمل كثيرا من الناس على تكوين فكرة سلبية أو سيئة عن بعض أفراد الصحافة الرياضية,
فغالبية سائقي الليموزين الآسيويين مطلوب منهم مبلغ معين يجب ان يتم توفيره يوميا وما زاد عن ذلك فهو له وبسبب شدة المنافسة بين الشركات الكثيرة وتعدد السائقين يصبح العمل مجهدا على السائق الامر الذي يضطره كثيرا من الاحيان الى ارتكاب الاخطاء ومخالفة النظام ومزاحمة الناس بل وايذائهم وفي الجهة المقابلة نرى وللأسف ان كثيرا من افراد الصحافة الرياضية وخاصة الجديدين في السوق وبعض القدماء الذين يظهر ان ليس لديهم نية نحو التغيير للأحسن ينتهجون نفس الاسلوب ويرتكبون كثيرا من المخالفات حتى وان كان باسلوب مختلف الا انه يؤدي الى نفس النتائج, واذا كان سائق الليموزين تنتهي اخطاؤه في الغالب بعواقب سليمة كعبارة كلا يصلح سيارته او الصلح خير وما الى ذلك الا ان أخطاء الصحافي تظل محمولة في قلوب الناس فالانسان بطبيعته ينسى آلاف الحسنات ولكنه يظل يتذكر السيئة ما بقي وعاش,
واذا كان العتب قد يوجه الى الكثير من افراد الصحافة الرياضية بسبب التسرع والحماس الزائد والانجراف العاطفي فانهم يظلون جنودا مخلصين لعملهم وموهبتهم ويستمرون ان شاء الله كأحد الاجواء المكملة للمسيرة التنموية الخيرة التي تشهدها بلادنا, كما انه اذا كان بعض من الاحكام التي صدرها الكثير من الناس على الصحافة الرياضية ومستوياتها قد تكون احيانا قريبة جدا من الحقيقة الا انها في غالب الامر تتعلق بالكتابة عن احد الفرق الرياضية لذلك نقول لكثير من الناس ان ما لا يعجبكم قد يعجب كثيرا آخرين وما يعجبكم قد لا يعجب الآخرين فلماذا الأنانية اذا؟!
Kbahouth @ yahoo. com ص,ب 559 الرياض 11342
|
|
|
|
|