| القرية الالكترونية
قد تكون الإنترنت هي أهم مخترع تفتق عنه العقل البشري خلال القرن المنصرم ولكي لا نكون مبالغين وألا يصمنا الغير بحب تضخيم الأمور دعونا نعمم ونقول تقنية المعلومات بشكل عام بما فيها الإنترنت والاتصالات هي أهم مبتكرات القرن الماضي. وهذه التقنية التي ستقلب نمط حياتنا اليومية بشكل غير متصور ولسنا إلا على عتبة تغييرات جذرية ليس في طريقة الحياة التي نعيشها فحسب ولكن لما لذلك من تأثير على الشؤون الاقتصادية والتعاملات التجارية والعلاقات الدولية والثقافات وخلافه وكل هذا ما تعنيه كلمة العولمة التي كثر الحديث عنها هذه الأيام في وسائل الإعلام. وبعد هذه المقدمة يظهر هناك بعض الأسئلة المهمة والكبيرة والتي من الإجحاف محاولة الإجابة عنها في حيز ضيق كهذا ومن شخص واحد خاصة إذا كان ذلك الشخص محدود المعرفة والمقدرة وكل رأس ماله صدق المواطنة والغيرة والإخلاص لهذا الوطن الغالي. والسؤال الأول هو: هل كانت الإنترنت علينا نعمة أم نقمة؟. والسؤال الثاني: هل يمكن أن نعيش بدون الإنترنت ؟. والسؤال الأخير: كيف لنا أن نتعايش مع الإنترنت؟. أسئلة كبيرة ومهمة كما أسلفت تحتاج إلى إجابة من العلماء والمفكرين وذوي الاختصاص في هذا البلد وأخذ الأمر بجدية إلا أنني سأحاول أن أتعرض لهذه الأسئلة بشيء من الاختصار وما ذلك إلا اجتهاد المقل وعسى أن أكون قد أدليت بدلوي وأرحت ضميري بعض الشيء. أما عن السؤال الأول عن كون الإنترنت نعمة أم نقمة، فالإنترنت مثلها مثل بقية التقنيات الحديثة لها مميزاتها ولها عيوبها ولو أردنا أن نعدد مميزاتها لاحتاج ذلك إلى مجلدات ثم ان هذا الموضوع أُشبع بحثاً وعرضاً من خلال هذه الصفحة ومن كثير من الصحف ووسائل الإعلام الأخرى. كما يمكن إضافة أن الإنترنت تجمع وظائف عدد من التقنيات الأخرى مثل الهاتف والتلفزيون والمذياع والفيديو والحاسوب بالإضافة إلى كونها وسيلة للنقل السريع للمعرفة والمعلومة والتعاملات التجارية والاتصال بين الأفراد والهيئات والدول إنها الوسيلة التي ستمكن العولمة من التحقق أو كما اسماها أحد مفكري الغرب آلة العولمة . كما انها وسيلة سهلة ورخيصة لنشر العلم فهناك جامعات ومراكز تدريب على الإنترنت يمكن الانتساب إليها وتلقي العلم من جميع بقاع الأرض وذلك عن طريقها دون أن يبرح طالب العلم بلده. اذ ان الإنترنت وسيلة لتبادل العلم والخبرات والأبحاث في جميع حقول المعرفة كما انها وسيلة إلى نشر وتلاقح الثقافات وهذه الأخيرة لا أعلم إذا كان من الإمكان تصنيفها نعمة أم نقمة. أما عن مساوئ الإنترنت فهي الأخرى كثيرة وخطيرة والسبب الرئيسي وراء كتابة هذا الموضوع هو التعرض والتنبيه لتلك المساوئ وأخطرها من وجهة نظر شخصية هي نشر الثقافات. وعندما نتحدث عن نشر الثقافات فإن ذلك يعني أن الباب مفتوح أمام جميع الحضارات وجميع الأمم لنشر ثقافاتها من خلال الإنترنت وهذا قد يبدو للوهلة الأولى نعمة إلا ان واقع الإنترنت الحالي غير ذلك فعندما لا تكون الإمكانات بما فيها التقنيات والمتغيرات والعوامل الأخرى متساوية لدى الجميع فإن ثقافة من يملك تلك الإمكانات والقوة ستكون بلا أدنى شك السائدة وهذا هو الحاصل في إنترنت اليوم اذ لا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنة ما ينشر من ثقافات بما ينشر عن الثقافة الأمريكية. فعندما تأتي أمة ذات إمكانيات هائلة وقبل ذلك وبعده هي الأم والرحم الذي احتضن ولا يزال يرعى الإنترنت تأتي وتنشر ثقافتها بما تحمل من مساوئ ومن تراكمات مئات السنين من الانحطاط الفكري والخلقي دون رقيب ولا حسيب من خلال الإنترنت فإن ذلك يعد نقمة على جميع الثقافات الأخرى وقد قرأنا وسمعنا في وسائل الإعلام المختلفة تذمر عقلاء وبعض قادة الغرب مما ينشر في الإنترنت من انحلال وصور إباحية للأطفال ) أما الكبار فلا عيب في ذلك من وجهة نظرهم(. وفي الأسبوع القادم بإذن الله سنسرد بقية المساوئ كما سنحاول الإجابة عن السؤالين الأخيرين.
mmshahri@scs.org.sa
|
|
|
|
|