أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Tuesday 28th March,2000العدد:10043الطبعةالاولـيالثلاثاء 22 ,ذو الحجة 1420

الاقتصادية

الأبعاد المنسية في عملية السعودة
د, مفرح بن سعد الحقباني *
يعلم الجميع بأن التواجد العشوائي للعمالة الوافدة له آثار سلبية متعددة الجوانب كما يعلم الجميع بأن مزاحمة هذه العمالة للعمالة الوطنية على فرص العمل المحدودة قد ألقى بالكثير من شبابنا خارج اسوار سوق العمل, ومع ذلك وعلى الرغم من هذا الواقع الخطير لا تزال التحركات الجادة المقننة لتحقيق السعودة اللازمة لفرص العمل بطيئة جدا ان لم تكن مفقودة كما لاتزال الكثير من التحركات ذات صبغة وطبيعة اعلامية ليس الا, السؤال هنا هو لماذا هذا التباطؤ في معالجة هذه القضية الهامة؟ ولماذا النقاش والجدل حول هذه القضية التي هي من متطلبات مستقبلنا واستقرارنا الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والامني والفكري؟.
أعتقد ان المتابع يستطيع ان يستنتج الاجابة على التساؤل المطروح من خلال طبيعة ومضمون التحركات الرسمية وغير الرسمية التي تستهدف معالجة واقع سوق العمل السعودي, فعلى الرغم من تعدد الابعاد لعملية توطين فرص العمل الا ان معظم الاجراءات والتحركات واللقاءات المتخصصة وغير المتخصصة قد ركزت على مناقشة البعد الاقتصادي لعملية السعودة متناسية او مقللة من اهمية الابعاد الاخرى التي لا تقل اهمية عن البعد الاقتصادي ونتيجة لهذا المنهج الخاطىء فقد اصبح من غير الممكن اقناع المسؤولين او اصحاب العمل بأهمية السعودة لقناعتهم بأن في ذلك ضرراً اقتصادياً وخللاً عاماً قد يؤثر على طبيعة الاداء الاقتصاد الوطني, وهنا نقول إن من الواجب الوطني إعادة النظر في منهجنا ونظرتنا لعملية السعودة وذلك للاسباب التالية:
1 ان البعد الاقتصادي لا يمثل سوى واحد من الجوانب الهامة التي تتعلق بعملية السعودة حيث ان هنالك العديد من الابعاد التي لا تقل اهمية عن البعد الاقتصادي.
2 ان النظر للبعد الاقتصادي في الاجل القصير فقط لا يخدم التصور العام حيث ان من المتوقع ان تساهم عملية السعودة في دعم المقدرة الاستهلاكية للبلد في الأجلين القصير والطويل والمقدرة الانتاجية في الاجل الطويل, فمن المفترض ان يساهم توظيف عنصر العمل السعودي في تأمين مصادر دخل مناسبة لليد العاملة الوطنية مما سيضيف قوة استهلاكية جديدة ويحد من تدفق تحويلات العمالة الاجنبية الى الخارج كما ان من المفترض ان يساهم توظيف عنصر العمل السعودي في تنمية مقدرته الانتاجية واكسابه للخبرة اللازمة مما سيؤمن الاستقرار لمعظم الانشطة الاقتصادية التي تعتمد في الوقت الحاضر على العمالة الاجنبية فقط.
3 ان التركيز على البعد الاقتصادي فقط يعني عدم اخذ النتائج السلبية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفكرية التي يولدها تكدس العمالة الاجنبية في الاعتبار عند اتخاذ المستثمر لقراره الاقتصادي وبالتالي فهو يضيف تكلفة اجتماعية لا يدفع ثمنها, ومن هنا يأتي استخدامه للعمالة الاجنبية بشكل يفوق ما كان ليكون لو اصبح مسؤولا عن الآثار السلبية المصاحبة لقراره الاستثماري, فلو أمكن تقدير تلك الخسائر المنعكسة على المجتمع ولو امكن معرفة المساهمة الحدية لكل مستثمر ثم لو امكن الزام كل مستثمر بدفع هذه التكاليف الاضافية فان تكلفة توظيف العمالة الاجنبية التي تدخل في معادلة الربح للمستثمر سوف تزداد مما سيؤدي الى التقليل من توظيف هذا العنصر, ولكن مع تعذر ذلك ومع غياب الرقابة الصارمة اصبح المستثمر يتخذ قراره الاستثماري بعيدا عما يخلفه من آثار سلبية على المجتمع.
4 ان عدم اخذ البعد الامني للتواجد العشوائي للعمالة الوافدة في الاعتبار سوف يؤدي الى نتائج سلبية قد تطال الجميع خصوصا وان التقارير والاحصاءات الرسمية تفيد بارتفاع معدلات ارتكاب الجريمة من قبل العمالة الاجنبية واتباعها في هذا السبيل طرقاً غريبة عن مجتمعنا المحافظ خصوصا بعد فشل بعض هذه الفئة في الحصول على اهدافها المرسومة بالطرق الشرعية, واذا اضفنا الى ذلك التواجد العشوائي والمكثف لهذه العمالة وعدم وجود نظام رقابي صارم ينظم عملية تأجير واستئجار السكن فان الامر يصبح في غاية الصعوبة والخطورة عند الرغبة في التدخل الامني كما ان بقاء ابناء الوطن خارج اسوار سوق العمل سيدفع بالكثير الى ارتكاب الجرائم على مختلف صورها متذرعة بوضعها الاقتصادي البائس وبفشل المجتمع في مساعدتها في تحقيق مستوى معيشي مقبول اجتماعيا.
ومن هذا المنطلق نجد ان من الواجب عند مناقشة قضية السعودة ان نأخذ في الاعتبار كل الابعاد المرتبطة بهذه القضية حتى نستطيع خلق التصور المناسب وحتى نستطيع اصدار او حماية القرارات الصادرة في هذا الخصوص يجب علينا ان نضع الامور في نصابها حتى لا ننخدع بحلاوة ومنطقية الجانب الاقتصادي وحتى لا يفرض علينا هذا المنهج واقع اجتماعي وسياسي وفكري وامني غير مرغوب يجب ان نعي بأننا اذا كنا نستطيع ان نتدخل في الوقت الحاضر فربما لا نكون كذلك في المستقبل,
فهل نرى وثبة وطنية جادة في هذا الاتجاه؟
نتمنى ذلك.
* أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved