| الثقافية
كان يسير داخل دوائر متفرقة، يقفز من دائرة إلى أخرى، أحياناً يضيع في مساحة الدائرة، يحلق في أقطارها، كل أمله أن تتداخل الدوائر لتصبح دائرة واحدة، يجري فيها بدون أن يقفز من دائرة إلى أخرى، هذه رغبة قديمة، فعندما كان في المدرسة حاول أن يحسب أقطار الدوائر استخدم جميع المعادلات التي درسها من أجل أن يجد علاقة رياضية أو هندسية تتداخل فيها الدوائر، كان يرسم دوائر متداخلة على الطاولة وفوق السبورة، يصرخ في وجهه المعلم أنت تلميذ ·بليد ربما لم يفهم المعلم طموحاته، أصبح يكره الرياضيات لان جميع معادلاتها فشلت في ايجاد علاقة (تداخلية للدوائر) وايضا يكره مادة (الجغرافيا) لانه يكره حفظ الأرقام والمساحة وعدد السكان والتضاريس والمناخ واثقل شيء على صدره حفظ الحدود للدول، لماذا لا يكون المناخ واحدا حار أو بارد!! والأرقام واحدة، عندما بسط المعلم الخريطة نظر إليها تمنى ألا تكون هذه الخطوط المتعرجة والبقع الملونة موجودة عليها، حتى تكون الخريطة بسيطة ومنظرها جميلاً كان ينظر إلى الخريطة، بأحلامه البسيطة والساذجة عندما طلب منه المعلم ان يحدد احدى الدول عليها وقف أمام الخريط وأخذته أحلامه بعيداً عن الطلاب والمعلم والعالم، متى أقف أمام الخريطة أغمض عيني تصبح اجابتي صحيحة، يصفق لي الطلاب، يشكرني المعلم أغمض عينيه، وضع اصبعه على أي مكان في الخريطة وقد يكون خارج الخريطة، ربما على السبورة أو على الجدار، انتبه على صراخ المعلم، أنت طالب غبي لا فائدة منك شيعته نظرات الطلاب الساخرة إلى مقعده.
وقعت الجمرة على ثيابه، احترق ثوبه انتبه من غفوته ولكن بعد أن احترق كل شيء ثيابه، المنزل وجسمه حتى وهو في المستشفى لم يفكر في جسمه المحترق أو وجهه المشوه، أو في الألم كان يفكر في السبب الذي احترق من اجله, الاطباء عندما يسمعون كلامه يضحكون ويقولون عنه إنه أغبى مريض شاهدوه في حياتهم، اما هو فكان يفكر في الاسباب بدل ان ينزف تفكيره في المشكلة، لذلك يعتبر نفسه ذكيا إلى درجة العناء كما قال عنه أحد الخبراء اليابانيين بعد ان تأكدوا من صوته ودفنه في احدى الدوائر المظلمة.
هاني الحجي
|
|
|
|
|