| الطبية
إن أحد الأهداف الرئيسة قبل استخدام أي علاج او دواء هو الوصول الى الشفاء بأيسر الطرق وبأقل الخسائر, والطرق هنا هي الجرعات ومدة العلاج وسعره، وأقل الخسائر يقصد بها أقل الأضرار الجانبية التي قد تنشأ إما بسبب الدواء بذاته أو بسبب الاستخدام الخاطىء له.
من الخسائر أو الأضرار المصاحبة للدواء هو التعارض الذي قد ينجم عن تعاطي علاجين أو أكثر في نفس الوقت أو لجعل الصورة أوضح يمكن أن نمثل ذلك بمثال بسيط كالتالي: تخيل أنك تريد علاج الصداع بأحد الأدوية المتاحة كالبنادول مثلا وفي نفس الوقت تعاني من ضغط الدم المرتفع مما يتطلب المعالجة بأحد الأدوية الكثيرة فربما يؤدي هذا الى تداخل بسيط بين الاثنين ينتج عنه مشكلة جديدة أو ربما مضاعفة لاحدى المشكلتين ربما يكون هذا المثال غير دقيق ولكنه للتعريف فقط.
ينصح المرضى كثيرا قبل البداية بأي معالجة جديدة أن يبينوا الأدوية القديمة التي يستخدمونها قبل اضافة أي دواء وذلك من أجل تجنب أي مضاعفات قد تطرأ على المريض بسبب الجمع بين المتناقضات.
قد تكون التداخلات في كثير من الأحيان بسيطة لا يلقى لها بالا إلا أنها ربما تكون قاتلة أو قد تؤدي الى تلف شديد بأحد أجهزة الجسم في حالات أخرى.
لتصور أهمية معرفة هذا الأمر، لابد من الالمام بتبعات اهماله صحيا واجتماعيا بل وحتى اقتصاديا فكثيرا ما نواجه حالات مرضية بسبب اهمال توضيح هذا الأمر وربما المثال اليسير يبين حقيقة المشكلة وحجمها.
الوارفارين أو الكومادين أحد الأدوية الهامة التي تستخدم لمنع تخثر الدم ولمنع التجلط وهناك قائمة طويلة من الأدوية الأخرى التي تزيد من مفعوله أو تقلل، فلو أضفنا علاجا يزيد من مفعول الوارفارين فالنتيجة الحتمية المتوقعة هي النزيف إن لم تتدارك جرعته بالتقليل بينما لو أضفنا علاجا يقلل من تأثيره فإن حدوث جلطة يصبح هو المشكلة المتوقعة.
والتداخلات الدوائية تخضع لميكانيكيات مختلفة بمعرفتها يمكن التعامل معها والسيطرة عليها.
أهم هذه الميكانيكيات ما يلي:
التداخل عن طريق التأثير على أنزيمات الكبد والأيض, مثل السبروفلوكساسين مع الوارفارين.
التداخل عن طريق تكوين مركبات متعثرة لا تمتص, مثل مركبات الكالسيوم والنزاسايكلين.
التداخل عن طريق التبادل البروتيني في الدم, مثل الأسبرين والفينيتوين وغيرهما.
في النوع الأول توجد أدوية تزيد من انزيمات الكبد الخاصة بالأيض والتمثيل الكبدي الكيميائي فيترتب على ذلك سرعة تكسير المركبات الدوائية وتقليل تأثيرها فلابد من معرفة الدواء قبل اضافته الى البرنامج العلاجي، وعلى العكس الأدوية التي تقلل من الانزيمات.
أما النوع الثاني فإن هناك أدوية تشكل مركبات معقدة في الجهاز الهضمي مع بعض الأدوية مما يمنع امتصاصها وبالتالي يقلل من فائدتها, ويمكن التغلب على هذه المشكلة بابقاء فاصل زمني بين العلاجين لا يقل عن ساعتين.
أما النوع الثالث فإن المشكلة تكمن في أن بعض الأدوية لها قابلية أكبر من غيرها من حيث الارتباط ببروتين الدم والبلازما، فلو تمت اضافة علاج آخر لديه قابلية أكبر من الأول فإن يحل محله ويبقى الأول حرا في الدم مما يؤدي الى زيادة تأثيره بل وربما يسبب التسمم.
ان ادراك هذه الأمور والوعي بها حتما سيقود الى زيادة الاهتمام بالسؤال عن التداخلات الدوائية قبل الجمع بين علاجين أو أكثر.
قضية أخرى يحسن ذكرها ألا وهو التداخل بين الأدوية وبعض الحالات المرضية فهناك بعض الأدوية قد تزيد بعض الأمراض سوءا اذا تزامنتا سويا, لذا يتبين مما سبق أهمية متابعة التداخلات الدوائية والمرضية قبل المعالجات إذ إن البدائل قد تكون ضرورية وهامة لتجنب مشاكل المريض والصيدلي بغنى عنها.
د, محمد العريني صيدلي إكلينيكي - مستشفى الملك فهد للحرس الوطني
|
|
|
|
|