| محليــات
منذ عصر الدولة السعودية الاولى والى العصر الذهبي عصر توحيد هذه البلاد المباركة على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، ظهر رجال ونساء من هذه الدوحة السعودية المباركة كان لهم أكبر الأثر في مختلف جوانب النهضة الكبيرة التي تشهدها المملكة في كافة المجالات على يد خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، ومهما عددت الأقلام انجازات هؤلاء الرجال والنساء فلا يمكن ان تفي حقهم وقدرهم، وهم في الحقيقة لا يحتاجون لذلك فأعمالهم ومنجزاتهم البراقة تشهد لهم,ان ما دفعني للكتابة هنا هو تأثري برحيل علم من اعلام النهضة النسائية ْ الفقيدة الغالية ْ الاميرة عفت الثنيان التي تعد بحق رائدة التعليم النسائي الخارجي في المملكة وهو ما كان ديدنها طيلة حياتها والى آخر لحظة منها حيث كانت آخر وصاياها لابنائها البررة وهي في النزعات الاخيرة قبل ان تصعد روحها الطاهرة الى بارئها بالتآخي والتكاتف ورفع الظلم وحب الناس, وللانسان الخير شواهد وسمات في حياته وبعد وفاته، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ·إذا مات ابن آدم انقطع عمله الا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له هذه المآثر الثلاث مشهودة للاميرة الفقيدة ان شاء الله فبارك الله لها في ذرية صالحة من اصحاب السمو الملكي ابنائها الامراء وصاحبات السمو الملكي بناتها الاميرات الكرام، اما الصدقة الجارية فهي لا تعد ولا تحصى, لقد كان لمبادراتها دور هام في انشاء الجمعيات الخيرية سواء في الرياض او جدة حيث قامت هذه الجمعيات وما زالت تقوم بدور بارز في الاعمال الخيرية والتطوعية, ان هذه الاعمال هي بمثابة الصدقة الجارية والتي نسأل الله مخلصين ان يثيبها عليها.
وفي مجال العلم الذي ينتفع به كانت الاميرة اولى النساء السعوديات التي رحبت بل عملت في نشر التعليم النسائي الخاص منذ عهد زوجها الرائد الملك فيصل بن عبدالعزيز يرحمه الله وعملت على تحقيق ذلك دون كلل او ملل، والمتتبع لمسيرة التعليم النسوي يعرف ويقدر الدور الرائد والاهمية الخاصة التي لعبتها مدرسة دار الحنان بجدة منذ بزوغ فجر النهضة في المملكة في ارساء اسس التعليم الخاص للبنات على اساس من التميز والقيم.
وبرؤيتها الثاقبة وتصميمها الفذ على استمرار هذه المسيرة الخيرة اخذت تخطط لتحقيق المزيد من الطموحات للمرأة السعودية فعملت في اواخر أيامها على انشاء كلية الاميرة عفت الاهلية للبنات ويعرف المطلعون والعاملون في مجال التعليم الجامعي ضخامة المسؤولية وجسامة وصعوبة التأسيس لمشاريع مثل هذه.
هذا قليل من كثير مما يعرفه الكثير عن هذه الاميرة الفذة ولقد تعرض لذلك غيري ممن هم اقدر مني واكثر اطلاعا، الا ان ابرز سمات هذه الرائدة الكريمة ما يتعلق بدور الام الانموذج الذي انعكس اثره على ابنائها وبناتها فكان لهم ايضا الدور الرائد في مجال العمل التطوعي او في مجال الاسهام في دفع عملية التعليم حتى خيل للمرء ان مثل هذه النزعات والسلوكيات ذات اصول ربما تتصل بالوراثة فها هم ابناؤها وبناتها يسارعون وكأني بهم يتنافسون في مجال العمل الشريف مما ادى الى قيام المزيد من الاعمال التطوعية والتربوية الخاصة، فمن منا لا يعرف الدور الذي تلعبه مؤسسات تعليمية خاصة مثل منارات المملكة برعاية صاحب السمو الملكي الامير محمد الفيصل ومن منا لا يعرف دور مدارس التربية الاسلامية برعاية من صاحبة السمو الملكي الاميرة سارة الفيصل واخواتها الكريمات، ومن منا لا يعرف ايضا الدور المتنامي لمدارس الملك فيصل التي تحظى باهتمام خاص من صاحب السمو الملكي الامير سعود الفيصل واخوانه الميامين.
انه لمن السهل ان يستطرد المرء في تعداد مناقب مثل هذه الشخصية وذلك قد يطول,, لذا فسأختم بالتوجه بالعزاء في هذا المصاب الجلل ليس لابنائها وبناتها فقط بل لكل من عرف فضلها وهم كثيرون، واقترح على ابنائها وبناتها ومحبيها ولا أخالهم الا فاعلين وذلك بتأسيس مؤسسة الاميرة عفت الثنيان لرعاية التميز النسوي بحيث تخصص هذه المؤسسة الدعم المادي للمتميزات من بنات هذا الشعب الكريم على هيئة منح دراسية لمواصلة التعليم العالي او لاجراء البحوث العلمية وكذلك تنظيم جوائز علمية للمتفوقات منهن.
رحم الله الاميرة وجعل اعمالها في ميزان حسناتها فهي ان رحلت عنا فاعمالها باقية ابدا ما بقي الدهر, فهي جمعت بين الصدقة الجارية والعلم الذي ينتفع به والولد الصالح الذي يدعو لها وهذا لا يقتصر على ابنائها وبناتها الكرام الابرار بل كافة المواطنين من الرجال والنساء الذين انتفعوا ان شاء الله من فكر الاميرة ودعمها لتعليم بناتهم وامهاتهم وأنارت لهم طريق العلم والمعرفة.
|
|
|
|
|