أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 26th March,2000العدد:10041الطبعةالاولـيالأحد 20 ,ذو الحجة 1420

محليــات

لما هو آتٍ
إن كنت واحداً في فريق عمل
د, خيرية إبراهيم السقاف
حين يُقدَّر لك أن تكون واحداً في فريق عمل، وتجد أن أكثر أفراده لا يلتزمون بالمسؤولية، لا يتقيدون بوقت الحضور والمغادرة، ولا يشغرون ساعات العمل جهداً وبذلاً وعطاءً، يخرجون في ساعاته إلى حيث أصدقائهم، ويقفون في الطرقات يتجاذبون الأحاديث، ويُحضرون مالذ وطاب من المأكولات والمشروبات يتحلّقون حولها، بمرض وبدون مرض يغيبون، وبعذر وبلا عذر يستغلون الإجازات الاضطرارية وفي نهاية كل عام يحصلون على إجازاتهم السنوية دون تنازل بعد أن يكونوا قد تلقّوا خطابات شكر لأدائهم المتميز طيلة العام، وإن بحثت عن السبب قيل لك: هذا هو المتّبع، وتلك هي الحقيقة!!
إن حاولت عتابهم، أو تذكيرهم، أو لفت أنظارهم إلى ما في ذلك من عدم الأمانة في العمل، وبالتالي بأن في ذلك إثماً، رموك بأقذع الصفات، واتهموك بالتحجّر، والتعقيد,, ثم رموا في أذنك بكلمة: هذا هو السائد، هذا هو المتّبع,.
وتلك هي الحقيقة,.
إن قُدِّر لك هذا فما أنت فاعل؟!
هل تترك العمل، أم تلجأ إلى إيضاح الصور غير المكشوفة للمدير، أم تلوذ للصمت؟ أم تتبعهم لأن هذا هو السائد، وهو هذا المتّبع؟!,,.
هل فكرت في هذه الحلول: إن تركت العمل كيف تعول أسرتك، وتمارس حياتك، وتهيىء معاشك، وتكوِّن نفسك؟!,, وهل ستجد عملاً آخر؟ أم ستظل بلا عمل؟ فتضطر لأن تمد يدك لأبيك أو أخيك أو صديقك؟ وتتحول من المسؤول إلى السائل، ومن المكتفي إلى المحتاج، وقد تجد وقد لا تجد فتتحول حياتك إلى شقاء؟!
وهل فكرت فيما سيحدث لو أنك ذهبت إلى المدير وأخبرته هل سيصدقك؟ أم سيقدم لك كشفاً بأسماء من سبقوك في الوظيفة إلى العمل وهم ثقة عنده، وأوراقهم كاملة، ومعاملاتهم ليست ناقصة، ولا يرى المدير أن عملاً متعدد الجوانب يمكن أن يؤديه شخص واحد هو أنت، ولماذا لا تكون كاذباً عنده أو وصولياً، أو مدعياً، أو حاقداً على زملائه، فهو إن غيّر رأيه فيك، وكوَّن هذه الصورة لك عنده فلسوف يتابعك ولا يرى منك حَسَناً، وسيجلس لك عند كل هفوة، وعند كل بادرة,,، وهو إن فعل ذلك تحوّلْتَ إلى شقي بمن حوله، يلفظه الزملاء ويبتعدون عنه، ولا يشركونه في أمورهم بل ربما لا يلقون إليه التحية,, فتتعرض للاضطهاد والمهانة، والعزلة، فتضيق بك بيئة العمل، وتنفر منه، ولا تحقق فيه سعادتك، وبدل أن يكون عملك مصدر سعادتك يتحول إلى مصدر شقائك,.
وإن لذت إلى الصمت أنَّبك ضميرك، ووجدت في صدرك حرجاً وأنت تكتم الحقيقة، وكأنك تشارك في الأمر، وتتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ·من رأى منكم منكراً فليغيره,, وأنت لا تملك ذلك بيدك، ولا بلسانك، فتلجأ لأضعف الإيمان أن تكتمه في صدرك، ذلك لأنك لو لم تصمت فإنك ستكون منبوذاً، غير مرضيٍّ عنك,, فتتعس من حيث أردت السعادة، وربما حيكت لك المواقف وزجَّ بك في أمور أنت منها بريء، وأحاطتك التهم من كل جانب الهدف منها إزاحتك عن الموقع، كي لا تكون عليهم رقيباً حتى وأنت لا تملك لهم حولاً ولا قوة، لأنك عندها ستكون مصدر قلق لهم,, وتحريك ضمير,.
وإن أنت اتبعتهم، وتمثَّلْتَ بهم، وفعلت ما يفعلون لأن ذلك هو السائد وهو المتّبع، وهذه هي الحقيقة فأين يكون عندها ضميرك؟!، وكيف هما عيناك، وإلى أين يذهب بك فكرك؟ وينفعل بك حسّك؟!
هل تهرب من شقاء تركك للعمل للشكوى؟ أم من شقاء الشكوى ليأس الصمت؟ أم قهر الصمت لجحيم الاتباع؟!
إن خِلت نفسك أمام الإنسان,, ربما يهمك أن تحرص على إرضائه، وتحافظ أمامه على نقاء سريرتك، وعدم رغبتك في أذيّة زملائك، وعدم رغبتك في فقد مديرك، فأقرب الحلول أن تصمت أو أن تنخرط معهم.
وإن خِلت نفسك أمام الرب الخالق الذي لا يرضى الخطأ فإنك سوف تتحسس ضميرك، وسوف تعي تماماً أن لا شقاء مع الحق، ولا يأس مع الصدق، ولا ضياع والإيمان المطلق بأن الله وحده الذي سيرزقك ولا يتخلى عنك,.
عندها سوف تشكو وإن لم يتغير الأمر، سوف تحرص على ترك العمل الفاسدة بيئته، وترفض الصمت أو الاتباع,.
أتدري ما الذي سيحدث؟!
ستكون القدوة، وستُري الآخرين الحق فيتبعونه,,، وستكون واحداً ممن يحمل معوله ليهدم أبنية الفساد الإداري، والقصور الأدائي في مرافق عمل كثر فيها الاتكال والاعتماد، والتسيب وعدم الإحساس بالمسؤولية,.
وتحتاج إلى من يقف في وجه كل ذلك,, كي توجد وتنتشر الشخصية المسؤولة التي لا ترضى تبديد أية ثانية من ثواني العمل دون أداء,.
فحين يُقدَّر لك أن تكون واحداً في فريق عمل، فليكن أمامك الله ثم المسؤولية ثم النتيجة العاجلة والآجلة.
وليحرس الله مرافق الأعمال كلها من نماذج: هذا المتبع، وهذا هو السائد,
أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved