| مقـالات
في موسم يكتظ فيه مطار الملك خالد الدولي بالرياض بأنواع البشر من مختلف الجنسيات فيصعب على المرء أن يشق طريقه بين سيول المسافرين والمودعين والمستقبلين نلاحظ أن هناك مجموعة من الموظفين قد انتشروا هنا وهناك لغرض ارشاد السائل وتنظيم شؤون الأفراد بكل رحابة صدر وسعة بال,, كنت مسافرة كغيري وراقبت عن كثب دأب كل موظف وحماسه لأداء مهمته بكل جدارة واتقان مما شد بذاكرتي إلى الوراء ولأكثر من عقد من السنين حين اضطررت للسفر من أجل العلاج وكنت عاجزة تماما عن الوقوف أو الانتظار, لم أطلب وقتها مساعدة من أحد لكني فوجئت برهط من موظفي الخطوط الجوية السعودية وقد أسرعوا لاحضار كرسي خاص أوصلني براحة تامة إلى داخل الطائرة فكتبت في حينه بجريدة الرياض أشكر وأقدر جهود المخلصين من أبناء هذا الوطن العزيز وكانت تلك الوسيلة التي استطعت بها ايصال مشاعري وكما تقول الشاعرة,.
شموع إليها دموعي ما أقل
عطاء الفقير إذا ما نذر.
هكذا رسخ ذلك الموقف الإنساني في ذاكرتي ولاسيما وأنني لم أكن أحمل رسالة توصية أو تقارير الأطباء التي توضح سوء حالتي.
وفي الحقيقة لم يكن ذلك الحدث موقفا عارضا حصل بمحض الصدفة,, فحسن التدريب وبعد نظر الموظف السعودي إضافة إلى إيمانه الشديد بمهنته تجعله يقظاً لماحا سريع المبادرة لإنجاز عمله على أتم وجه, وفي رحلتي القريبة تلك وفي إجازة عيد الأضحى المبارك كنت واقفة كغيري منتظرة دوري في صف المسافرين لاستلام بطاقة صعود الطائرة وعلى وجه التحديد في العاشر من مارس لهذا العام فاجأني أحد الموظفين الذي أبت شيمته أن يتركني واقفة كامرأة بانتظار دورها ليطلب مني تذاكري وجواز سفري ويرجوني أن أجلس ريثما ينهي اجراءات السفر قائلا لي بكل أدب تفضلي يا أمي بالجلوس وما هي إلا برهة قليلة إلا وعاد ومعه بطاقة الصعود إلى الطائرة إضافة إلى عرضه المؤدب لأية خدمات أخرى,, ولاحظت من باب حب الاستطلاع هوية التعريف المثبتة على صدر سترته لأعلم أن اسمه راشد عبدالعزيز العرفج.
إنه أحد الشباب الذين يعملون بإخلاص ويمثلون هذا البلد الأمين بكل رقي ووفاء.
لم أكن المسافرة الوحيدة التي تقدم لها الخدمات بشكل سخي,, ولم يكن راشد إلا واحدا من أولئك الذين يمثلون الشباب المسلم الغيور الذي ينظر للمرأة على أنها عرضه ومسؤوليته فتأبى أخلاقه أن يتركها وسط صفوف المسافرين,, فالكل راشد والكل يعمل بدأب ونشاط ولابد هنا من ذكر حادثة أخرى صادفتني قبل اشهر حين كنت قادمة من إحدى دول الخليج وانتظرت حقيبتي لفترة طويلة ولكن دون جدوى مما صعد من قلقي لاسيما وأنها كانت مليئة بالكتب التربوية والمراجع التي بذلت جهدا كبيرا في الحصول عليها,, وتقدمت من أحد الموظفين لأسأل ما حدث لحقيبتي لكنه طلب مني الجلوس وقام بتعبئة استمارة خاصة بالمفقودات ووعدني خيرا والأسماء الخيرة لا يمكن أن تنسى بسهولة وكان اسمه سلطان سعد الرزيق,, الذي تبنى الموضوع ولم يتركه إلى أن وجدت ضالتي,, هذا السلوك الراقي وهذه الخدمات المتميزة التي نلاحظها في مكان ما إنما هي واجهة البلاد وعصبها الحساس يستحق كلمات الشكر والعرفان في بلد يعتز بإنسانية الفرد ويحترم مكانة المرأة ويعمل بعيدا عن العلاقات الشخصية,, إن ما صادفته وما صادفه غيري من خدمات وحسن تنظيم لا ينحصر في راشد وسلطان وفلان لكنه يتعدى ذلك مروراً بموظفي الجوازات والجمارك والاستعلامات وكل من يعمل بجهد وإخلاص إنهم مفخرة للجميع ومثال حي على العطاء والتفاني لاعطاء صورة جميلة عن هذا الوطن الغالي.
تحية احترام وتقدير لكل عامل يؤمن بأهمية اتقان العمل تيمنا بقول سيدنا محمد عليه أفضل الصلوات ·إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه .
وتحية شكر وعرفان لكل عامل أمين يؤدي رسالته بغية مرضاة الله قبل كل شيء,, ·وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون .
|
|
|
|
|