| مقـالات
تفسر في كثير من الاحيان علاقة التوجس والريبة القائمة في شرقنا اتجاه الغرب، بأنها نوع من الهلوسات الفكرية التي لا تمتلك نصيبها على ارض الواقع، وبأنها محض ·فوبيا حضارية ناتجة عن الروابط المتشنجة بين القوي والضعيف, والتي لا يملك الضعيف حيالها سوى ان يؤمن بنظرية المؤامرة كمحور رئيسي تدور حوله جميع علاقته بالغرب.
ولكن معطيات الواقع تجعل من الصعوبة اغفال هذه النظرية تماما كونها احد العوامل التي تساهم في بلورة اطر العلاقة بين الشرق والغرب.
فلقد تكشف مؤخرا بأن مجلة ·شعر والتي كانت تصدر في لبنان كانت مدعومة بصورة اساسية من المخابرات الأمريكية, بينما يحاكم في مصر المسؤول عن منظمة حقوق الانسان بتهمة تلقية مساعدات من المخابرات البريطانية.
ويدور كثير من اللغط حول منظمة ·بذور السلام وهي المنظمة التي تدعم ماديا من قبل النرويج بينما تشرف الولايات المتحدة عليها بصورة مباشرة, ومن اهم اهداف هذه المنظمة هي تقريب وجهات النظر بين الاديان عن طريق عقد مخيمات دورية يجتمع فيها شباب من جميع الاطراف بغرض اذابة الحواجز النفسية القائمة اثر سنين طويلة من الصراع على اعتبار ان الشباب هم بذور الغد وصناع القرار فيه.
ولا أحد يستطيع ان ينكر الآن بأن عملية التهديد الحضاري هي شاملة ومكتسحة, وزوارق النجاة او العبور ·على الاقل ما برحت ترمم ثقوبها القديمة بنفس الحذر والتشنج مع الرغبة العارمة في الفرار بل الاختباء خلف جدران نظن انها ستعصمنا من الماء بينما هي موجودة فقط في ادمغتنا.
وسواء كان هناك مؤامرة ام لم يكن فإن ادواتنا التي نقارع بها العالم الخارجي يجب ان تتغير ويجب ان تأخذ لها مسارات جديدة ابتداء من مؤسساتنا التعليمية انتهاء بالطريقة التي نعالج بها الاخبار التي تدلقها فوق رؤوسنا وكالات الاعلام العالمية.
وما كان النظام الرقابي في الستينيات يمنعه ويبعده تحول الآن الى مجرد تراث يسكن صفحات التاريخ، ولكنه مع الاسف ما برح يبث الذعر في اذهان البيروقراطية الرقابية بصورة متصلة وشبه دائمة.
وسواء كان هناك مؤامرة ام لم يكن فإن زوارقنا المهلهلة لم تعد تفي بالغرض يجب ان يمتلك كل فرد اداته الخاصة به والتي تمكنه من فرز الزبد وما ينفع الارض ولابد ان يزرع في كل دماغ ·فلتر حساس وماهر مبني على الوعي والشخصية الناضجة المستقلة التي ليست بحاجة الى من يفكر عنها ويمنع باسمها ويمارس طقوس الوصاية التي لا تكون الا للجهلة والقصّر.
|
|
|
|
|