أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 24th March,2000العدد:10039الطبعةالاولـيالجمعة 18 ,ذو الحجة 1420

الاخيــرة

جامع الخُلُقَين: عبدالوهاب
أ,د, ناصر بن سعد الرشيد*
لقد جمع الله في عبدالوهاب العيسى ·أبي ياسر حُسنين قلما يجتمعان في شخص واحد: حسن الخَلق وحسن الخُلُق، أما حسن الخَلق فجبلة جُبل عليها، وأما حسن الخُلُق وهو محل الحديث ومحك الرجال فقد غلّبته في حديثي عنه كما غلّبته في العنوان، نعم لقد تحلّى عبدالوهاب في هذا الحسن وعرف به وعنه مع سمت وحياء وبرّ بوالديه ومعارفه وأصدقائه والعافين من الناس، وشهادةً منيّ لأبى ياسر رحمه الله في هذا الجانب الذي بزّ به كثيراً من أقرانه والذي يعتبر من صفات الكمال في البشر ·إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم بيد أن أبا ياسر رحمه الله تعالى وسع الناس بأخلاقه كما وسعهم بماله فكم كتب الله على يديه شفاعة حسنة لمسكين محتاج أو لأرملة متعففة أو لمريض لا يقدر على العلاج فكان تنفيس كرب هؤلاء على يد أبي ياسر رحمه الله ·ومن نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة وإني لأرجو من الله سبحانه وتعالى ان يشمله بلطفه وعفوه لقاء ما نفّس به عن مكروب, وأذكر قصة واحدة من قصص كثيرة أنا شاهدها: كان منذ سُنيّات عائلة سودانية رقيقة الحال تسكن في حي منفوحة ابتليت بمرض أصاب ابنا لها وهو في سنّ التمييز في المرحلة الابتدائية، إذ احتاج إلى زرع نخاع ومثل هذه العملية تكلف الكثير وتحتاج إلى سفر بعيد أو إلى مستشفى خاص متخصص فاتصلوا بي حسن ظنٍّ منهم بي وبمن بيدهم الأمر بعدي وطلبوا مني أن أساعدهم في الكتابة أو الشفاعة إلى صاحب قرار يدخلهم المستشفى التخصصي في الرياض، فما كان مني إلا أن أخذت جميع التقارير ثم اتجهت إلى أبي ياسر عبدالوهاب العيسى، فلما شرحت له حالة هؤلاء وحالة ابنهم بادر كعادته بأخذ الخطاب والأوراق والتقريرات وعمل على تحقيق طلب هذه الأسرة السودانية ·دخلت امرأة الجنة في هرة وإنى لأرجو أن يدخل الله أبا ياسر الجنة في إنسان مسلم.
ان رجلاً هذه صفاته لجدير وقد انتقل إلى عالم آخر ان تنشر لمن لم يعرفها عنه كما عرفناها.
إني أدعو الله سبحانه وتعالى له بالعفو والمغفرة وأعيد ماقلته في الصلاة عليه بالجامع الكبير: ·اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا، اللهم من أحييته منّا فأحيه على الإسلام، ومن أمته فأمته على الإسلام، اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعفُ عنه وأوسع مدخله وأكرم نزله، اللهم اغسله بالماء والثلج والبرد ونقّه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم وجازه بالحسنات إحساناً وبالسيئات عفواً وغفراناً لا إله إلا الله وحده, إنا إليه راجعون, اللهم اخلفه على أهله وارزقهم الصبر والسلوان.
إلى والده وذويه وصاحبته وأخيه وكل أصفيائه ومحبيه أهدي إليهم حديثاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم أحسب فيه البشارة والسلوى معاً كما ورد في صحيح البخاري ·قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى: ·ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة , وحسبي هذا الحديث فوالده الشيخ محمد الفهد العيسى يعرف من الشعر أكثر ما أعرف وإلاّ لاستشهدت بما يحضرني، غير أني بحكم مصاهرتي لآل عيسى وشهادةً ببرّ وخلق الراحل أبي ياسر رحمه الله أشارك والده بهذه الأبيات المعنونة ب·عشق المنية ناظماً لها على عجل:
عشق المنيّة


أبا ياسرٍ إن الحياة مناهلُ
وكلُّ امرىٍءٍ يوماً من الموت ناهلُ
وما دارنا إلا ظلال وسرحة
ونحن بها سَفر سريع وآجل
تُزَخرِف للفَدم المتيّم وجهها
وما الموت إلا للنفوس مناجل
مراحل في أقدارنا نستتمها
إذا ما انقضت منها أتتك مراحل
لقَد فزت بالأخرى وطيب خلودها
فما دارنا إلا متاع وزائل
سيبكي عليك الوالدان وآله
ويبكيك محتاج وتبكي أرامل
لقد كنت بَراً بالجميع ومحسناً
فما مُتّ يا من في الضمائر ماثل
وكنت بنا فعلاً مضيئاً سماءنا
حياءً وسمتاً فاعترتك العوامل
وإنّ المنايا تعشق البَرَ مثله
فللّه تُختار الرجالُ الأفاضل
لئن غاب عنّا مِشعل في خَلاقِه
فأعماله لو غاب عنّا مشاعل
وما العمر في طول الحياة وإنّما
بَقاء الفتى في البذل، إنك باذلُ


أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved