| أفاق اسلامية
يعمد الكثير من الناس الى الكذب اثناء الحديث عن النفس أو الغير او حين تلجئه الظروف, جاء ذلك في دراسات واستبانات ومقابلات قام بها بعض المهتمين بهذا الموضوع، حيث اظهرت نتائج تلك الدراسات والمقابلات انه وقع الجميع في الكذب وهو الإخبار بخلاف الواقع وإن اختلفت النسب بينهم في ذلك.
ومن المعلوم ان الكذب محرم في الاسلام وفي سائر الشرائع والاديان السماوية، بل هو من اقبح الاخلاق والخصال على الاطلاق، وأعظمه الكذب على الله تعالى لقوله سبحانه ·ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته الآية, وقوله سبحانه ·ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ثم الكذب على رسوله صلى الله عليه وسلم ·من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار .
ثم بعد ذلك قول الزور وشهادة الزور، والقذف والبهتان للأبرياء, والكذب من اخلاق المنافقين وخصالهم الملازمة لهم ومن اخلاق المغضوب عليه والضالين ·الذين يحرفون الكلم عن مواضعه ويفترون على الله الكذب قال سبحانه ·انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا وقال سبحانه ·كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا .
وقد روى الامام ابو عبدالله البخاري رحمه الله في كتاب الادب بعنوان ·المعاريض مندوحة عن الكذب وهو إمام المحدثين وذو فقه دقيق وغالبا ما يضع عنوانا يمثل رأيه الفقهي وحكمه في المسألة ، ثم روى بعضا من الاحاديث الشريفة في هذا الموضوع اذكر منها ما رواه بسنده عن انس رضي الله عنه قال ·مات ابن لأبي طلحة رضي الله عنه فقال كيف الغلام؟ قالت ام سلمة هدأت نفسه وأرجو ان يكون قد استراح فظن انها صادقة .
والحديث يدل على معان عظيمة ودروس وعبر لا غنى للمسلم عنها ومنها التسليم بقضاء الله وقدره واحتساب الاجر عند الله تعالى وعدم الجزع لفقد حبيب او حلول مصيبة، ومنها حسن ادب تلك الزوجة الصالحة لزوجها وعدم ازعاجه وقت راحته ونومه، ومنها وهو محل الاستشهاد اللجوء الى المعاريض وترك الكذب عند الحاجة الى ذلك.
والمعاريض خلاف التصريح وهي التعريض بالقول، وقيل التعريض كلام له وجهان صدق وكذب او ظاهر وباطن، ومثال ذلك في قولها ·هدأت نفسه وأرجو ان يكون قد استراح فان ابا طلحة فهم من ذلك ان الصبي المريض تعافى وشفي لأنه هدأ وذلك مشعر بالنوم، والمريض اذا نام اشعر بزوال مرضه او خف عنه، غير انها ارادت انه مات,, وقولها رضي الله عنها استراح فقد فهم ابو طلحة انه استراح من المرض بالعافية ولكن مرادها انه استراح من نكد الدنيا وألم المرض فهي صادقة باعتبار مرادها، وإن كان خبرها بذلك غير مطابق للواقع الذي فهمه ابو طلحة, ولذا قال الراوي: فظن انها صادقة اي باعتبار ما فهم هو وهذا جائز اما استعمالها في عكس ذلك من إبطال الحق او تحصيل باطل فلا يجوز.
فرضي الله عنهم اجمعين ورزقنا التأسي بهم وألحقنا بهم في الصالحين.
* كوالالمبور ماليزيا mustashar@makloob.com
|
|
|
|
|