أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 24th March,2000العدد:10039الطبعةالاولـيالجمعة 18 ,ذو الحجة 1420

مقـالات

إصلاح وتوسعة المسجد النبوي في العهد السعودي 2 /2
د, محمد بن سعد الشويعر
إحساس ديني عميق من جانب القيادة السعودية، نحو الإسلام والمسلمين، تبرز آثاره في الاهتمام بالحرمين الشريفين إصلاحاً وتعميراً، مع مواصلة الجهد والعمل، في كل ما يريح قاصديهما: حجاً وعمرة وزيارة، منذ دخل جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله الحجاز، وانضوى مع شمل الجزيرة، في وحدة وتآلف، ثم سار أبناء عبدالعزيز واحداً بعد الآخر في متابعة المسيرة وإيلاء الحرمين الشريفين أكبر جهدهم واهتمامهم,, توسعة بعد توسعة، وعملاً بعد عمل، وبدون كلل أو ملل,.
وتوسعة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم التي انتهت في عام 1375ه، لم يمر عليها سوى بضع سنوات، حتى بدأ المسجد يضيق بالمصلين، وخصوصا في أيام الحج لتزايد عدد الحجاج عاماً بعد عام، وقد نشرت جريدة المدينة في عددها الصادر يوم 26/11/1383ه خبراً جاء فيه: علمت المدينة من مصدر موثوق أن وزارة الحج والأوقاف تدرس حالياً إمكانية توسعة المسجد النبوي الشريف على الرغم من التوسعة الاخيرة التي تم الانتهاء منها، منذ بضع سنوات، ويقول المصدر: إن الحاجة لإيجاد توسعة جديدة في المسجد النبوي، جاءت نتيجة لازدياد عدد الحجاج عاماً بعد عام.
ثم حصل اجتماع آخر برئاسة وزير الحج والأوقاف لدراسة التوسعة الجديدة في 15/2/1384ه.
وبعد إدراك الملك فيصل رحمه الله ما يعانيه زوار المسجد النبوي من ضيق أصدر أمره بتوسعته التي شملت الجهة الغربية من التوسعة الأولى,, وقد تم إنشاء مظلات مستطيلة قوية مؤقتة بمساحة 40500 متر مربع، وجهزت بالإضاءة اللازمة والمراوح ومكبرات الصوت، وبلّطت الأرضية، ثم فُرشت بالسجاد مما أتاح المجال لاستيعاب عدد كبير من المصلين وقت المواسم.
وفي عهد الملك خالد رحمه الله اندلعت النار في سوق القمّاشة وما حوله في 18 رجب سنة 1397ه واحترق معظم السوق وما حوله، وكان يقع في الجنوب الغربي من المسجد، فأزيلت المنطقة وتم تعويض أصحاب الدور والعقارات، وضمت الأرض كلها بعد تسويتها الى ساحات المسجد النبوي الشريف، وكانت منطقة واسعة وظللت فيها مساحة 43000 متر مربع، وزوّدت بجميع اللوازم التي يحتاج اليها لأداء الصلوات، وكان مجموع المساحة التي حصلت في التوسعتين الثانية والثالثة 94000 متر مربع، ظلل منها 83500 متر مربع والباقي ساحات مكشوفة وشوارع.
كما أن الملك سعود رحمه الله مع التوسعة الأولى، قد أمر بإنشاء عمارات أمام المسجد الشريف، وقفاً على المسجد، يصرف ريعها عليه، وهذه حسنة كريمة تضاف الى الحسنات المتكررة من جلالته.
وفي بداية عهد الملك فهد خادم الحرمين الشريفين أمر بأعمال تعميرية متعددة، منها المظلات القوية الآلية الجميلة التي تلف وتنشر تلقائيا عند الحاجة، وتنظيم صالة للجنائز، وفتح باب يخرج منه الإمام، للصلاة على الجنائز بدل إدخال الجنائز الى المسجد، وقد بدىء في الصلاة على الجنائز في هذا المكان في غرة رمضان من عام 1415ه.
وفي هذه الأثناء تأتي التوسعة التاريخية التي تعتبر من أجود وأشمل المشاريع، وهي التوسعة الثالثة للمسجد النبوي الشريف، في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز حفظه الله هذه التوسعة التي تعدُّ أكبر توسعة في تاريخ المسجد الشريف, وقد اقتضت إدخال ما يعرف بالمدينة كلها قبل العهد السعودي، بأسواقها ومبانيها، واقتضت هذه التوسعة إنشاء ساحات مساندة، تحتها مواقف واسعة لعدة آلاف من السيارات.
وقد استوعب هذا المشروع مساحة المدينة المنورة التي كانت داخل السور كلها بكلِّ ما كان فيها من شوارع وساحات وأسواق وثكنات وقلاع، فالمدينة القديمة التي كانت تقع خلف الأسوار ستظهر من جديد، مدينة ذات شوارع فسيحة وأبنية متناسقة تنافس في توفير الراحة لزوار المدينة وأهلها.
كانت بداية المشروع في عام 1403ه عندما أدرك خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز حفظه الله أن الحاجة ماسة الى توسعة المسجد النبوي الشريف، لتيقّنه أن المظلات المؤقتة لا تفي بالحاجة ولا تستوعب الأعداد المتزايدة من الزائرين سنة بعد أخرى,, فأعلن البشرى: بالتوسعة الكبرى للأمة الاسلامية: قائلا: ·أنا أرتحت لاتخاذ القرار ,, ثم أمر حفظه الله: بإجراء الدراسات واعداد التصاميم للقيام بهذا العمل العظيم.
وفي الخامس من شهر صفر 1405ه قام خادم الحرمين الشريفين بعد أداء صلاة الجمعة، بوضع حجر الأساس للتوسعة الجديدة وأزاح الستار عن لوحة تذكارية وضعت شرقي باب أبي بكر الصديق، إيذانا ببدء العمل في المشروع وأمر بتشكيل لجنة تنفيذية برئاسة أمير المدينة سمو الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز للإشراف على المشروع، ومتابعته,, وقد ترتب على هذا نزع ملكية عقارات تزيد مساحة أرضها عن مائة الف متر مربع مما يجاور الحرم قدرّت قيمتها بنحو سبعمائة مليون ريال بدأ صرفها على الفور,.
وكان من توجيه خادم الحرمين الشريفين: أن يتم العمل والإنجاز على مستوى رفيع، وبسرعة قياسية مع تسهيل دخول وخروج المصلين والزائرين الى المسجد وتأمين كافة الخدمات والمحافظة على سلامتهم وقد حدد للتنفيذ سبع مراحل:
الأولى: الهدميات، فبعد تعويض أصحاب العقارات الداخلة في المشروع تم هدم جميع المباني وأزيلت أنقاضها.
الثانية: أعمال الحفريات، أحيط الموقع بعد الهدم بسياج من الخشب والصاج ثم خطط وحفر الأساس بعمق 5,4م، بهندسة متقدمة.
الثالثة: أعمال الأوتاد حيث اقيمت الاساسات على أوتاد مغلّفة باسطوانات فولاذية تصل للطبقة الصخرية.
المرحلة الرابعة: صب قواعد رؤوس الأوتاد، وربط بعضها ببعض على احدث المواصفات الهندسية ضماناً لبقاء المسجد بتوفيق الله شامخاً زمناً طويلاً ومكّنت هذه القواعد لتتحمّل بناء طابق ثانٍ اذا احتيج اليه.
المرحلة الخامسة: الأقبية وروعي فيها العوازل والتمديدات لسائر الخدمات وبلغت أعمدة الاقبية 2554 عمودا بارتفاع 40,4م وبقطر 72سم وبلغت مساحة الاقبية 83482 متر مربع.
المرحلة السادسة: الطابق الارضي والجدران وقد بلغت أعمدة الطابق الأرضي 2174 عموداً بقطر 64 سم وبلغ ارتفاع هذا الطابق 12 متراً تقريبا.
المرحلة السابعة: الطابق الارضي وهو الطابق الرئيسي في مبنى التوسعة، وقد صمم على شكل أفنية مسقوفة بأبعاد 6x6م و8x8م كما صمم ليشمل أفنية مكشوفة بأبعاد 8x8م وبلغت مساحة الطابق الارضي 66544 مترمربع ويوجد به أعمدة على رأسها تيجان من النحاس الاصفر، وفوق التيجان حجر صناعيّ رماديّ فيه زخارف ونقوش جميلة وفوقها ثلاث قطع اخرى من الحجر الصناعي المربع هو قاعدة العقود، وثبتت في الأعمدة مصابيح كهربائية من النحاس الاصفر والزجاج الفاخر المتين.
وقد روعي فيه فن الهندسة لهذه التوسعة الجيدة التناسق مع التوسعة الاولى: بالزخارف والألوان المختلفة.
وأحدث في توسعة الملك فهد خادم الحرمين الشريفين لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم اشياء جديدة وبديعة منها:
القباب المتحركة، وتفتح عند اشتداد حرارة الشمس لتحمي المصلين في الفتحات التي عددها 27 فتحة، وقد صمم هذه القباب مهندسون مسلمون يعملون في مؤسسة ألمانية متخصصة,, وتدار هذه القباب، باستخدام احدث تقنيات الحاسب الآلي، وصمم لذلك معادلة صعبة تضمن التوازن بين سهولة الحركة وثقل وزن القباب، التي تزن كل واحدة، 80 طناً، وبلغت هذه القباب 27 قبة، كل واحدة على فتحة من الفتحات ال 27، في السطح، مساحتها 18x18م وعلى ارتفاع 55,3م، فوق منسوب السطح و65,16م من منسوب الطابق الارضي، ويبلغ نصف قطرها الداخلي 375,7م وارتفاعها 4م والقبة تنزلق على قضبان حديدية مثبتة فوق السطح، ومدعمة بنحو 17 هيكلاً معدنيا.
ويتم تحريكها بطريقتين: إما يدويا وتستغرق نصف ساعة، أو آليا عن طريق التحكم عن بعد، ولا تستغرق الا نصف دقيقة,.
التكييف المركزي المنبعث من فتحات في قواعد اسطوانات المسجد، ومكائن التكييف في مكان يبعد عن الحرم، بسبعة كيلومترات تقريباً، مدّد ليصل الى المسجد بنفق تحت الارض، على أحدث الطرق الفنية والعلمية الحديثة، وقد عمل التكييف في مسجد قبا على نفس المنوال، الا ان مكائن التكييف قريبة من المسجد.
المواقف التي تحت المسجد والساحات تحت الارض بطابقين تتسع ل 4000 سيارة بجميع الخدمات اللازمة,, هذا الى جانب الساحات الكبيرة الواسعة.
والنفق والمواقف، مع ما تقدمه من خدمات كثيرة وإراحة لأصحاب السيارات والزائرين والمصلين فانها تؤدي خدمات متعددة أمنية ورقابية وسهولة الاتصال بجهات المدينة في حالة الازدحام حيث النفق الموصل لمكائن التبريد والكهرباء في اطراف المدينة، يمكن للسيارات المطلوب مرورها وقت الحاجة، القادمة للحرم او المغادرة منه، ان تعبر مع هذا النفق البالغ 7كم، بسرعة وسهولة لأداء المهمات المطلوبة فنيا وهندسيا، في أمور المسجد، وما يتطلب من اصلاحات,.
كما زودت هذه المواقف المكونة من طابقين تحت الأرض، بما يريح رواد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ميضاءات وحمامات، ومصاعد كهربائية توصل لابواب الحرم، وارشادات توضح المكان الذي يرغبه قاصد المسجد او الخارج منه وارقام مواقف كل سيارة وغير ذلك من خدمات تريح المصلين.
وقد كان خادم الحرمين الشريفين حفظه الله امر قبل التوسعة بتهيئة سطح التوسعة الأولى من المسجد النبوي بفرشها بالرخام البارد كما عمل هذا من قبل في صحن ومطاف المسجد الحرام بمكة,, وبإزالة العوائق كأسلاك الكهرباء وغيرها,, ليكون جاهزا لاستيعاب المصلين اذا دعت الحاجة.
وتبلغ مساحة السطح في توسعة خادم الحرمين الشريفين لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو 67000 مترمربع وجعل لهذا السطح 6 سلالم كهربائية متحركة كما هو الحال في الحرم المكي موزعة في جنبات المسجد.
وقد ثبّت خادم الحرمين الشريفين توقيعه على القاعدة الذهبية لآخر هلال مئذنة قبل تركيبها في موقعها مسجلا فيها بيده الكريمة الشكر والامتنان لله رب العالمين والذي وفقه لهذا العمل المبارك، لوجهه الكريم في العبارات التالية:
بسم الله الرحمن الرحيم: والحمد لله رب العالمين نحمده على ما منّ علينا به، أن مكننا عز وجل رب العالمين ان نقوم بهذا العمل الذي لا نرجو به إلاّ رضى الله وأن يجعله من الاعمال التي يقبلها ان شاء الله.
التوقيع: فهد بن عبدالعزيز آل سعود
10/6/1420ه
وبذلك يمكن عمل مقارنات بالارقام عن المساحة والطاقة الاستيعابية للمسجد النبوي الشريف:
مساحة المسجد بعد التوسعة الأولى ستة عشر ألفاً وتلثمائة وسبعة وعشرين مترا مربعا 16327 مترمربع.
مساحة المسجد بعد التوسعة الكبرى 82000 مترمربع ومجموعة المساحة الاجمالية 985000 مترمربع، تستوعب 167000 مصلّ.
مساحة السطح 67000 مترمربع تستوعب 90000 مصلّ, وبذا يصبح المسجد بعد التوسعتين يستوعب أكثر من 257000 مصلّ, وبمساحة اجمالية تبلغ 165500 مترمربع، اما الساحات فان مساحتها 135000 مترمربع تستوعب 450000 مصلّ مما يجعل الطاقة الاستيعابية لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من المصلين تزيد على 000,700 مصلّ في الايام العادية وفي أوقات الزحام يستوعب المسجد مع الساحات أكثر من مليون مصلّ (1,000,000).
وقد استغرق العمل في هذا المشروع الفريد في سعته وهندسته وطاقته الاستيعابية نحو ثماني سنوات متواصلة ليلا ونهارا,, حيث كان حديث العالم الاسلامي بما بذل فيه من مال وجهد، وهندسة فنية وما استخدم فيه من تكنولوجيا حديثة بل زاد الاعجاب عند كل من زاره وصلى فيه ولمس آثار الجهد، والنية الصادقة من ولاة الأمر,, وانعكاس العمل على ما حول الحرم من شوارع وميادين وعمائر وفنادق وما امتدّ العمل اليه في جنبات المدينة من اهتمام بالمساجد واعادة لإعمارها وتجديدها بما يتلاءم مع مكانته المدنية في نفوس المسلمين، وكمسجد قباء، ومسجد القبلتين، ومسجد ذي الحليفة (الميقات) الذي اصبح جزءاً من المدينة بعد ان امتد اليها العمران والشوارع السريعة,, وقد وضع خادم الحرمين الشريفين اللبنة الاخيرة مثلما وضع حجر الاساس في البداية لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحالتين وتوّج ذلك بهذه الكلمة: الحمد لله: ارجو من الله سبحانه وتعالى الجزاء),,, وكل مسلم يدعو له ولمن سبقه من ملوك آل سعود الجزاء الأوفى عند الله لجهودهم واخلاصهم واهتمامهم بالحرمين الشريفين اصلاحاً وتوسعة وإعماراً, (قصة التوسعة الكبرى، والحرمان الشريفان وعمارة المسجد النبوي).
إساف ونائلة:
يذكر المؤرخون وقائع صارت في الحرم فيها عبرة لمن يريد ان يعتبر، وليعلم كل فرد ان لبيت الله الحرام رباًّ يحميه ويسخّر من عباده ايضا من يدافع عنه ويحميه ويقوم عليه، فقد ذكر الأزرقي في تاريخه: أخبار مكة في الجزء الاول: أن جرهم لما طفت في الحرم، دخل رجل منهم بأمراة منهم الكعبة ففجر بها ويقال: بل قبّلها فيها فقط,, فمسخا حجرين واسم الرجل اساف بن بفا واسم المرأة نائلة بنت ذئب، فأخرجا من الكعبة أي من جوفها وعليهما ثيابهما، فجعل أحدهما بلصق الكعبة، والآخر عند زمزم,, وإنما نصبا هنالك ليعتبر بهما الناس فلم يزل أمرهما يدرس، حتى جعلا وثنين يعبدان وكانت ثيابهما كلما بليت أخلفوا لهما ثيابا.
ثم أخذ الذي بلصق الكعبة، فجعل مع الذي عند زمزم وكان الناس يذبحون عندهما ويتمسّحون بهما, وكان الطائف اذا طاف بالبيت، يبدأ بأساف فيستلمه، فإذا فرغ من طوافه ختم بنائلة فاستلمها، فكان كذلك حتى كان يوم الفتح,, فكسرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ما كسر من الأصنام.
وقيل بعدما أخرجا من الكعبة نصب احدهما على الصفاء، والآخر على المروة للاعتبار، ثم تقادم عهدهما حتى صارا يمسحان يتمسّح بهما من وقف على الصفا والمروة، ثم صارا وثنين يعبدان من دون الله، فلما صار امر مكة والحجابة الى قصي بن كلاب حوّلهما من الصفا والمروة، فجعل احدهما بلصق الكعبة والآخر في موضع زمزم ويقال جعلهما جميعا في موضع زمزم وقيل اسم الرجل: اساف بن عمرو واسم المرأة نائلة بنت سهيل من جرهم.
وذكر الازرقي في تاريخه قال: كان في الكعبة على يمين من دخلها جبّ عميق حفره ابراهيم واسماعيل عليهما السلام حين رفعا القواعد وكان يوضع فيه ما يهدى للكعبة من حلي وذهب أو فضة او طيب او غير ذلك، وكانت الكعبة ليس لها سقف، فسرق منها على عهد جرهم مال مرّة بعد مرة فجعلت جرهم رجلا ارتضوه ليحرسه، فبينما هو ممن ارتضوه اذ سولت له نفسه فانتظر حتى اذا انتصف النهار، وقامت المجالس ومكة اذ ذاك شديدة الحر، بسط رداءه ثم نزل في البئر، فأخرج ما فيها وجعله في ثوبه، فأرسل الله عز وجل حجراً من البئر، أن اخسف بالجرهمي، وحبسه الله عز وجل، وبعث الله عند ذلك ثعبانا وأسكنه في ذلك الجبّ في بطن الكعبة، أكثر من خمسمائة سنة يحرس ما فيه، فلا يدخله أحد الا رفع رأسه، وفتح فاه، فلا يراه أحد إلا ذعر منه، وكان ربما يشرف على جدار الكعبة، فأقام كذلك في زمن جرهم، وزمن خزاعة، وصدراً من عصر قريش، حتى اجتمعت قريش في الجاهلية على هدم البيت وعمارته فحال بينهم وبين هدمه ذلك الثعبان، حتى دعت قريش عند المقام عليه والنبي صلى الله عليه وسلم معهم، وهو يومئذ غلام لم ينزل عليه الوحي بعد، فجاء عقاب فاختطفه ثم طار به نحو أجياد الصفير (أخبار مكة: 1: 161).

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved