| الثقافية
هل انتهى ذلك الجدل الدائر في ثقافتنا العربية حول الحداثة، خاصة في ظل التطورات التي مر بها العالم، والتي تخلخلت معها بعض المفاهيم، وأصبح من الضروري إعادة النظر بمفهوم الحداثة، في ظل هذه التحولات.
ثم ماهي النتائج التي تمخض منها ذلك الجدل الذي ظلّ دائراً منذ بدايات القرن تقريبا، وكان في بعض مراحله صاخبا وعنيفا.
وبما أن الجدل لايعني الحوار الذي يهدف الى التقريب بين الآراء ووجهات النظر من خلال صياغة رؤية مشتركة، فان ذلك يعني ان هذا التساؤل يحمل إجابته ضمناً، بمعنى ان الجدل مايزال مستمراً وبنفس الصيغة القديمة، وكأنه يتم خارج السباق الزمني، اذ ان كل ماتبدل هو بعض التسميات أو المصطلحات، دون ان يمس ذلك جوهر النقاش أو آليته، فبدلاً من الحداثة أصبحت القضية الآن العولمة ، وانتقل المتحاربون القدامى أعني المتحاورون إلى مواقعم الجديدة مدججين بنفس أدواتهم السابقة لمواصلة المواجهة، انطلاقا من ذات المواقف السابقة، وبعيداً عن أي منهجية، إذ إن كل طرف من طرفي النقاش يلجأ الى مرجعية معينة لدعم موقفه في مواجهة الآخر.
وكلما استمر النقاش اتسعت الفجوة بين الطرفين، فالتنازل عن الموقف أو المبدأ يعني الهزيمة أو الاستسلام، ورغم الطرافة في هذا العرض أو التحليل,, - تجاوزاً - إلا أنه يلخص بالفعل جزءاً من تلك العقلية التي تمت بها مناقشة الحداثة في المرحلة السابقة وبينما لم يستطع مدعو الدفاع عن التراث والحفاظ على الهوية والقيم، مواجهة الحداثة من خلال بلورة مفاهيم ورؤى خاصة ضمن ثقافتنا العربية، في مواجهة الثقافة الأخرى، لم يتجاوز الآخرون كثيراً دور الناقل سواء للافكار أو المناهج التي حاولوا تطبيقها قسرياً على واقعنا.
وربما كان عدم الاتفاق منذ البداية، على مفهوم واضح ومحدد للحداثة هو ما جعل الحوار يتخذ ذلك المنحى الذي أشرت إليه، اي ان سوء الفهم من قبل البعض للحداثة، هو ما جعل منها إشكالية استغرق بحثها كل هذا الوقت والجهد في تاريخ ثقافتنا العربية دون أن يسهم ذلك فعلياً في صياغة الواقع، أو التأثير فيه.
فالحداثة التي كان يثار حولها كل ذلك الجدل، لم تكن بطبيعة الحال حداثتنا، وكان دورنا كمستهلكين لهذه الحداثة، لا يتطلب أكثر من التعليق على ما يحدث خاصة في ظل العجز عن المشاركة فيه وربما ذلك ما قام به الفكر العربي في المرحلة السابقة.
إلا أن المشكلة الآن في قضية العولمة، التي مازال البعض يناقشها ضمن نفس العقلية السابقة، أنها محاولة فعلية لتعميم ثقافة معينة بكل ما تحمله من قيم ومعايير مغايرة، لتصبح ثقافة العالم، أو هي محاولة لتجسيد الحداثة على المسرح، إنما هذه المرّة لم يعد باستطاعتنا البقاء في صالة العرض، والاكتفاء بالتعليق والنقاش كما كان يحدث سابقاً، إذ إننا أصبحنا جزءاً من هذه المسرحية حسب رغبة المخرج الذي يمتلك خيوط اللعبْْْْْْْْْْْْة، وربما كان المسرح هذه المرة ينتمي الى ما يسمى ْ حسب فوكو ْ مسرح القساوة بحيث يصبح الجمهور جزءاً من المسرح أو العرض.
لكن هل يعني ذلك اننا سنتحول الى دمى يتم تحريكها عن بعد وبالريموت كونترول.
قد لايكون الأمر كذلك لكن من المؤكد اننا بحاحة إلى عقلية جديدة تحاول الاستفادة من تجربة الماضي، بعيداً عن التفكير العاطفي المتخندق ضمن ايدلوجيات محددة تشكل في الواقع امتداداً للعقلية القبلية والشعوبية التي ظلت سمة من سمات تاريخ الاجتماع العربي.
وربما يجب صياغة مفهوم واضح ومحدد للعولمة قبل الخوض في نقاشات قد لا تشكل في الواقع سوى مضيعة للوقت والجهد.
نحن بحاجة الى نقاش موضوعي بعيداً عن الثنائيات التي ميزت فكر المرحلة السابقة مثل حداثة/ تقليدية، أصالة/ معاصرة,, الخ.
وبعيداً عن المواقف المسبقة مع/ ضد، فالطوفان قادم او على طريقة ليلى الهلالي جاكم العو,.
|
|
|
|
|