أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 23rd March,2000العدد:10038الطبعةالاولـيالخميس 17 ,ذو الحجة 1420

الفنيــة

خواطر على الوتر الحساس
يقولون ·انك ان اردت ان تتعرف على ثقافة امة,, وان تقف على صبواتها في أي زمان,, يكفيك ان تستمع الى اغانيها,, لأنها خلاصة ما تحلم به وما تصبو اليه .
تلك عبارة أدنى ما تكون الى تراب الحقيقة,, منها الى مخاتلة السراب,, واضطراب الانواء، اذ يكفي ان ننظر الى السائد في اغاني هذه الايام في زعيق الصبية ·المطرمين بالميم والسائد من عصر الاغاني في الأربعينات والخمسينات,, وحسبنا ان نستمع الى جنون الاغنية الغربية,, ونواح الهندية,, لندرك اننا نتعرف الى ثقافتين مختلفتين على التعميم,, رغم الاستثناء الواقع في الجانبين.
تلك قضية كبيرة,, سربتها الي ليلة سهر خريفية والريح سيدة الساحة,, حتى لتكاد ان تهرب من بردها الى دفء النار وراء نافذتي الشفيفة المانعة بين طقسين وحرارتين طقس في الداخل,, وآخر في العراء المديد حتى الجبال الزائغة من عريها الشاهق.
* ومع الريح والبرد كنت استمع باهتمام الى الاسطورة الراحلة ليلى مراد صاحبة اغنية ·اسأل,, عليَّ التي فازت بلقب ·اجمل اغنية في العالم ,, نعم في العالم,, خلال المهرجان العالمي للاغنية الذي دعت اليه القاهرة,, وسهرت على اغاني الشعوب كلها عام 1950م.
** وبلمح البرق دار امامي شريط ذكرياتها بعد رحيل هذه الفنانة المتألقة ·ليلى مراد بعد صمت وأسى داما عاما بالتمام والكمال,, طرحت قضية اكبر من الرحيل,, لخصتها حياة انسانة قد وزعت على جبهتين في شرقنا العربي,, اذ,, علا نقاش في اكثر من عاصمة عربية واكثر من صحيفة,, حول قضية ·المواطن وغير المواطن أو ·حول الاصيل,, والدخيل .
اذ,, ليس خفياً,, ان ·قضية ليلى قد شغلت المواطنين والساسة على حد سواء,, حتى لقد خرجت من ثوبها العاطفي في اغانيها التي ربت اجيالا عربية على الحب الاثيري في ·اسأل عليَّ و·أنا قلبي دليلي و·يا حبيب الروح وغيرهن كثير خرجت الى ثوب قضية سياسية,, وصلت الى اجتماعات ·مكتب مقاطعة اسرائيل ,, ودخلت مكتب الرئيس عبدالناصر,, حيث انشغل في حلها زمناً,, خلال ايام الوحدة عام 1958م.
** وليس سراً ابداً,, ان ·ليلى ,, قد لخصت مشكلة ·شرق أوسطية في بعض جوانبها,, اذ ولدت في ·طبرية بفلسطين من أب يدين باليهودية,, فنان كبير اسمه ·زكي مراد ,, احد رجال الرعيل الاول في اصول ·التخت العربي القديم ,, وقد كان لليلى اخوان معروفان,, شقيقها الملحن ·منير مراد ,, وشقيقتها سميحة,, التي تزوجت من الفنان ·محمود رضا ,, واشتركت معه في تكوين ·فرقة رضا للفنون الشعبية الشهيرة في الشرق والغرب.
** وحين علا موج الصراع على ارض فلسطين,, اختارت ليلى ان تحسم امر المواطنة,, فيما يبدو,, باعلان ·اسلامها في مؤتمر صحفي عقد بالقاهرة عام 1946م وتزوجت من بعد من الفنان السوري المعروف ·أنور وجدي ,, نجم الشاشة العربية آنذاك,, الا انها قد طلقت منه بعد زمن يسير,, والشائعات عن ارتباطها بالعدو تلاحقها,, بل,, لقد وصلت الهمسات الى حد تشريح اسوار جسدها,, وروحها ايضا.
** وسواء صحت الشائعات,, ام ظلت شائعات في غير محلها,, فلقد عذبت روح ليلى,, حتى سجنتها في الصمت طيلة اربعين عاما,, الا انها قد فضلت ان تظل مواطنة رفيعة الشأن,, في القاهرة,, وضربت عرض الحائط بالدعوات التي وجهتها اليها ·غولدامائير لتحل مواطنة سنية,, في كيان العدو,, رغم اساها الواجم الجريح.
** ذلك موقف يحفظ لليلى مراد,, قبالة مواقف بعض الكتاب والفنانين العرب الصغار,, أولئك المنتمين الى ·رخويات الارض ,, الذين يركضون اليوم الى حيفا,, وتل أبيب,, وحقول الجليل بحجة السلام على دورهم المدمرة,, او السهر لليلة,, وفي كباريهات الانفاق داخل جبل الكرمل,, او اقامة المعارض,, واحياء الحفلات للعرب الذين ظلوا هناك,, او غير العرب.
** ان العذر,, قد يكون مع ·ليلى بعد الحصار والصمت,, الا انها قد اختارت الوطن,, فلقد عاش اصحاب الاديان الثلاثة معا,, في كل قطر عربي,, ونبه من كل جانب,, من يستحق النباهة,, وراحت تجارة من يحسن التجارة,, بقي الوطن.
** هل اصف لكم صوت ليلى مراد؟
** انه صوت الكروان,, ونبراته حدائق واسراب مفردة من البلابل وتثير واحدة من الجمال والرغد,, امتع من كل جمال,, تتغرغر وسوسات الحروف في اطار ضوء بنفسجي,, وهو اول ضوء في الوجود له رائحة، يتناثر غبار الشذا فيها في حبات القلوب إيه يا ·روائح زمان, ستسدون الى هذه الفنانة جميلا لو تذكرتموها مثلما تذكرتها, مع خالص ودي لكم.
مالك درار

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved