رئيس التحرير : خالد بن حمد المالك

أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 23rd March,2000العدد:10038الطبعةالاولـيالخميس 17 ,ذو الحجة 1420

مقـالات

مكاشفة
أنس حسن زارع
تسكع شبابنا في الطرقات والأسواق ·3
·وأيضْْْْْا,, بعْْض العْْْلاج
نواصل استعراض بعض المقترحات التي يمكن ان تملأ فراغ الشباب، وتشغلهم بعد وقت الدراسة بما يعود عليهم وعلى مجتمعهم بالخير والفائدة, ومن تلك الحلول العملية,, نطرح:
11ْ نوادي الفروسية، فمن أجمل ما نربي أبناءنا على حبه رياضة الفروسية وأخلاقها واناقتها, فليت كل منطقة أو محافظة تنظر في أمر افتتاح نواد لهذه الرياضة العريقة، لأنها جزء من تاريخنا وتراثنا,, وهي ظاهرة تمارسها جميع شعوب العالم، ونحن أحق بحفظ أصولها ونشر قواعدها، وأطفالنا قد يقبلون عليها ويتعلقون بها منذ تفتح مداركهم، ولكن لا ينبغي ان تغدو رسوم المشاركة في هذه النوادي حائلا دون دخول السواد الأعظم من الشباب في تدريباتها، وممارستها بانتظام, فهي مكلفة في انشاءاتها وتجهيزاتها وصيانتها وتشغيلها، ولابد من ايجاد صيغة عملية واقتصادية لنشر هذه النوادي وتشجيع الشباب على زيارتها, وهنا أدعو البنوك المحلية ْ على وجه التحديد ْ لتقديم شيء ما في هذا الصدد.
12ْ المكتبات العامة، والحمد لله,, أننا توسعنا في افتتاح مكتبات تضارع أرقى المكتبات العالمية، وجهزناها بأحدث التقنيات، وزودناها بما يلزمها من الكتب والمراجع, ولا يكفي ان تكون لدينا مكتبة في كل مدينة كبرى,, بل عسى أن يبادر أهل الخير والمتنورون الى انشاء مكتبة في كل حي وكل قرية, ولا ضير ان يكبر حجم المكتبة بحسب المكان الذي يحتضنها أو البيئة التي تحيط بها، ويمكن لكل مجمع سكني ان يخصص شقة أو قاعة مناسبة لتكون مكتبة يرتادها الصغار والكبار,,, ويتعودون على مصادقة الكتب واقتنائها وتداولها واهدائها,, فالكتاب سيظل أبد الدهر من أوفى الأصدقاء وألطفهم معشرا وأكثرهم عطاء.
وهو فوق كل ذلك,, وسيلة ارتقاء للفكر وتهذيب للسلوك وصقل للذوق العام.
وما أقدم عليه خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين من رعاية للمكتبات واغداق عليها ْ ابتداء من الرياض وجدة ْ سنة حميدة ونهج حضاري.
وسيتبع ذلك ْ باذن الله ْ خطوات مماثلة تعم سائر أرجاء الوطن الحبيب,, فهلموا أيها المقتدرون من أبناء البلاد واقتدوا بحكامكم في أعمال البر ومبادرات الخير التي تؤتي ثمارها وتجود بقطافها ْ ماديا ومعنويا ْ الى قيام الساعة, ومن أراد أن يلحق مكتبة بمسجد الحي الذي يقطنه، أو يبنيها في الحديقة العامة فالجهات المسؤولة ستتيح له الفرصة وتهيىء له الأمر بعون الله.
13ْ نوادي السباحة والحمَّامات العامة، فرغم عنف السباحة كرياضة الا أنها ممارسة جميلة ويعشقها الصغار والكبار على السواء, وهي مجال متاح للاستثمار التجاري أو من خلال الأندية الرياضية، لكن اسنادها الى القطاع الخاص مع وضع الضوابط الفنية والتربوية والادارية يسمح بانتشارها في جميع الأحياء والقرى,.
والسباحة رياضة اجتماعية والناس يتطلعون الى فصل الصيف أو الطقس الحار ليلجأوا الى السباحة,, خصوصاً في المناطق غير الساحلية.
14ْ المنتجعات الساحلية,, حيث تمتد مساحات الوطن الشاسعة على أديم شبه الجزيرة العربية، وتحتل الجانب الغربي من شاطىء الخليج العربي والجانب الشرقي من البحر الأحمر, فسكان المدن والجزر الواقعة على هذين الشاطئين ,, تعتمد حياتهم على البحر، ويشغل الصيد والترفيه الساحلي جل وقتهم, وتستطيع البلديات ان توجه القطاع الخاص الى الاستثمار في نوادي الصيد أو المسابقات البحرية ·من سباحة وتجديف وغوص وتزلج أو التدريب على بناء المراكب وصيانة الزوارق واعداد الأشرعة, مثل هذه المجالات مليئة بالمغامرة والمتعة، وهي تلبي رغبات الشباب وتوافق حماسهم وتستثمر عنفوانهم وطاقتهم, فمدن جدة وينبع وجيزان والدمام لن تعجز عن اتاحة فرص من هذا القبيل للأهالي وأبنائهم كي يتخذوا هوايات جديدة أو تتجدد علاقاتهم بهواياتهم القديمة, ولا أستغرب أن يساعد احياء تلك المناشط على تخفيض تكلفتها، وجعلها في متناول كل من يرغب في التعامل معها، وخلق مجالات وظيفية لعدد من الخريجين والمنتظرين.
15ْ المعاهد التجارية يكاد لا يخلو منها جزء من الوطن، وهي مشاريع ذات جدوى اقتصادية مجزية,, والا فلن تستمر, وتستطيع ان ترفع من ربحيتها بإضافة مجالات مهنية أو ترفيهية يتطلع اليها الشباب، مع الاستفادة من مستحدثات العصر وملاحظة ما حققته المعاهد المشابهة في الدول الأخرى, فمجالات كالترجمة واللغات والفنون المسرحية ومهارات الالقاء والتمثيل والسكرتارية المتقدمة والاختزال والاسعافات الأولية وغيرها,, كلها مناشط تلقى اقبالا من الشباب في أوقات فراغهم وتفيدهم في مستقبل أيامهم، لو أحسنا التعريف بها وأعددنا لها الظروف المناسبة, وموضوع اللغات ْ بالذات ْ يستحق منا جميعا ْ مواطنين ومسؤولين ْ اهتماما كبيرا، والتفاعل مع الحضارات عملية مستمرة وأداتها الأولى هي اللغة, وقد آن الأوان ليكون بمقدور الطالب ان يتقن ْ مع لغته الأم ْ لغتين او ثلاثا,, فلم تعد الانجليزية تكفي كما كانت في السابق، وبات لزاما علينا ان نتعرف على جميع الثقافات المعاصرة,, حتى الانجليز والأمريكان والروس,, تجد بينهم من يتحدث العربية او الصينية أو الألمانية, والقرن الجديد يحمل في طياته مزيدا من التقارب بين الأمم والانفتاح والشفافية وتبادل المعلومات, ودولتنا بحكم مكانتها ونفوذها ْ دينيا وسياسيا واقتصاديا ْ مقبلة على تطور في علاقتها مع الدول الأخرى والمجتمع العالمي ككل,, لأن التاريخ فرض على هذا الكيان أن يظل دائما في مركز القيادة, وستشهد المملكة دورا أكثر تأثيرا في مجريات الأحداث، وأبناؤنا هم ثروة الوطن,, فلابد ان يتوازى تفكيرنا في مستقبل الأبناء مع ايحاءات مستقبل الأمة وما يلوح في الأفق من ارهاصات.
16ْ منافذ بيع الكتب والقرطاسية ْ غير المكتبات ْ تستطيع أن تساهم مع المجتمع في امتصاص فراغ الشباب, فلو أن كل متجر من هذه المتاجر قام بتوظيف طالب خارج أوقات الدراسة وحسبما تسمح به ظروفه,, ولو بأجر قليل، لخرجنا بايجابيات عديدة.
فالطالب سيقضي وقته في شواغل مفيدة بعيدا عن رفاق السوء، وهو سيتعلق بالكتب وعالمها فتتسع آفاقه وتنمو مداركه، وسيكتسب مراسا في مهنة شريفة ويتعلم قواعد العمل التجاري.
17ْ وسائل الاعلام,, من تلفزة واذاعة وصحافة,, وبالأخص ,, التلفزة,, سواء الفضائية أو الأرضية,, وسيلة جذب قوية للشباب وغير الشباب، بما تبثه من منوعات أو مسابقات أو مسلسلات أو حلقات علمية,, ناهيك عن المباريات الرياضية, من الجميل أن تكون هناك محطة باسم الأطفال في شبكة الاوربيت أو الآرت، لكنها لا تتسنى الا للمشتركين.
وقد تنوء الغالبية من الناس عن تحمل رسوم الاشتراك، فأين القناة الثالثة التي كثر الحديث عنها في الماضي,, ثم خفت وتوقفت, لعل مثل هذه القناة تركز على الشباب واحتياجاتهم الاعلامية، وتغني عن استقطاع ساعات طويلة من القناتين الأخريين لبث برامج خاصة بالشباب.
18ْ الجمعيات النسائية، وهي موزعة ْ على الأغلب ْ في المدن الكبيرة,, لكنها مطلوبة في كل تجمع سكاني, فأهدافها كما تدل أسماؤها تختص بالنهضة والتعاون والتثقيف والتوعية، اضافة الى الأعمال الخيرية ومساعدة المحتاجين, وبناتنا يستطعن أن يساهمن في النشاطات التي ترعاها الجمعيات,, من مهارات وهوايات ودورات ودروس ومجموعات تقوية تعليمية, أجمل ما تتميز به هذه الجمعيات أنها تقوم على ادارتها نخبة من سيدات المجتمع الفاضلات من الأسر الكريمة وبيوتات التجارة والمؤسسات العلمية, وتشرف على خدماتها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، بتوجيهها وتسهيل اجراءاتها ودعم ميزانياتها.
ان الاهتمام بوقت المرأة في مجتمعنا واستثماره في المثمر والمفيد,, ركن ركين في تنمية الوطن لأن الحصاد سيشمل الأسرة بأكملها.
19ْ مراكز الحاسب الآلي وما تفتقت عنه مشاريعها من مقاهي الانترنت غدت متناثرة في كل مكان، وبامكاننا ان نستغل وجودها وانتشارها,, لا لتعليم الشباب فقط,, أو اشغال وقت فراغهم بما يسليهم,, بل لكي تستفيد الشركات والمؤسسات من هؤلاء الطلاب في انجاز الأعمال التي تعتمد على استقاء المعلومات من مواقع الشبكة العنكبوتية، أو لتبادل الخبرات أو نقل الرسائل مع شركات أخرى, ولو خفضت نوادي الحاسوب من رسومها قليلا أو حمَّلتها على الشركات المستفيدة، فإننا سنسد ثغرة كبيرة، وسيعود المردود على مصلحة المجتمع وسائر أرجاء الوطن.
20ْ حب الخير متأصل في نفوس أبناء المملكة، ومن رجال الأعمال فئة تجري الوطنية في دمائها وتحرص على بذر الطيبات في كل مجال وبلد من ربوع الوطن، ولا تنتظر شكرا أو مكافأة الا من رب العباد, وتنشر الصحف أحيانا أخبارا عن مشاريع خيرية لتأهيل الشباب، بتوظيفهم كمتدربين برواتب مجزية في مجالات فنية أو متخصصة,.
مثلما قرأت عن مشروع الشيخ عبدالرحمن فقيه الذي يستقطب الكفاءات المتوسطة لإعدادها للعمل في مزارع الدواجن، والمتدرب غير ملزم بالاستمرار في العمل مع مزارع فقيه بعد اكمال دورته,
ومثل هذا المشروع لا نملك ازاءه الا أن نقول لصاحبه : جزاك الله خير الجزاء، وبارك لك في مالك وتجارتك وعيالك، وأكثر من أمثالك، فأنت نموذج مشرف لابن البلد, أوردت هذا المثال لأؤكد ان بوسع رجال الاعمال ْ في غير مجال الدواجن أو التنمية الريفية ْ ان يبتكروا خططا قصيرة الأمد,, تخدم أبناء الوطن ولا تتعارض مع مصالحهم التجارية, وليس من الضروري ان نتوسع في هذا الجانب,, بل يكفينا أن تستقبل كل منشأة تجارية طالبا أو اثنين بنظام العمل الجزئي أثناء أيام الدراسة والدوام الكامل خلال الاجازات.
21ْ ماذا بقي للبيت؟ اذا استطاع البيت أن يقدم لأبنائه وبناته من مقومات الجو الأسري ما يكفل لهم الاستقرار النفسي والسكينة الى المكان والرغبة في التفاعل مع بقية أفراد العائلة والتعاطف معهم والحرص على سعادتهم والتطلع الى البذل والعطاء للأسرة والمجتمع والوطن,, واذا استطاع البيت أن يروي ظمأ الشاب الى الخروج وإحداث الضجيج واظهار الذات، ويخدم مجتمعه في مسؤوليات الأسرة أو حثه على الانشغال بما ينفعه في حاضره ومستقبله ويخدم مجتمعه,, واذا نجح البيت في تصحيح مفهوم الشباب عن قيمة الترابط الأسري من ·الحجر الاحترازي الى التكافل والمودة والحب، فلا حاجة للشاب في الاتجاه الى المقترحات التي أسلفناها الا ما ندر.
فليست العزلة أو الانطوائية من خصائص النفس السوية والشخصية الاجتماعية، والانسان بحاجة الى العمل ضمن كيان عام,, أي أن الفرد لا يستغني عن المجتمع، والمجتمع لا تستقيم أموره بدون أفراد صالحين منتجين متعاونين, ما أحرى المربين والآباء والأمهات بالنظر في هذه القضية,, كيف نشغل تفكير الشباب ونملأ فراغهم ونستثمر وقتهم ,, كيف نصرفهم عما لا يجدي الى ما يجدي,, انها مسؤولية الأسرة والمدرسة والمجتمع معا، والشباب آخر من نحملهم تلك المسؤولية, علينا ان نتخذ من هذه الظاهرة,, تسكع الشباب وفراغهم ,, قضية القرن الجديد، فالشباب هم ثروة الأمة وسر بقائها وسبب نمائها.
ان بعض تلك المقترحات يبدو سخيفا أو مضحكا,, لكن بتنفيذه سيجني المجتمع أكثر من فائدة, ولو كان ابنك أحد المتسكعين او ·العاطلين ثم انتظم في واحد من هذه المشاريع أو المراكز، فإنك ستلمس التغير الجذري في شخصيته وفي سلوكه وفي احساسه بالمسؤولية, وستذهب يوما الى من قدم له فرصة كهذه لتشكره وتشد على يديه، وستكون احد من يسوقون هذه الأفكار الوطنية,, والانسانية,, والحضارية.


أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة][موقعنا]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved