| محاضرة
لفية أسباب تدخل الدولة العثمانية في نجد ·الأحساء (1) عام 1871م
ظلت سياسة الدولة العثمانية تجاه نجد منذ عام 1840م قائمة على أنها وحدة سياسية لها خصوصيتها وأن لا وسيلة لحكمها حكماً مباشراً من قبل العثمانيين، وأن الوسيلة المثلى والأسلم والأوفر للعثمانيين أن يقوم على حكمها الشخص القوي من آل سعود، إذ لم تشهد نجد، بل معظم أنحاء الجزيرة العربية في تاريخها الحديث حكماً موحداً إلا تحت نفوذ هذه الأسرة وحكمها، رغم حساسية العثمانيين من رواسب التاريخ تجاه الحكم السعودي المرتكز على أسس دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وسجل سنوات طويلة من الصراع بين العثمانيين والسعوديين، خاصة بعد استيلاء الأخيرين على الأراضي المقدسة في الحجاز وتجريد العثمانيين من سلطتهم عليها عام 1803م.
ومن منطق هذه السياسة اعترفت الدولة العثمانية بحكم الأمير خالد بن سعود الذي كان على رأس حكومة نجد عشية انسحاب القوات المصرية منها عام 1840م, وذلك بعد أن اعترف بحكمه أعيان نجد وعلماؤها ومشايخ قبائلها بما فيهم أعيان وعلماء الأحساء والقطيف (2) .
ثم ما لبثت أن اعترفت بحكم ابن عمه وخلفه الأمير عبدالله بن ثنيان الذي اطاح بحكم الأمير خالد، وذلك بعد أن التف حوله الأعيان والعلماء ومشايخ القبائل وتأييده في ثورته ضد الأمير خالد (3) .
وحين عاد الإمام فيصل بن تركي من أسره في مصر عام 1259هْ/ 1843م، واطاحته بحكومة عبدالله بن ثنيان والتفاف أهل نجد حوله ومبايعتهم له سارعت الدولة العثمانية للاعتراف بحكومته بعد أن قدم لها من الضمانات ما يجعلها تطمئن إلى أنه الشخص المناسب لإدارة شؤون نجد (4) , وظلت علاقة الإمام فيصل بحكومة السلطان على ما يرام طوال فترة حكمه وإلى حين وفاته في عام 1282هْ / 1865م.
وكانت الدولة العثمانية تنظر إلى نجد واستقراره نظرة خاصة، وترى أن استقرار الأوضاع في الجزيرة العربية وخاصة الحرمين الشريفين مرتبط باستقرار نجد، وتدرك أن استقرار نجد لا يتأتى إلا من خلال وجود حاكم قوي على رأس الحكومة التي تحكم, ولهذا حرصت على أن تمنح التأييد للحاكم القوي المتمكن من السيطرة على الأوضاع في هذه المنطقة البالغة الحساسية.
كانت الدولة العثمانية تدرك أيضاً ان الاستقرار في نجد يعني بشكل مباشر أو غير مباشر استقرار الأوضاع في منطقة الخليج وجنوب العراق، والحفاظ على وحدتها وتماسكها وسلامتها من الوقوع تحت نفوذ أي قوة أجنبية حيث تمكنت حكومات آل سعود المتعاقبة من فرض سيطرتها على منطقة الخليج, كما كانت حكومة نجد القوية هي القوة الوحيدة التي تمنح الأمان والسلامة لطرق الحج القادمة من العراق وشرق العالم الإسلامي مروراً ببلاد نجد، وهذا أمر مهم بالنسبة للدولة العثمانية وسمعتها, بالاضافة إلى أن الدولة السعودية كانت تمثل الحزام الأمني للحفاظ على سلامة الخليج من الوقوع تحت سيطرة أية قوة أجنبية واقليمية فقد كانت الدولة السعودية بما تملكه من قوة ونفوذ تمثل قوة الصد للاطماع البريطانية والإيرانية في منطقة الخليج (5) , واستمرت كذلك إلى ما بعد وفاة الإمام فيصل بن تركي، وقبل اندلاع الفتنة بين خليفته الإمام عبدالله بن فيصل وشقيقه الأمير سعود، ذلك الصراع الذي بلغ ذروته خلال الفترة ما بين 1285هْ/1867م:1288هْ/1870م، حينما وجد الأمير سعود بن فيصل نفسه مضطراً إلى الاستعانة ببعض القوى الأجنبية واتباعها في منطقة الخليج، مما جعل الأمير عبدالله الأمير الشرعي مضطراً بدوره إلى الاستنجاد بالدولة العثمانية للوقوف إلى جانبه ضد أخيه الذي تدعمه القوى الأجنبية.
ومن هنا أصبحت نجد نهباً للأطماع ومرتعاً للفتن والصراع لدرجة ان نجداً مع كثرة ما شهدته من فتن كثيرة في تاريخها لم تشهد أسوأ من سنوات تلك الفتنة التي أدت إلى تفتيت وحدة البلاد واراقة الدماء وانقسامات في صفوف المواطنين والقبائل والعلماء، وانعدام أي أمل في وجود أي ضابط يعيد للبلاد وحدتها وللمواطنين سكينتهم.
هذا الوضع المتدهور أدى إلى التدخل العثماني بناء على طلب من الحاكم الشرعي، ولكن ذلك التدخل كان بقاؤه مشروطاً بزوال سببه, بيد أن الأمر لم يكن بتلك السهولة لا للمنجد ولا للمستنجد به، فلم يعد بإمكان الإمام عبدالله السيطرة على الأمور في داخل نجد الذي امتنع العثمانيون عن التورط في الدخول في أتون مشكلاته، واكتفوا بالتدخل في المناطق الساحلية التي تمكنوا من السيطرة عليها بأقل التكاليف المادية والبشرية، ولم يعد بامكانهم الانسحاب منها مع رغبتهم في ذلك خوفاً من وقوعها غنيمة سهلة في أيدي القوى الأجنبية, ولذلك ظلوا يصارعون بشدة من أجل التمسك بوجودهم في تلك المنطقة التي ظلت خارج نطاق نفوذهم لعدة قرون.
واعتبر البعض من القادة والساسة العثمانيين ان ما حققوه من خلال حملتهم على الأحساء اضافة إلى ما حققوه من انتصار على امارة عسير قبل حملتهم على الأحساء بعدة شهور انتصاراً يعيد لدولة لم تذق طعم الانتصار منذ فترة طويلة وان استعادة سيطرتهم على أطراف الجزيرة العربية ومياهها الإقليمية يحقق للدولة شرف الحفاظ على سلامة الحرمين الشريفين والطرق المؤدية إليهما ويعوضها عن أملاكها التي فقدتها في منطقة البلقان وغيرها, ولكن تضحيات الدولة في سبيل تحقيق هذا الهدف كانت غالية وخاصة في منطقة عسير لكنها ظلت متمسكة بهذه الأنحاء إلى آخر لحظة رغم جسامة التحديات وارتفاع أعداد الضحايا في صفوف قواتها بشكل مذهل.
أما تبريرات الدولة العثمانية لأسباب تدخلها في منطقة نجد، فقد عبرت عنه من خلال وثيقة التعليمات التي أقرتها وزودت بها قائد حملتها على الأحساء نافذ باشا والمتكونة من خمسة عشر بنداً (6) , ومن خلال منشوراتها التي وزعتها على المواطنين تبرر فيها تدخلها وتدعوهم فيها إلى الدخول في طاعة الدولة دولة الخلافة رمز وحدة المسلمين (7) .
إذا كان استيلاء العثمانيين على الأحساء عام 1288هْ/1871م يمثل بداية نهاية الحكم السعودي على وسط نجد بما فيها العاصمة الرياض لأسباب منها استمرار الاختلاف بين أجنحة الصراع من آل سعود أنفسهم وظهور قوى محلية أخرى وخاصة قوة آل الرشيد الذين دعمتهم الدولة العثمانية لتصبح القوة البديلة لقوة آل سعود فإن استعادة الرياض في عام 1319هْ / 1902م، على يد الملك عبدالعزيز آل سعود يمثل الإنذار الأول بنهاية الوجود العثماني في منطقة الأحساء على يد قائد فتح الرياض نفسه.
كانت الدولة العثمانية تدرك خطورة استعادة الملك عبدالعزيز لسلطة آبائه وأجداده على عاصمة ملكهم، ولذلك فقد أولت هذا الأمر اهتمامها البالغ منذ بداية نشاط الملك عبدالعزيز ويمكن معرفة ذلك الاهتمام بشكل واضح من خلال الاطلاع على ملف الملك عبدالعزيز في ارشيف الدولة الرسمي الذي لم يكشف عنه وعن محتوياته كاملة إلا مؤخراً (8) , والباحثون الذين أولوا ذلك الملف اهتماماً أو اجهدوا أنفسهم في الكشف عنه قليلون.
تكشف محتويات هذا الملف عن المتابعة الدقيقة من قبل السلطات العثمانية لكل حركة يقوم بها عبدالعزيز, علماً بأن الملك عبدالعزيز كان يدرك بدوره خطورة أي احتكاك بينه وبين الدولة العثمانية، ولذلك فقد كان بما يتمتع به من الكياسة والحنكة السياسية قد تجنب أي نوع من أنواع التحرش المباشر بمناطق نفوذ الدولة ذلك النفوذ الذي كان يحيط به من كل جانب حتى وإن كان نفوذاً ضعيفاً مع ادراكه بأنه لن يكون له بد من التعامل مع الوجود العثماني مهما طال زمن تفادي ذلك التعامل.
ولكن الحنكة والحكمة تتطلب منه تأجيل ما قد يكون مصدر إثارة لدولة الخلافة سلباً كان أو ايجاباً إلى وقته المناسب ومرحلته المناسبة، وعبدالعزيز السياسي الذكي المحنك كان يدرك أهمية التوقيت لكل القرارات السياسية المهمة التي اتخذها طوال مسيرته الطويلة في توحيد البلاد التي استمرت أكثر من ثلاثة عقود.
إننا جميعاً ندرك أن استعادة الملك عبدالعزيز لعاصمة آبائه واجداده ما هي إلا مرحلة أولى من مراحل ستكون متواصلة لاستعادة ما كانت دولة آل سعود قد بسطت عليه نفوذها وسيطرتها في دوريها الثاني والأول.
وندرك ما لهذا العمل المرحلي الواضحة معالمه والمرسومة أهدافه في ذهن من يقوم بتنفيذه، من تعارض بشكل حاد مع مصالح الدولة العثمانية ومصالح من يدور في فلكها من القوى المحلية، ولهذا السبب أوضحت بأن الملك عبدالعزيز لم يكن يرغب في استعداء الدولة العثمانية وهي التي وافقت على اقامته مع والده وبقية أسرته بالكويت طوال سنوات النفي ان لم تكن هي التي حددت الكويت ليكون مكاناً لمنفاه مع تحفظ أمير الكويت في بداية الأمر.
مع عدم وضوح فكرة الدولة، على الأقل بالنسبة لي شخصياً، في سبب اختيار الكويت منفى لعبد العزيز واسرته, ولكن لعل لعامل القدر دوراً في هذا حيث كانت الكويت مدرسة رائعة تعلم فيها عبدالعزيز الكثير والكثير، مع أن فترة سنوات المنفى في حياة عبدالعزيز هي الأكثر غموضاً في السيرة الذاتية للملك عبدالعزيز.
عمل الملك عبدالعزيز منذ استيلائه على الرياض عام 1902م على اختصار المراحل فيما يتعلق بتوحيد القدر الأكبر من بلاد نجد مستغلاً عامل الزمن وسرعة المبادرة في تحقيق أول الأهداف إذ كان يدرك ان من أحكم سيطرته على نجد واتخذ من قلبه ْ الرياض ْ نقطة للتحكم والسيطرة فإنه لا محالة سيمتلك كل عوامل النجاح لتحقيق أهداف المراحل الأخرى.
بالاضافة إلى عاملي الزمن وسرعة المبادرة التي يحسن الملك عبدالعزيز التعامل معها هناك عامل آخر لا يقل أهمية وهو استغلاله لعدم اهتمام القوى المحيطة بما يحدث في الداخل بالأهمية نفسها التي توليها للمناطق الساحلية, والقوى المحيطة هي الدولة العثمانية التي كان عدم اهتمامها نابعاً من ضعفها وعدم قدرتها على التدخل بشكل واضح وسريع, أما القوة الأخرى وهي بريطانيا فإن سياستها واضحة منذ بداية اهتمامها بشؤون الخليج في مطلع القرون الحديثة وهي سياسة عدم التورط في المسائل الداخلية وحصر نفوذها في الخليج وسواحله حيث نشاطها ومصالحها.
وما دام الملك عبدالعزيز قد ضمن عدم تدخل أي من هاتين القوتين فإنه يمكنه التعامل بكل اقتدار مع القوى المحلية، إذ يملك مقومات الاقتدار المتمثلة في تاريخ يزيد على ثلاثة قرون مرتكز على قاعدة صلبة قوامها العقيدة التي لا يدين لغيرها أبناء قبائل جزيرة العرب الذين يصعب مراسهم وانقيادهم لغير من يرونه أهلاً لقيادتهم، اضافة إلى المقومات الأخرى من المواصفات القيادية التي يمتلكها عبدالعزيز.
لم ينقض الربع الأول من عام 1904م حتى أصبح الملك عبدالعزيز يبسط نفوذه على الجزء الأكبر من نجد، ويصبح وجهاً لوجه أمام الدولة العثمانية في منطقة القصيم حيث تورطت الدولة دون حساب دقيق للعواقب ببعث عدد من طوابير جيشها النظامي ولأول مرة في تاريخها تزج بجزء من قواتها إلى داخل بلاد نجد للوقوف إلى جانب حليفها ابن الرشيد الذي ادرك ان وجود نفوذه أو بقاءه على ما تبقى له من شمال نجد مرهون بوقوف الدولة العثمانية إلى جانبه، فكشفت الدولة العثمانية عن عجزها وضعفها أمام قوة عبدالعزيز الذي تحاشى -حتى في حالة المواجهة- ان لا يشعرها بأنه الأقدر على هزيمتها أو إلحاق الأذى بكرامتها, فرضي منها بالاعتراف به حاكماً على نجد ولنفوذه على ما اصبح يبسط سيطرته عليه (9) , وساعد الدولة على ترحيل قواتها إلى العراق والمدينة المنورة، وحال بينهم وبين أن يكونوا نهباً لقبائل البدوية.
وصدر من السلطان عبد الحميد اعتراف رسمي بسلطة عبدالعزيز اعترافاً له بالجميل لقاء ما قدمه من خدمة لجنود الدولة وحفظاً لكرامتهم (10) , لكن موقف الدولة ونظرتها للملك عبدالعزيز ظل متذبذباً كتذبذب أوضاع الدولة خلال مرحلة السنوات التي سبقت قيام الحرب العالمية الأولى فتراها تارة تقف إلى جانب خصوم الملك عبدالعزيز خاصة ابن الرشيد في حائل والشريف الحسين بن علي شريف مكة، وتارة تمتنع عن دعمهما وتقف على الحياد، ورغم هذه المواقف المتذبذبة ظل عبدالعزيز على موقفه الثابت الذي لم يتغير من الدولة العثمانية واعلان مناصبتها العداء، رغم ما كان يشنه بعض رجالاتها أو المحسوبين عليها من حملات ضد عبدالعزيز ودعوته الاصلاحية وهجومهم المستمر على عقيدة السلف ونعتها بكل النعوت من وهابية متعصبة ومبتدعة مارقة على الدين والى غير ذلك من الحملات.
استعادة الملك عبدالعزيز للأحساء 1331هْ/1913م
الأحساء كما يعرف الجميع هو الامتداد الطبيعي لنجد وواجهته وبوابته البحرية، وكما قال مدحت باشا مهندس الحملة المشهور على الأحساء في عام 1288هْ/1871م، في تقريره إلى الدولة العثمانية بتاريخ 21 ذي الحجة 1286هْ أثناء حثه على التدخل إلى جانب الأمير عبدالله بن فيصل للحفاظ على الأحساء الذي كانت بريطانيا تحاول أن تتخذ من الخلاف بين الأمير عبدالله وشقيقه الأمير سعود سبباً في تدخلها وبسط نفوذها على الأحساء وفصلها عن نجد حيث قال: ·ما قيمة نجد بدون سواحلها (11) , ·فالأحساء بواحاته الخصبة وبسواحله الطويلة تمثل أهمية اقتصادية واستراتيجية قصوى لنجد ولن يكتمل مقومات أي كيان سياسي في نجد دون أن تكون الاحساء جزءاً منه وهذا ما أدركته الدولتان السعوديتان الأولى والثانية بشكل واضح وجلي حيث كانت الأحساء هي الخطوة الأولى في اكتمال بناء دولتهم السياسي ولم ينفصل عنها حتى في أحلك ظروفها السياسية وهي تلك المرحلة التي غزا فيها محمد علي باشا نجداً كأول قوة تغزو نجداً في تاريخه.
كان مجيء الدولة العثمانية إلى الأحساء في عام 1288هْ/1871م، لا بقصد احتلاله وإنما بقصد الوقوف إلى جانب الأمير عبدالله بن فيصل بن تركي الذي خلف والده الإمام فيصل أميراً على نجد في عام 1282هْ/1865م على اثر ما نشب بينه وبين أخيه الأمير سعود من شقاق وخلاف زاد في اشعاله ظروف مختلفة محلية واقليمية، مما جعل الأمير سعود يطلب من خلال بعض الزعامات الخليجية العون من بريطانيا في الوقوف إلى جانبه في خلافه مع أخيه، وهذا بالتالي قاد إلى أن يطلب الأمير عبدالله العون من الدولة العثمانية التي ترتبط معها الدولة السعودية الثانية طوال فترة حكم الإمام فيصل باتفاقيات اعتراف متبادل.
وكانت الدولة العثمانية تعترف بالنفوذ السعودي كاملاً على السواحل العربية للخليج كاملة اذ كانت تعتبر هذه المناطق من مناطقها السيادية الاسمية تمارس الدولة السعودية عليها نفوذها الفعلي نيابة عن الدولة صاحبة السيادة، وتاريخ هذه المسألة يطول، نكتفي بالاشارة إلى أن الدولة العثمانية تدخلت إلى جانب الأمير عبدالله بن فيصل لتدعيم حكمه الشرعي على المناطق التي ينافسه عليها أخوه بدعم من قوة أجنبية لها مطامع في مد نفوذها على ما بقي خارج دائرة ذلك النفوذ على سواحل الخليج.
تدخلت الدولة بكل ثقلها واستقطبت إلى جانبها في هذا التدخل كل القوى المحلية وعلى رأسها أمير الكويت الشيخ عبدالله الصباح الذي مد الدولة بمائة سفينة حربية (12) , وكان على رأسها يرافقه أخوه الشيخ مبارك وكانت الكويت مكان انطلاق الحملة البحرية والبرية حيث كانت القوة البرية تتشكل من قبائل المنتفك وعنزة اذ كانت تشكل قوة الخيالة من قبيلة المنتفك وحدها بقيادة ناصر السعدون مما يتراوح بين 2000 و3000 فارس (13) , ونقيب البصرة سيد محمد سعيد وشيخ الزبير سلمان الزهير (14) , وكان من أهداف الدولة السعي بين الأخوين عبدالله وسعود في اصلاح ما بينهما من خلاف، وذلك من خلال اقتراح تقدم به والي بغداد وذلك لكي تقطع الطريق على التدخل الانجليزي الرامي الى استيلائه على كل السواحل بما فيها الاحساء والكويت (15) ,
كما كان من أهدافها بعد نجاح حملتها في مساعدة الأمير عبدالله على تثبيت نظام حكمه هو مساعدته على تحسين الأوضاع الادارية للاحساء وسواحلها برجال يختارهم هو بنفسه (16) .
لكن الدولة سرعان ما غيرت سياستها من دعم الأمير عبدالله إلى رغبتها في تثبيت احتلالها للمنطقة وحكمها حكماً مباشراً عملت على القيام بحملة اعلامية تمنحها الحق الشرعي في تثبيت سيطرتها عليها متخذة معاذير مختلفة في تبرير تغير سياستها (17) .
هذا ما جعلها تطيل صراع الأخوين في الداخل حتى أضعف كل منهما الآخر وأفسح ذلك الصراع الطريق أمام منافس جديد بدعم من الدولة العثمانية الذي أدى إلى نهاية الدولة السعودية الثانية وخروج الملك عبدالعزيز مع والده آخر إمام شرعي للدولة إلى المنفى.
لكن السؤال هل نجحت الدولة في ادارة منطقة الأحساء؟ أو هل كانت ادارة الدولة لمنطقة الأحساء بالسهولة التي توقعها القائدان العثمانيان نافذ باشا ومدحت باشا اللذان فتحا الأحساء؟.
وللإجابة عن هذه التساؤلات نجد أن الدولة كانت مخطئة في تقديراتها لادارة منطقة في غاية الأهمية والصعوبة اذ تستمد أهميتها من موقعها الاستراتيجي المتوسط لمنطقة الخليج العربي، وصعوبتها تكمن في تركيبتها السكانية المتكونة من حاضرة نشيطة في مجالات الزراعة والتجارة والصيد البحري، ومن قبائل متعددة الانتماءات بعضها فضل الاستقرار وبقي بعضها ، الآخر على بداوته، كما ان بعضها يضربون بجذور تاريخية قديمة في المنطقة وبعضها الآخر وفد حديثاً, فكانت المنطقة مسرحاً للكثير من الأحداث والصراعات بين البادية والحاضرة من جهة، وبين القبائل بعضها ضد بعض من جهة أخرى, ومنطقة هذه مواصفات مجتمعها تحتاج إلى حكومة قوية وقادرة على ضبط الأمن والاستقرار، وهذا ما لم تكن الدولة العثمانية مؤهلة للقيام به, فقد شهدت المنطقة حالة من عدم الاستقرار طوال فترة الحكم العثماني لها رغم كل الجهود التي بذلتها في محاولة ايجاد الحد الأدنى من ذلك الاستقرار.
والدليل على الصعاب التي واجهت الدولة في ادارة الأحساء التي حولتها الى متصرفية لها استقلالها الاداري، كثرة تغير المتصرفين والقضاة ورجال الادارة في المتصرفية، ومن ضمن محاولات التغلب على مسببات الاضطرابات اختارت في أكثر من مناسبة تعيين متصرفين من أصول عربية أبرز هؤلاء السيد طالب النقيب، وهو من أسر البصرة المشهورة المتحضرة لمحاولة استغلال نفوذه في السيطرة على الأوضاع، وعينت متصرفاً من أسر الأحساء المشهورة التي تنتمي إلى أسرة آل عريعر من بني خالد حكام الأحساء قبل قيام الدولة السعودية في محاولة منها للغرض نفسه, ولكن هذه المحاولات وغيرها من الجهود فشلت, وتولى متصرفية الأحساءخلال فترة الحكم العثماني عشرون متصرفاً أي بمعدل متصرفية لكل سنتين بعضهم لم يمكث في منصبه إلا أسابيع أو شهورا (18) .
كان الملك عبدالعزيز منذ استعادة سلطته على الرياض عام 1902م يرصد تطورات الأحداث ويراقبها في الأحساء، وكان على صلة مباشرة بالعديد من رجالاتها المعروفين، ومن علمائها البارزين، من خلال ما كانوا يبعثون به إليه من رسائل يشكون إليه عدم الاستقرار في بلادهم ووقوعهم نهباً لجنود الأتراك في الداخل وللبادية من الخارج, وبلغ ببعض تلك الزعامات أن ألمحت في رسائلها إلى الملك عبدالعزيز بأنه اذا لم يهب لانقاذهم مما هم فيه، فإنهم قد يضطرون إلى طلب الحماية البريطانية.
كان الملك عبدالعزيز، وكما تم توضيحه من قبل يتحاشى الاحتكاك بالدولة ومجالات نفوذها، علماً بأن سياسته في استمالة بعض الزعماء من القبائل المحيطة بالأحساء قد خفف من كثرة تعدياتهم على سكان الأحساء المستقرين لكن بعضاً من زعامات تلك القبائل كانت تتحاشى قسوته بحجة انها تابعة للدولة العثمانية، والدولة عاجزة عن حماية رجالها منهم.
جاءت اللحظة المناسبة لعبدالعزيز بالمضي قدماً إلى احتلال الأحساء، أو بالأحرى اعادته إلى حكمه، أو إلى تحرير أهله من الظلم الذي كان يمارسه جنود الأتراك على المواطنين العزل، وعجزهم عن حمايتهم من قبائل البادية التي كانت تتخطفهم من كل جانب والبدو لا تميز بين احسائي وتركي، فبلغت سطوتهم الى سلب الجنود الأتراك أسلحتهم الشخصية وبيعها في أسواق الأحساء على مرأى من الجنود أنفسهم.
تلك اللحظة التي منحها جمال باشا ثالث رجل في سلم السلطة العثمانية بعد الانقلاب العثماني المشهور عام 1908 على السلطان عبدالحميد حينما هدده بأنه قادر على اختراق نجد من شماله إلى جنوبه بطابورين، والقضاء على نفوذ الملك عبدالعزيز، واعلان انحيازه وانحياز حكومته بشكل واضح الى جانب ابن الرشيد العدو التقليدي للملك عبدالعزيز، فرد عليه الملك عبدالعزيز برسالة جوابية قال فيها: ·قلتم انكم تستطيعون بطابورين ان تخترقوا بلاد نجد من الشمال إلى الجنوب، ونحن نقول: ان سنقصر لكم الطريق إن شاء الله (19) .
وكان الجواب المقصود بتقصير المسافة هو الاستيلاء على الأحساء وطرد الحامية العثمانية، والتي تقدرها بعض المصادر بألف ومائتين من الجنود النظاميين، ولم يجردهم من أسلحتهم الشخصية احتراماً وتقديراً لشرفهم العسكري وحرصه حتى في مثل هذه الظروف على البقاء على احترام الدولة التي ينتمي إليها هؤلاء الجنود, وأمنهم بوسائط النقل البري من الأحساء الى ميناء العقير ووسائط النقل البحري من العقير إلى البحرين، حيث اختاروا ان يكون انطلاقة عودتهم الى البصرة أقرب ولاية عثمانية لهم.
لن أدخل في تفاصيل الطريقة التي تم بها الاستيلاء على الأحساء ولا ردة الفعل الأولى لتلك الحامية التي حاولت ْ وبمساعدة البعض ْ الرجوع إلى العقير في محاولة الاستيلاء عليه كخطوة أولى لاستعادة سيطرتها على الأحساء, وقد فشلت تلك المحاولة فشلاً ذريعاً، وكان عبدالعزيز كريماً كعادته مع خصومه اذا تمكن منهم فإنه لا يؤذيهم ولا يذلهم، بل يبالغ في اكرامهم فأكرمهم مرة أخرى بتسهيل عودتهم الى حيث أتوا، ثم ذهابهم الأبدي من الجزيرة العربية وهم ربما يحملون كامل التقدير لكرم عبدالعزيز اذا ما قارنوا أنفسهم بما حدث لرفاقهم في مناطق أخرى من الجزيرة العربية من الذل والهوان على أيدي من كانوا يتظاهرون لهم بالصداقة والأخوة الاسلامية.
ولكني سأحاول أن أركز فيما تبقى من وقت على رد الفعل الرسمي للدولة العثمانية لاستيلاء الملك عبدالعزيز على الاحساء، وهذه النقطة هي المحور الرئيسي لهذه الورقة لكن يبدو ان ما وجدته ضروريً لتوضيح الخلفيات التاريخية لهذا الحدث الذي لم تكن أبعاده واضحة لدى البعض منا قد أخذت مني مساحة كبيرة أخشى ان تكون على حساب ما كنت أريد توضيحه في هذا البحث وفي هذا اللقاء, وإن لم يسعفني الوقت باكمال قراءة تفاصيل هذا المحور وتقديمها الآن فالأمل ان تروه مكتوباً في شكله النهائي فيما ستقوم الجمعية بنشره قريباً في كتابها السنوي أو حوليتها التي أرجو أن نرى صدورها قريباً, هذا بالاضافة إلى أن وثائق ملف الملك عبدالعزيز وما احتوى عليه من اتفاقيات وقعت بينه وبين الدولة العثمانية بكامل نصوصها ومسوداتها في طريقها إلى النشر لتكون مصدراً من مصادر تاريخ هذه الفترة المهمة والحرجة في تاريخ جزيرتنا العربية.
فوجئت الدولة العثمانية بهذه الخطوة الجريئة والسريعة من قبل عبدالعزيز، واختلفت وجهات نظر ساستها في طريقة التعامل مع هذا الحدث الذي سيؤثر في وضعها ومكانتها وسيادتها على ما تبقى من نفوذها في الجزيرة العربية، وربما امتد تأثيره إلى مناطق نفوذها خارج الجزيرة العربية.
فلقد كانت الدولة تواجه مشكلات في مناطق مختلفة في الأجزاء التي مازالت تحكم عليها سيطرتها في الجزيرة العربية في اليمن وفي الحجاز وفي عسير سراتها وتهامتها لكن لم تصل مواقف معارضي وجودهم في تلك المناطق مع شدة بعضها إلى الدرجة التي أقدم عليها الملك عبدالعزيز وهو الاجتثاث الكامل للوجود العثماني في منطقة الأحساء، ولكن بطريقة حضارية إذ لم تذكر المصادر انه أريق فيها قطرة دم لجندي عثماني.
كان رد الفعل المبدئي لدى الدولة العثمانية من استيلاء الملك عبدالعزيز على الأحساء هو استعادة ما استولى عليه بالقوة واصدرت أوامرها الفورية بتشكيل قوة عسكرية لهذا الغرض واختيار سليمان شفيق كمالي باشا قائداً لهذه القوة، بل اصدرت أوامرها بتعيينه اضافة إلى قيادة الجيش المكلف باستعادة الأحساء والياً للبصرة منطقة انطلاقة هذه القوة, واختيار سليمان باشا لم يأت عبثاً، بل اختير لميزاته وما اكتسبه من مهارات في الحرب والسياسة اكتسب معظم مهاراته في جزيرة العرب حتى أصبح أكثر العثمانيين خبرة في شؤون جزيرة العرب وكان آخر المناصب التي تولاها متصرفاً وقائداً لمتصرفية عسير ودوره البارز في التصدي لتمرد الإدريسي والقضاء على الحركات المناوئة للدولة في تلك المنطقة المهمة لأمن الحجاز واليمن والبحر الأحمر، وعُرف سليمان باشا بالشجاعة والمعرفة والحنكة السياسية والشجاعة في الرأي دون مواربة للحفاظ على مركز أو تحقيق مجد شخصي بل كان من أكثر رجال الدولة اخلاصاً لدولته، وظل كذلك إلى ان لفظت الدولة العثمانية انفاسها، وقد أنهى حياته السياسية في الجزيرة العربية ومع الملك عبدالعزيز حيث ربطت احداث الأحساء وما تلاها من أحداث بين الشخصيتين صداقة قوية واعجاب متبادل.
كانت معظم الأوساط الرسمية العثمانية تؤيد استعادة الأحساء بالقوة دونما تفكير في الظروف الصعبة التي تواجهها الدولة في أكثر من جبهة، والمخاطر التي قد تواجه قواتها في متاهات صحاري نجد.
وكان أكثر المتحمسين لتوجه الدولة في هذا الاتجاه، بل المحرضين لها متصرف الأحساء المطرود نديم باشا، الذي كتب تقريراً مطولاً في أكثر من عشرين صفحة للصدارة ووزارة الدفاع والداخلية يوضح لها سهولة استعادة الأحساء راسماً الخطط محدداً المواقع ومعابر الطرق وموارد المياه والمسافات شارحاً الموقف الشعبي في كل من مدن وموانئ المنطقة التي أصبحت تحت قبضة الملك عبدالعزيز، محدداً الأشخاص من أعيان الأحساء الذين اتهمهم بتسهيل مهمة دخول الملك عبدالعزيز للمدينة وبقية المدن ومبيناً القوى المعادية للملك عبدالعزيز الذي يمكن توظيفهم لتسهيل مهمة الحملة (20) .
وفي الوقت نفسه وللاتجاه نفسه نحو استعادة الأحساء بالقوة قامت الدولة ·أي الحكومة المركزية في استانبول ، ومن خلال الشخصيتين البارزتين القابضتين على زمام الأمور بكاملها وزير الداخلية طلعت باشا ووزير الحربية أنور باشا اللذين اضطلعا بالتعامل مع مسألة استعادة نجد أو بالتعامل مع المسألة النجدية بشكل يظهرهما وكأن لا شيء يشغلهما في امبراطوريتهما الواسعة سوى هذه المسألة بالإبراق إلى كل من والي بغداد جاويد باشا ووالي الحجاز وغيرهما من المسؤولين الرسميين من دوائر الاستخبارات في وزارتي الداخلية والدفاع في استطلاع كل الوسائل في كيفية التعامل مع هذه القضية (21) .
كان جل اهتمام هذه الدوائر المختلفة هو تحريض القوى المعارضة للملك عبدالعزيز ونشر الدعاية المضادة له وتقديم كل دعم لكل من يرون انه قادر على الوقوف إلى جانب الدولة ضد عبدالعزيز.
وكان أول المستجيبين ابن رشيد أمير حائل، وكان هذا الأمير ما زال قاصراً وتحت كنف أخواله آل السبهان وحمايتهم, واشاعت الأوساط المعادية للملك عبدالعزيز بأنه وكردة فعل لموقف الدولة منه وحشدها للقضاء عليه قد استعد هو بدوره لمواجهتها، ولكن ليس في الأحساء، بل في البصرة نفسها التي هدد بالاستيلاء عليها وتخليصها من تهديدات القبائل المحيطة بها.
وتفيد تلك المصادر ان عبدالعزيز قام بالتلويح بغزو البصرة كردة فعل على استدعاء الدولة لابن رشيد إلى أطراف البصرة للمشاركة في حملة استعادة الأحساء (22) .
لم يكن وقع أو تأثير استيلاء الملك عبدالعزيز على الأحساء أو تأثيره يثير غضب الدولة العثمانية لوحدها بل أثار غضب الكثير ان لم يكن مخاوفهم من استفحال سطوة عبدالعزيز الذي اعتقد بعضهم بأنه أصبح يهدد نفوذهم إن لم يكن وجودهم بشكل أكثر وضوحاً, وهذه مخاوف اعتقدها بعض الزعماء المحليين وهي غير صحيحة، ولكنها شكلت مواقفهم فجاءت منسجمة مع مواقف المتشددين من الرسميين العثمانيين، ومن الاعداء الحقيقيين لعبدالعزيز, فكانت أكثر ايلاماً لعبدالعزيز اذ جاءت تلك المواقف ممن كان يعتبرهم أقرب الناس إليه، وكانت له مواقف مشرفة معهم حيث وقف معهم كثيراً في مواقف صعبة وفي ظروف صعبة كان يمر بها أثناء حروبه المتواصلة لتوحيد أجزاء بلاده.
موقف سليمان باشا من القضية:
وصل سليمان شفيق باشا إلى البصرة في مطلع شهر شباط سنة 1329 رومي ومعه عدد من الطوابير المكلفة بمهمة استعادة الأحساء وبعد وصوله إلى البصرة وجدها في حالة غليان وعدم استقرار وأهلها في خوف من هجمات القبائل المحيطة بها، خصوصا المنتفك والظفير وقدوم ابن رشيد بقبائله شمر إلى مقربة من ضواحي البصرة بحجة المشاركة في الحملة المعدة ضد ابن سعود, ومن هنا بدأت مبادرات الوالي سليمان باشا العاجلة التي تستدعي الحيلولة بين المدينة وتهديدات القبائل وتهدئة الأوضاع في المدينة واعادة ثقة أهلها في حماية الدولة لهم, وأمام هذه التحديات وقلة الجنود الذين أحضرهم معه وقلة ما وجده منهم أمامه وقلة ما يوجد من قوة كان يتوقع وصولها من ولاية بغداد, اهتدى وهو الرجل الحكيم وصاحب القرار الشجاع إلى الابراق إلى الدولة بأن أسلم وأحسن وسيلة لحل مسألة نجد وابن سعود هو الحل السلمي (23) , والدخول مع ابن سعود في مفاوضات تحفظ للدولة كرامتها وتجنب المنطقة الدخول في حروب طويلة تسفك فيها دماء المسلمين وربما تقود إلى تدخل من جانب بريطانيا فتستولي على الاحساء، وطلب من الدولة ان الحكمة تستدعي ان تستقطب ابن سعود إلى جانبها بدلاً من أن تخسره وتخسر الأرض اذا مدت بريطانيا إليها يدها وهي والدولة لا تملك القوة الكافية لصدها.
استحسن طلعت وأنور باشا هذا الرأي وللتاريخ وللحقيقة التي تفرض علينا الأمانة التاريخية أن نشير إليها هي تلك المبادرة التي تقدم بها طالب النقيب في هذا الخصوص مدعماً وجهة نظر الوالي والوالي يدعم وجهة نظر النقيب وتعهد طالب النقيب بأنه سيقوم بدور الوسيط في المباحثات مع ابن سعود للتوصل معه إلى حلول مرضية للدولة وغير مضرة لعبدالعزيز.
أما الخطوة الجريئة الأخرى التي قام بها سليمان باشا وفيها ما فيها من مجازفة والمتمثلة في خروجه لمقابلة ابن رشيد في معسكره في مكان يقال له ابو الغار وهو غير بعيد من البصرة ليقنعه ومن معه من القبائل التي التقت حوله بان لا حاجة لخدماتهم وان الدولة كفيلة بالتعامل مع قضاياها وان عليهم العودة إلى ديارهم واحتياطياً لما قد يحدث لسليمان باشا نتيجة لرد الفعل لدى ابن رشيد الذي علم بأن الدولة سائرة في التفاهم مع ابن سعود وهذا بطبيعة الحال الأمل الذي لا يريده، فقدكتب الوالي سليمان بخط يده قبل خروجه لمقابلة ابن رشيد خطاباً يعلن فيه تنازله عن منصبه أو استقالته وانه لا يمثل الدولة وذلك فيما لو قبض عليه ابن رشيد وأخذه رهينة ليساوم عليه الدولة اذا لم تستجب لمطالبه، وترك ذلك الخطاب لدى وكيله في البصرة (24) .
نجح سليمان باشا في مهمته لدى ابن رشيد وقدم تقريراً مفصلاً عن ذلك اللقاء كشف فيه ضعف شخصية الأمير الطفل ابن رشيد الذي وصفه بانه مجرد دمية في أيدي اخواله آل السبهان (25)
وبتاريخ 16 جمادى الآخرة 1332هْ الموافق 19 نيسان 1330 رومي، صاغ وكيل وزارة الداخلية مذكرة رفع بها إلى الصدارة العظمى تضمنت الموافقة النهائية من قبل ناظري الداخلية والحرب على وضع الآلية في حل المسألة النجدية بالطرق السلمية ووجه بذلك برقية إلى كل من والي بغداد جاويد باشا ووالي البصرة سليمان باشا.
وقد قام والي بغداد بتكليف بهاء بك وهو أحد أركان الولاية بالذهاب إلى البصرة لوضع التصورات اللازمة والأرضية المناسبة لبدء الاتصالات مع ابن سعود، كما بعث وزير الحربية أنور باشا البكباشي فوزي بك وهو من الأركان العاملة في الوزارة للمشاركة في المباحثات.
اقترح فوزي بك ضرورة اشراك طالب النقيب في المباحثات مع الملك عبدالعزيز لما وجده فيه من حكمة ومقدرة ولسابق خبرته في الشؤون السياسية للمنطقة وكمتصرف سابق للأحساء واخلاصه للدولة, كما اقترح أن يكون سليمان باشا على اطلاع باشراك طالب النقيب اذ أنه مع تقدير سليمان باشا لحنكة طالب النقيب واخلاصه وذكائه إلا انه كانت له فيما يبدو بعض التحفظات في بداية الأمر، ونتيجة لهذا كان من ضمن تعليمات وزارة الداخلية ·ألا يترك الأمر كلية لتقدير طالب بك .
وافقت وزارة الداخلية على تشكيل وفد المباحثات مع الملك عبدالعزيز على النحو التالي:
1ْ طالب النقيب رئيساً.
2ْ بهاء بك عضواً.
3ْ فوزي بك عضواً.
4ْ سامي بك ·متصرف نجد المقيم في البصرة عضواً.
وتتم المباحثات تحت الاشراف المباشر لسليمان باشا, أما القواعد أو المرتكزات التي يبنى عليها الاتفاق فهي كما يلي:
1ْ حل الخلاف سلمياً.
تحقيق الوحدة الاسلامية.
3ْ الحفاظ على الوحدة العثمانية.
4ْ عدم سفك دماء المسلمين.
وضع طالب النقيب تصوراً كاملاً لما يتم التباحث حوله وتمت الموافقة على ذلك التصور من قبل الحكومة في استانبول.
ولعدم تضييع الفرصة في بدء المباحثات فوراً فقد اشار طالب النقيب على سليمان باشا بأنه في الوقت الذي يذهب فيه لمقابلة ابن رشيد يذهب هو مع لجنة المباحثات لمقابلة ابن سعود.
وفي برقية سرية وسريعة وبالشيفرة ارسلها والي بغداد جاويد باشا إلى وزير الداخلية بتاريخ 22 نيسان 1330 رومي اشار فيها الى تحرك الهيئة المكلفة للمباحثات مع ابن سعود الى الكويت، وذلك بتاريخ 19 نيسان 1330, ومن الكويت الى الصبيحية مكان اقامة ابن سعود، وهي تبعد عن الكويت بما يتراوح بين 6 و 7 ساعات, وورد في البرقية ان الهيئة التقت بابن سعود الذي أعلن في بداية اللقاء عن امتعاضه من معاملة الدولة السيئة له, وأصر قبل بدء المحادثات على اطلاعه على ما تم بين الوالي سليمان باشا والي البصرة ممثلاً للدولة وبين ابن رشيد وقد طمأنته الهيئة بأنه لم تتم أي مباحثات مع ابن رشيد, يمكن أن تلحق به أي أذى.
قدمت الهيئة العثمانية مشروعها التفاوضي مع عبدالعزيز، وهو المشروع الذي قدمه طالب النقيب، وشاركه في صياغته فوزي بك تبلور منها صيغة الشروط التي يتفاوضون بموجبها مع ابن سعود.
أما عبدالعزيز فقد قدم برنامجه التفاوضي مكتوباً ومختوماً في الوقت الذي سمع فيه مشروع الهيئة.
وافقت الهيئة على مشروع الملك عبدالعزيز، ورفعت بترجمته في برقية سرية وبالشيفرة إلى الحكومة في استانبول.
حاول الشيخ مبارك ان يكون وسيطاً أو ما هو أكثر من ذلك، كأن يكون راعي المفاوضات بحكم علاقته الحسنة ْ على حد قوله بالطرفين ْ لكن كلاً من الطرفين له تحفظاته على عرض الشيخ مبارك، ولكل طرف على تحفظه مبرراته.
تم التوصل إلى توقيع أول وآخر اتفاقية بين الملك عبدالعزيز والدولة العثمانية، وطلب عبدالعزيز أن تبقى سرية الى حين الموافقة عليها رسمياً من قبل الدولة وموقعة من السلطان وكل أعضاء حكومته.
تمت المصادقة على الاتفاقية رسمياً بتاريخ 4 رجب 1332هْ وكانت الدولة قد وضعت بدائل للتعامل مع عبدالعزيز إذا فشلت المحادثات ، وكان هو السبب في فشلها، ومن تلك البدائل:
1ْ اعلان الحرب عليه رسمياً.
2ْ تأليب القوى المحلية ضده.
3ْ تدعيم خصومه بما فيهم أقرباؤه.
4ْ تحريك القوات العثمانية البحرية والبرية ضده وبمساندة الشيخ مبارك والشيخ خزعل وابن رشيد.
الملاحق
وثيقة رقم(1)
(صورة الإرادة السنية) (26)
لقد قرر مجلس الوكلاء تحويل سنجق نجد الى ولاية، وقرر تعيين الامير عبدالعزيز باشا السعود واليا وقائدا عليها.
وناظر الداخلية مكلف / مأمور بتنفيذ هذه الارادة السنية.
في 15 شعبان سنة 332/في 26 حزيران 330.
محمد رشاد
1ْ ناظر الداخلية طلعت.
2ْ ناظر الحربية ووكيل ناظر البحرية أنور
3ْ شيخ الاسلام وناظر الاوقاف السلطانية، خيري.
4ْ ناظر الزراعة والتجارة، سليمان البستاني.
5ْ ناظر النافعة، محمود.
6ْ ناظر المالية، جاويد بك ·لم يحضر .
7ْ الصدر الاعظم وناظر الخارجية، محمد سعيد.
8ْ ناظر البوسطة والتلغراف والتليفون.
مطابق للاصل.
28 تموز سنة 330.
وثيقة رقم(2)
لقد تم التصديق والتنسيب من مجلس الوزراء، الوكلاء على المندرجات للاتفاقية المعقودة في الخصوصيات التالية، يُعين الامير عبدالعزيز باشا ابن السعود واليا على ولاية نجد وقيادتها، ويوافق على طلبه عند اللزوم لتشكيل عساكر محلية، وتقوية العساكر النظامية التي ستقيم في المواقع الساحلية هي وقوات الدرك عند اللزوم، ويوافق على انتخاب واختيار علماء الشرع من العلماء المحليين ويصدق على ذلك من طرف باب المشيخة، وله الصلاحية في داخل نطاق الولاية وقيادتها في عزل وتعيين وتبديل كافة الموظفين, وفقا للفرمان العالي الذي سيصدر فان الولاية المذكورة تكون لاولاد واحفاد السعود وفقا للفرمان والاحكام العمومية التي تتقرر فيما بين الامير المشار اليه وولاية البصرة، وتظل هذه الولاية لدى المذكور طالما هو على قيد الحياة، ثم تُنقل وفقا للامر الهمايوني الذي يصدر الى اولاده واحفاده,, وسوف يتواجد في معيته متخصص عسكري من طرف الحكومة السنية لكي يكون في معية القيادة، ويُقيم مقدار من العساكر النظامية والجندرمة في المواقع الساحلية, وتجري المعاملات في الجمارك ورسومها والفنارات والموانىء وفقا للحقوق الموضوعة بين الدول، وتسري القوانين العثمانية وفقا لذلك وتوضع ولاية نجد تحت ادارته، وحتى تصل الواردات والمصروفات في الولاية المذكورة الى درجة الكفاية، فاذا ما كان هناك عجز في الميزانية، فيتم تغطيته بعد الاتصال من واردات الجمرك والبوسطة والتلغراف, وبعد ان تتم التغطية فان اذا ما زادت واردات الجمرك والتلغراف والواردات الاخرى للنظارات المختلفة عن المصاريف المحلية فيرسل نسبة 10% على بيت مال المسلمين, ويرفع العلم العثماني على كافة المباني الرسمية والمواقع اللازمة لولاية نجد، وعلى سفنها وفوق مباني الموانىء, وتقرر ان تتم الاتصالات مع نظارة الحربية لتأمين اي زيادة مطلوبة في الاسلحة والمهمات العسكرية الحربية، ولن يكون للولاية اية صلاحية او حق في الاتصال بالحكومات الاجنبية، او اجراء مباحثات سياسية او عقد معاهدات او منح امتيازات للاجانب, ويتم الاتصال بين الولاية والقيادة من ناحية ونظارة الداخلية والحربية في كافة الشؤون من ناحية اخرى بدون اي وساطة, وتستخدم في مراكز البريد التي ستشكل داخل ولاية نجد الطوابع العثمانية، واذا لا قدر الله وقعت حرب بين الدولة او قامت ثورات داخلية داخل الممالك العثمانية فعلى الولاية اعداد قوات عسكرية بكافة لوازمها وارزاقها ووضعها تحت تصرف وامر الحكومة السنية, وقد تم التصديق على كل ما سبق، وهيئة الوكلاء هي الجهة المخول لها تنفيذ هذه الارادة السنية (27) , .
في 15 شعبان سنة 332
و 25 حزيران سنة 33.
السلطان محمد رشاد
ناظر العدلية ووكيل رئيس مجلس شورى الدولة، ابراهيم.
ناظر الداخلية، طلعت.
ناظر الحربية ووكيل ناظر البحرية، انور.
شيخ الاسلام وناظر الاوقاف الهمايوني، صبري.
الصدر الأعظم وناظر الخارجية، محمد سعيد.
ناظر البوسطة والتلغراف والتليفون، اوسفان.
ناظر المعارف، احمد شكري.
ناظر الزراعة والتجارة، سليمان البستاني.
ناظر النافعة، محمود.
ناظر المالية، جاويد.
مطابق للاصل,.
28 تموز 330.
وثيقة رقم (3)
الشيفرة القادمة من ولاية البصرة (28)
ان الهيئة التي ذهبت للتباحث مع ابن سعود قد عادت اليوم بعناية الله وتوفيقه، ولقد وفقوا في نتيجة مساعيهم التي بذلوها بمنتهى الصدق,, واذا لم يكن هناك احتمال بانهم قد اقنعوا ابن سعود باتفاق هو اكثر توفيقا من الاتفاق الاساسي إلا أن المثبت والمحقق بالتجارب العديدة ان مساعيهم التي وصلوا فيها الى هذه الدرجة من التوفيق تستحق النظر اليها بعين الاهمية,, وبالرغم من ان احوال واطوار ابن الرشيد الذي اغرقته الحكومة السنية باحسانها ونعمها منذ امد بعيد معروفة ومعلومة,, فان اوضاع ابن سعود هذه تستحق التحسين,, وان هذا الاتفاق الذي تم,, والذي ان شاءت الحكومة السنية ان تصدق عليه او لا تصدق ْ حسب رأي ابن سعود ْ فانه يجب ان يظل سريا للغاية في طي الكتمان، وان ابن السعود شخصيا هو الذي اشعر عبدكم بذلك لان الرؤساء العرب سواء في العراق او في الجزيرة لا يرغبون على الاطلاق في ان يكون هو على وفاق مع الحكومة، وحتى مهما كانت رغبتهم هذه مشكوكا فيها فان الانجليز بدورهم لا يرغبون ذلك على الاطلاق,, وان المشار اليه قد فهم ذلك من ايهامات القنصل الانجليزي ,, والحقيقة ايضا هي كذلك,, فان الماهية الشخصية لابن سعود، وشهرة عائلته، والاوضاع العامة في نجد كلها امور مهمة، وبقدر الفائدة المرجوة من وجود ابن سعود في ايدينا وعلى اتفاق معنا، فالعكس ايضا بنفس الدرجة مقرر ومتوقع,, وبناء عليه فالمعروض هو ان يوضع ما جاء في التقرير الملحق الذي اعدته اللجنة، وما جاء في صورة الاتفاق، والعروض التي تقدم بها ابن سعود الى النظارة الجليلة، وبدون اضاعة اي دقيقة، في الاعتبار، وان يتم الاسراع في سرعة ارسال وتسليم الامر الهمايوني والارادة السنية التي تحتوي على بنود الاتفاق الذي تم الوصول اليه الى البريد في اسرع وقت، لأن في المكالمة الثانية ستكون ايدي السوء قد باشرت نشاطها، وغير الراضين عن هذا الاتفاق قد وجدوا الفرصة لافساد هذه الفرحة، والوصول الى مثل هذه النتيجة مرة اخرى في حين عدم الامكان, ولهذا فلابد من الموافقة بدون تردد,, وانا استرحم ذلك باسم منفعة الامة والدولة,, ومن المصلحة العامة ان يظل هذا الاتفاق في طي الكتمان والسرية حتى يصل الفرمان السلطاني الى هذه النتيجة مهنئا لها ولرئيسها ولكل الاعضاء على هذا الجهد الذي بذلوه باسم وزارتنا المحترمة، وان هذا التوفيق هو اثر لطالعها الحسن.
والي البصرة
سليمان شفيق
في 23 نيسان عام 330
وثيقة رقم (4)
إلى حضرة صاحب الدولة عبدالعزيز باشا السعود والي ولاية نجد
تاريخ التبييض 31 اغسطس سنة 330
رداً على التحريرات المؤرخة في 14 حزيران تحت رقم 214 لقد تم تحويل سنجق نجد الى ولاية، وتم تعيين حضرة عبدالعزيز باشا السعود واليا وقائدا لها، وقد تم ربط الاتفاق الذي تم فيما بين ذاته العلية وبين والي البصرة سليمان شفيق باشا وفقا لاحكام القانون المؤقت, ذلك الاتفاق الذي تم في رجب سنة 332 و15 مايو سنة 330, ولقد صدرت التعليمات لارسال صورة من هذا الاتفاق نحو صوبه العالي,, كما تم التبليغ بالصورة والكيفية التي ستودع بها الولاية المذكورة الى عهدة الباشا المشار اليه.
وثيقة رقم (5)
صورة الإرادة السنية
المادة الأولى:
ان هيئة الوكلاء مرخص لها تحويل سنجق نجد الى ولاية، وتعيين حضرة عبدالعزيز باشا السعود والياً عليها، وقائداً,, والتصديق على احكام الاتفاقية المعقودة في 4 رجب سنة 332/ و15 ابريل سنة 330 والمبرمة بين المشار اليه وبين سليمان باشا شفيق والي البصرة وقائدها.
المادة الثانية:
ان هذا القانون ساري المفعول من تاريخ نشره.
ان مجلس العموم في انعقاده، قد وضع لائحة هذا القانون المؤقت موقعاً مرعياً حتى يتم عرض قانونه الاساسي, وقد اصدرت الادارة اضافته الى قوانين الدولة.
9 شوال سنة 332هْ/ 28 اغسطس سنة 330.
محمد رشاد ·السلطان
ناظر الداخلية، طلعت.
ناظر الحربية، انور.
ناظر النافعة، محمود.
شيخ الإسلام وناظر الأوقاف الهمايونية، خيري.
ناظر المالية، جاويد.
الصدر الأعظم وناظر الخارجية، محمد سعيد.
ناظر البحرية، احمد جمال.
ناظر العدلية ووكيل رئيس مجلس شورى الدولة، ابراهيم.
ناظر البوسطة والتليفون والتلغراف، اوستان.
ناظر المعارف، احمد شكري.
ناظر التجارة والزراعة، سليمان البستاني.
في 30 اغسطس سنة 330.
مطابق للاصل.
نظارة الداخلية مكلفة بالتنفيذ من تاريخ الكتابة اليها في 30 اغسطس سنة 330.
وثيقة رقم (6)
إلى نظارة الداخلية
(فيما يتعلق بتحويل سنجق نجد إلى ولاية وتعيين حضرة عبدالعزيز باشا السعود على قيادتها ملفوف 2)
حضرة سيدي صاحب الدولة:
رداً على مذكرة دولتكم المؤرخة في 28 تموزسنة 330 ورقم مخصوص 960، انه بتحويل سنجق نجد إلى ولاية وتعيين حضرة عبدالعزيز باشا السعود في قيادتها ووالياً عليها، وقرار مجلس الوكلاء الخاص بالتصديق على أحكام الاتفاقية المعقودة في 4 رجب 332/15 ابريل 330 والمبرمة بين كل من سليمان باشا شفيق والي وقائد البصرة وبين المشار إليه ·عبدالعزيز ,, فإن المجلس العمومي عند انعقاده قد أقر وضع هذا القانون المؤقت موضع التنفيذ حتى يتم اقرار القانون المكلف بهذا الصدد، وإنه بعد الاستئذان قد صدرت الإرادة السنية لحضرة السلطان ولقد تم إرسال صورة مصدقة من هذه الإرادة مع صورة مصدق عليها من الاتفاقية المذكورة إلىمقامكم العالي سيدي.
في 21 شوال سنة 332/30
أغسطس سنة 330.
باسم الصدر الأعظم المستشار أمين
وثيقة رقم (7)
إلى ولاية البصرة الجليلة إلى حضرة صاحب الدولة عبدالعزيز باشا السعود والي ولاية نجد
تاريخ التبييض 31 أغسطس سنة 330
رداً على التحريرات المؤرخة في 14 حزيران تحت رقم 214,, لقد تم تحويل سنجق نجد إلى ولاية، وتم تعيين حضرة عبدالعزيز باشا السعود والياً وقائداً لها، ولقد تم ربط الاتفاق الذي تم فيما بين ذاته العلية وبين والي وقائد البصرة سليمان شفيق باشا وفقاً لأحكام القانون المؤقت ذلك الاتفاق الذي تم في 4 رجب سنة 332 و15 مايو سنة 330, ولقد صدرت التعليمات لارسال صورة مصدقة من هذا الاتفاق نحو صوبه العالي,, كما تم التبليغ بالصورة والكيفية التي ستودع بها الولاية المذكورة في عهدة الباشا المشار إليه.
وثيقة رقم (8)
إلى حضرة صاحب الدولة عبدالعزيز باشا السعود والي ولاية نجد
حضرة سيدي صاحب الدولة:
بتحويل سنجق نجد إلى ولاية، فقد تم تعيين دولتكم لولايتها وقيادتها، وان تصديق أحكام الاتفاقية المؤرخة في 4 رجب سنة 332 و15 ابريل سنة 330، والمعقودة بين ذاتكم العالية وبين سليمان شفيق باشا والي وقائد البصرة السابق، مرتبطة بالقانون المؤقت,, ولقد تم تسيير صورة مصدقة من الاتفاقية المربوطة بينكما لفاً الى صوب معاليكم,, ومع انه قد تم تبليغ ولاية البصرة العالية بالكيفية في هذا الصدد,, إلا أن الأمر والفرمان لحضرة من له الأمر.
في 22 شوال سنة 332/31
أغسطس سنة 332
باسم ناظر الداخلية المستشار
لما كان من اللازم تبليغ هذه المذكرة إلى المشار اليه باللغة العربية فلذلك تم تحويلها الى مديرية ادارة الترجمة في نظارة الخارجية الجليلة لسرعة التفضل بترجمتها فوراً، في 31 أغسطس سنة 330.
تُترجم وفق الصورة المرفقة إلى القلم
ختم ·ترجمت
ختم ·قلم الترجمة
وثيقة رقم (9)
صورة ترجمة البرقية التلغرافية المكتوبة من طرف عبدالعزيز السعود خطاباً إلى نظارة الداخلية والحربية بواسطة ولاية البصرة
لقد تشرفنا بالهيئة المحترمة المشكلة من صاحب العطف نقيب زادة سيد طالب أفندي وبحضرات رئيس أركان حربية بغداد بها، ورئيس أركان حرب البصرة فوزي، ومتصرف فزان السابق سامي بك، وقد قام رئيس هذه الهيئة المحترمة ورفاقه الكرام بدعوتي باسم الدين المحمدي من أجل توحيد المساعي مع الحكومة السنية، وبينوا بكامل الصدق رغبتهم في توحيد الجهد في الوحدة العثمانية والجامعة الاسلامية، وبينوا لمرات عديدة حسن نية الحكومة السنية، وبينوا كذلك المضار المختلفة الناتجة عن الفرقة والحسنات الناتجة عن الوفاق والاتحاد, ولقد تحقق لنا مقاصد الحكومة السنية، والنيات الخالصة للهيئة، وانني أعبر عن انقيادي وطاعتي وخضوعي لأمر الحكومة السنية في حدود ودائرة امكاناتي, وليست لدي امكانية لما هو أكثر من ذلك، ولقد سلمت إلى الرئيس المشار إليه ورقة مختومة بخاتمي لكي تكون دليلاً على حسن مقاصدنا ومآثرنا الاسلامية، وفي حال تحقق البيانات التي قدمت من قبل الجامعة، فانني سوف أقابل ذلك بابراز خدمات عالية بعبودية كاملة لم يعترف بها أي أمير عربي قط، ولسوف اؤيد هذه الدولة بشكل غير متصور، وأقوم وأعمل في سبيل هذه الوحدة الاسلامية ما لم يقم بها أي مسلم قط، ولسوف أكون وكل قومي سيفاً مسلولاً للحكومة السنية في هذه الأفكار وأكون مهيأ لكل ذلك, وفي سبيل الدفاع عن الأمة والخليفة، وفي نطاق ما تتطلبه الحمية، والمروءة الوطنية، فانني موجود ومستعد للتحرك الى أي قطر أو أي مكان من البلاد يراد توجيهي إليه، ولقد كنت استرحمهم في سبيل ان يتوسطوا في توضيح عبوديتي الصادقة للحصول على رضا سيدنا صاحب الخلافة، وعرض عبوديتي واخلاصي لملجئنا وهي الخلافة الاسلامية العظمى,, وإنني لأرجو سرعة الرد أو رداً سريعاً موافقاً لمصلحة المسلمين، وانني لأتوجه إلى جانب الحق متوسلاً، وداعياً، بقلب عبد صادق ، مرتبط بالمتبوع بان تظل هذه الدولة مؤيدة دائماً وان تكون مشيدة الاركان بالعز الدائم وان يلازمها الظفر/ النصر المستمر في كل زمان, وألا يكون هناك أي شك في أن هذا هو مسعانا الأول.
هوامش
(1) أطلقت الدولة العثمانية على الأحساء بعد استيلائها عليه في عام 1288/1271م اسم سنجق نجد او متصرفية نجد.
(2) وثيقة بيعة أهل الأحساء للأمير خالد بن سعود محفوظة في ارشيف رئاسة الوزراء بأستانبول تحت رقم 2431 (مسائل مهمة) الحرمين والوثيقة بتاريخ عشرين ربيع الآخر 1257هْ, ووثيقة بيعة اهل الرياض محفوظة في نفس الارشيف وبتاريخ 25 جمادى الآخرة 1257هْ ، ووثيقة بيعة أهل القطيف محفوظة في الارشيف نفسه وتاريخها 19 ربيع الآخر 1257هْ.
(3) وثيقة بيعة اهل نجد كافة للأمير عبدالله بن ثنيان آل سعود أصل الوثيقة محفوظ في ارشيف رئاسة الوزراء باستانبول تحت رقم 1798 لفة 3 (مسائل مهمة) (يمن) وتاريخ وثيقة البيعة في غرة جمادى الآخرة 1258هْ.
(4) انظر الفرمان السلطاني الصادر من السلطان عبدالمجيد (1839ْ 1861م) الموجه للأمير فيصل بن تركي متضمنا الاعتراف للأمير فيصل بإمارته على نجد والمؤرخ في اوائل ربيع الآخر 1264هْ الموافق لشهر مارس 1847م المثبت في دفتر المراسيم السلطانية (ناميهمايون) رقم 12 ص ص 23ْ34.
(5) رسالة من نامق باشا والي بغداد إلى الامام فيصل بن تركي يوضح فيها ثقة الدولة العثمانية في الدولة السعودية وحفاظها على امن واستقرار الخليج وثيقة رقم 33329 لفة 3 (داخلية) بتاريخ 16 ذي القعدة 1278هْ، محفوظة في ارشيف رئاسة الوزراء باستانبول.
(6) التي سأقوم بنشرها ضمن وثائق الحملة كاملة على الاحساء التي اصبحت جاهزة للنشر وسترى النور قريبا.
(7) وكذلك المنشورات التي وزعتها قيادة الحملة على المواطنين منها المطبوع ومنها المخطوط وهي منشورات مفصلة كتبت باللغة العربية لم تنشر محفوظة اصولها في ارشيف رئاسة الوزراء في استانبول.
(8) ولكاتب هذا البحث شرف السبق في الاطلاع على هذا الملف بكامل محتوياته وتصويره والاشراف على ترجمته واعداده للنشر والذي سيكون قريبا ان شاء الله.
(9) حول ما حدث من المواجهة الاولى بين الدولة العثمانية والملك عبدالعزيز انظر بحثنا المنشور في جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 4/2/1999م العد 7373 بعنوان: علاقة الملك عبدالعزيز بالدولة العثمانية المواجهة الاولى كانت في القصيم.
(10) المصدر نفسه .
(11) وثيقة رقم 1667 داخلية مجلس مخصوص بتاريخ 21 ذي الحجة 1286هْ، ارشيف رئاسة الوزراء، استانبول.
(12) وثيقة رقم 44230 (إرادة داخلية) بتاريخ 10 تموز 1287 رومي، ارشيف رئاسة الوزراء، استانبول.
(13) وثيقة رقم 1667 داخلية مجلس مخصوص بتاريخ 10 مارس 1287 رومي، أرشيف رئاسة الوزراء، استانبول.
(14) وثيقة رقم 44583 (إرادة داخلية) بتاريخ 27 شعبان 1288هْ أرشيف رئاسة الوزراء، استانبول.
(15) وثيقة رقم 1667 داخلية مجلس مخصوص تاريخ 21 ذي الحجة 1286هْ، أرشيف رئاسة الوزراء، استانبول.
(16) وثيقة رقم 2021 (داخلية مجلس مخصوص) بتاريخ 18 رمضان 1290هْ، أرشيف رئاسة الوزراء، استانبول.
(17) انظر المنشور الذي وزعته قيادة الحملة على المواطنين، ووثيقة من مشايخ القبائل يبدو انها من صنع قادة الحملة ينادون فيها بحكم الامراء ابناء الإمام فيصل.
(18) انظر عبدالرحمن بن عثمان آل ملا ، تاريخ هجر جْ2 ص 334 وما بعدها لمعرفة الأحوال غير المستقرة في المنطقة، مطابع الجواد بالأحساء ط 2/ 1411/1991م.
(19) مقبل الذكير ، مطالع السعود في تاريخ نجد وآل سعود مخطوط، ورقه (190)، نسخة مصورة من الأصل المختلف على مكان حفظها.
(20) تقرير مفصل قدمه نديم باشا متصرف الأحساء سابقا بتاريخ 16 شوال سنة 1331هْ، 6 أيلول سنة 1329 رومي، 113/25 DH. Sys. ارشيف رئاسة الوزراء، استانبول.
(21) ستظهر الوثائق المعدة للنشر كافة التفاصيل لكل ما طرح من آراء في كيفية استعادة الأحساء والتعامل مع الملك عبدالعزيز حيال هذه القضية وغيرها من القضايا المتعلقة بمجمل علاقته بالدولة العثمانية.
(22) شيفرة سرية مبرقة من سليمان باشا والي البصرة الى وزير او ناظر الداخلية طاعت باشا بتاريخ 13 نيسان 1330 رومي محفوظة في ارشيف رئاسة الوزراء باستانبول تحت رقم DH. KMS 2/2/2.
(23) المصدر نفسه.
(24) المصدر نفسه.
(25) المصدر نفسه.
(26) نص الإرادة السلطانية موقعة من قبل السلطان محمد رشاد بتحويل سنجق نجد الى ولاية وتثبيت الملك عبدالعزيز والياً وقائداً عليها، وتحمل الوثيقة تواقيع أعضاء الحكومة العثمانية عليها.
(27) محضر بنص الاتفاق بين الدولة العثمانية والملك عبدالعزيز موقعا من كافة اعضاء الحكومة العثمانية.
(28) البرقية الشفرية السرية التي بعث بها سليمان شفيق بن كمال باشا والي البصرة الى وزير الداخلية طلعت باشا يخبره بتوقيع الاتفاقية بين الدولة وبين الملك عبدالعزيز ويطلب موافقة الدولة بالتصديق عليها.
|
|
|
|
|