| الثقافية
* بريدة ْ سعد المحارب:
استضاف نادي القصيم الأدبي ببريدة ضمن نشاطه المنبري في الأسبوع الماضي الاستاذ الدكتور محمد بن سعد بن حسين استاذ الدراسات العليا في كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض في محاضرة بعنوان ·الملحمة في الشعر العربي .
وقد بدأ ابن حسين محاضرته بتعريف الملحمة عند الغرب فهم يعرفونها بأنها عمل شعري يقوم على حشد من الاساطير والخرافات والخوارق التي تروي بطولات غير عادية لأبطال غير عاديين يكونون من البشر او الشياطين والجن والآلهة، او هي مجتمعة يخوضون فيها معارك طاحنة تقوم على جوانبها احداث أخرى من جنسها او مشبهة لها وقد تكون مغايرة لها, فهي سجل لتأريخ هذه الأمة وأحداث حياتها ومجتمعها,ومحور الأحداث في الملحمة بطل غير عادي يبرز في الأمة حين تستحكم أزماتها ويشتد الصراع فيها فيجيء هذا البطل المخلص ليدير الأحداث ويوجهها في صالحها, وقد يسخر هذا البطل بعض القوى المستترة من الجن والشياطين والقوى الكونية والطبيعية لصالح قضيته,وبعد أن ذكر مفهومها وخصائصها عند الآشوريين والبابليين واليونان وغيرهم من الأمم الوثنية أكد ان الملحمة عند المسلمين يجب ان تكون خلواً من جميع الأباطيل والخرافات، فنحن غير ملزمين في فنوننا وآدابنا بتقاليد الآخرين في آدابهم خاصة اذا جاءت مخالفة لمفاهيم ديننا السماوي المقدس, ثم قدم المحاضر بعد ذلك خلفية تاريخية عن فن الملحمة ورأى ان اقدم ما اثر من الملاحم في آداب العالم ملحمة ·جلجامش البابلية ثم ملحمة ·الالياذة لهوميروس ثم كانت ·الانبادة عند الرومان و·المهابهراتا عند الهنود و·الشهنامة عند الفرس ثم الملاحم الغربية المتأخرة مثل ·الكوميديا الإلهية لدانتي و·الفردوس المفقود ,وانتقل بعد ذلك للحديث عن الملحمة عند العرب, وبدأ بطرح سؤال مهم وهو هل عرف العرب القدامى فن الملحمة؟
وكانت اجابته بالنفي على الرغم من أن المطولات في الشعر العربي كقصائد عنترة وعمرو بن كلثوم والحارث بن حلزة وغيرهم من شعراء العربية تشتمل على كثير من مقومات الملحمة لكننا لا يمكن ان نعدها كذلك لان العرب لم يعرفوا عن هذا الفن شيئاً ولم يفكروا فيه لا لأنهم يعتدون بفنهم ويرونه أرقى مما لدى الآخرين وحسب وإنما أيضاً لأنهم لم يفكروا أصلاً في شيء من هذا, وحين عرفوه في العصر العباسي صرفهم عنه مافيه من وثنية تخالف عقلية التوحيد,أخذ بعد ذلك يتحدث عن الملحمة في العصر الحديث الذي أخذ فيه الباحثون والمبدعون يقبلون على أسباب التجديد يطلبونها في كل اتجاه ومن كل وافد ومن هذا طلبهم فن الملحمة، وقد وجدوا في ترجمة سليمان البستاني لالياذة هوميروس وفي المقدمة التي صدر بها هذه الترجمة ما يقدم لهم صورة واضحة عن هذا الفن.
وذكر المحاضر ان من الباحثين من يعد ان الملحمة في الأدب العربي الحديث بدأت على هيئة مطولات تتحدث عن التاريخ الإسلامي، وكان في الطليعة منها ·كشف الغمة في مدح سيد الأمة للبارودي و·أمير الأنبياء لعامر بحيري، و·السموات السبع لكامل أمين و·المعلقة الإسلامية لليعربي محمد توفيق، ومن ذلك همزية شوقي وأرجوزته ·دول العرب وعظماء الإسلام .
أما عن أهم الملاحم في هذا العصر فيرى المحاضر أن أجود مايصدق عليه التعريف الملحمي ملحمتان كلتاهما في سيرة الملك عبدالعزيز ْ رحمه الله ْ الأولى ·بطل الجزيرة لفكتور ملحم البستاني، والثانية ·عيد الرياض لبولس سلامة,أما ديوان ·مجد الإسلام أو ·الالياذة الإسلامية لأحمد محرم فإنها في الذروة من جميع ماعرفناه شكلاً وموضوعاً, وهناك ملحمة للشاعر السعودي محمد إبراهيم جدع بعنوان ·الالياذة الإسلامية الجديدة,وبذلك ختم المحاضر المحاضرة ليفتح المجال بعد ذلك للأسئلة وكان منها:هل تصلح الملحمة لأن تكون ميداناً للأدب الإسلامي؟
وقد أجاب بأنه ما من جنس أدبي إلا وهو صالح لأن يبدع فيه أدب إسلامي شريطة إحكام النسج وجودة التعبير وإشراق الصورة وسمو الفكرة.
|
|
|
|
|