يخاطبني تركي,, مازال صوته في أذني,,قامته,,وجهه,,كلماته,, صوت والده يختلط بصوته,.مات تركي,.الموت حق,.تركي لم يمت,.كانت العيون تراقبه في المقبرة,, كأنه لم يمت,, يده ترتفع مودعة ذلك الحشد,, عيونه تتابع خطواتهم,, التفت يمينا,, ارى قبر والدي عن قرب,, من الجهة نفسها,, ابن العم محمد,, وابنة العم قاسم,, وقبلهم العم عثمان,, أسماء كبيرة وصغيرة دفنت في تلك المقبرة التي ازدحمت بالقبور سريعا,, عند وفاة والدي كانت مساحات شاسعة حول القبر,, بعد سنتين واشهر ضاقت المساحة وبقي القبر بين القبور.تركي بن سليمان الفالح لا يبتعد قبره عن قبر عمه عبدالعزيز,, ياالله,, دموع,, أحزان تتواصل,, لا زمن محدد للحزن,, قالوا,, ان الحزن يكبر ويصغر,, لكن الموت الذي لا يتوقف لا يترك مسافة زمنية للفرح,, اتمنى ان افرح ولو زمنا قليلا,, ابحث عن الفرح ولا أجده,, أحاول الحصول على ابتسامة في زمن يمتلىء بالموت,, يوميا,, يصلني الموت,, عبدالعزيز وعثمان وتركي ومحمد وفاطمة ويوسف ونافل وفهد وعبدالوهاب وأحمد وسعيد وزهران ومصطفى وشلبي وعبداللطيف وعصام,, وغيرهم من الأسماء رجال,, نساء,, أطفال,, اختطفهم الموت,, غادروا المكان والزمان,, هناك من عشت معهم يوميا,, تصافحك وجوههم كل يوم,, يختفون فجأة اليوم التالي,, آخرون تحملهم في قلبك ومنهم تركي يختطفهم الموت يغيبون لكنهم يبقون في الذاكرة,, يعيشون أمامك اصواتهم,, وجوههم,, لا تغيب,, غيرهم من يموت وأنت لم تلتق بهم كثيرا,, إنما الحالة المرضية والعذاب اليومي الذي عاناه يتحول الى انسان قريب منك.الموت يعذبنا,, يخطف أحبابنا,, العزاء لكل من فقد حبيبا,, العزاء لسليمان,, ونايف,, وبندر,, وسلطان,, وأم سلطان,, وأم نايف واخوانهم واخواتهم,, العزاء لنا في موت تركي,, يظل تركي شابا أمامنا,, لا نفتقده,, نضمه بين أيدينا وفي صدورنا,, يبقى قويا,, ذلك الشاب الذي اختطفه المرض والموت,, عانى من المرض وابتسم,, مات مطمئنا,, ينظر الى الأعلى,, علينا ان نتعظ من الموت,, ان تصفو قلوبنا وتنظف,, أمام القبر هناك من يثرثر في أمور دنيوية وكأنه في حفلة فرح,, بدلا من الدعاء,, يطلق عنان لسانه وفمه في احتفالية يطفىء بها الشموع ليشعل أخرى,, افتحوا قلوبكم ونظفوها,, وانظروا الى الغد برؤية مستقبلية معتبرة لما حدث وسيحدث.رحم الله من مات,.ورحمك الله يا تركي.
|