أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 20th March,2000العدد:10035الطبعةالاولـيالأثنين 14 ,ذو الحجة 1420

الركن الخامس

الحج منافع وفضائل
الحج مؤتمر جامع للمسلمين قاطبة، مؤتمر بشري عظيم، يجد فيه المسلمون أصلهم العريق الضارب في أعماق الزمن منذ أبيهم ابراهيم الخليل عليه السلام,
الحج مؤتمر للتعارف والتشاور وتنسيق الخطط وتوحيد القوى وتبادل المنافع المادية الاقتصادية والمعنوية الفكرية والثقافية والاعلامية,
يقول عز وجل في كتابه العزيز )وإذ بوأنا لابراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئاً وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود، وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فجّ عميق، ليشهدوا منافع لهم,,,( الحج/ 26ْ 28,
قال المفسرون رحمهم الله ان الله سبحانه لما أمر بالحج في قوله: )وأذن في الناس بالحج,,,( ذكر حكمة ذلك الأمر بقوله )ليشهدوا منافع لهم,,,(,
واختلف المفسرون في هذه المنافع، إذ حملها بعضهم على منافع الآخرة، وهي العفو والمغفرة، وبعضهم الآخر حملها على منافع الدنيا، وهي التجارة في أرض الحج,
والأولى حملها على الامرين جميعا، يقول ابن الجوزي رحمه الله في تفسيره: والأصح مَنْ حَمَلَها على منافع الدارين جميعا، لأنه لا يكون القصد للتجارة خاصة، وإنما الأصل قصد الحج والتجارة تبع,
ثم ان المنافع التي يشهدها الوافدون الى بيت الله الحرام كثيرة، فهناك المنافع الروحية التي تفيض من جلال المكان وروعته وبركته، وهناك المنافع الاقتصادية المادية اذ يعتبر الحج مؤتمراً اسلامياً لحل مشكلات المسلمين الاقتصادية، كما ان في الحج رواجاً اقتصادياً للمسلمين من خلال توزيع وتبادل وبيع وشراء السلع والخدمات اللازمة إضافة الى منافع البدن والذبائح للفقراء والمساكين والمحتاجين، ومنافع التجارة وكسب المعيشة ايام الحج خاصة,
ولذا، قال عز وجل في محكم كتابه وهو يخاطب سبحانه عباده المؤمنين الحجاج: )ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم,,,( البقرة/ 198,
يذكرالبخاري رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنه سبب نزول هذه الآية من ان ذا المجاز وعكاظ كانتا متجر الناس في الجاهلية، فلما جاء الاسلام، كأنهم كرهوا ذلك، حتى نزلت الآية,
وقد أوضح علماؤنا أنه من الممكن قياس التجارة على سائر المباحات من الطيب والمباشرة والاصطياد في كونها محظورة بالاحرام، فلدفع هذه الشبهة نزلت )ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم(, أي تطلبوا عطاء منه وتفضلاً أو زيادة في الرزق بسبب التجارة والاسترباح منها,
كما ان في الآية اشارة الى ان ما يبتغيه الحاج هو من فضل الله مما يعينه على قضاء حقه ويكون فيه نصيب للمسلمين أو قوة للدّين، فهو محمود، وما يطلبه لاستبقاء حظه أو لما فيه نصيب نفسه، هو معلول,
ثم ان الشبهة كانت حاصلة في حرفة التجارة في الحج من وجوه، فهي: أن الله سبحانه منع الجدال وفي التجارة جدال، وأن التجارة كانت محرمة وقت الحج في دين أهل الجاهلية,
يقول القرطبي رحمه الله في تفسيره: لما أمر الله سبحانه بتنزيه الحج عن الرفث والفسوق والجدال رخّص في التجارة وهي من فضل الله,
ومن رحمته سبحانه أن سمّى اباحة البيع والشراء والكراء في الحج، ابتغاء من فضله، ليشعر من يزاولها أنه يبتغي من فضل الله، حين يتجر، وحين يعمل بأجر وحين يطلب أسباب الرزق,
ومتى ما استقر في قلب الحاج إحساس بأنه يبتغي من فضل الله حين يكسب ويحصل على رزقه، فهو، اذن في حالة عبادة لله تعالى، لا تتنافى مع عبادة الحج,
ومن أجل ذلك، فقد أمر عز وجل عباده المسلمين الحجاج بالتزود لرحلة الحج، فقال سبحانه: )وتزودوا فإن خير الزاد التقوى,,,( البقرة/ 197,
يقول القرطبي رحمه الله في تفسيره أمر الله سبحانه عباده باتخاذ الزاد، حيث كانت طائفة من العرب تجيء الى الحج بلا زاد، ويقول بعضهم كيف نحج بيت الله ولا يطعمنا، فكانوا يبقون عالة على الناس فنهوا عن ذلك وأمروا بالزاد,
وغير خاف ان التزود يشمل التزود للاسفار الدنيوية، والتزود للاعمال الصالحة، فقد قال علماؤنا أمر عز وجل بالتزود لسفر العبادة والمعاش، وزاده الطعام والشراب والمركب والمال، وبالتزود لسفر المعاد، وزاده التقوى والعمل الصالح,
كما ان في الآية دعوة للتزود في رحلة الحج، زاد الجسد وزاد الروح، فقد جاء التوجيه الى الزاد بنوعيه مع الايحاء بالتقوى في تعبير عام، والتقوى زاد القلوب والأرواح,
وعليه فينبغي ان يكون زادنا الى الآخرة باتقاء القبائح، فان ذلك خير الزاد، فليس السفر من الدنيا بأهون من السفر في الدنيا، وهذا لابد له من زاد، فكذا ذلك بل يزداد,
ختاماً أقول اذا كان زاد الدنيا يُخلِّص من عذاب منقطع موهوم، فان زاد الآخرة ينجي من عذاب أبدي معلوم,
هذه بعض المعالم القرآنية والظلال التفسيرية لهذه الشعيرة العظيمة )الحج(,
وقد آن أوان اغتنام منافعها ومواسمها وبركاتها وفضائلها وروحانيتها,
د, زيد بن محمدالرماني
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود
عضوالجمعية الدولية للاقتصاد الإسلامي

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved