| منوعـات
تلقف المثقفون العرب مصطلح ·الشفافية وأخذوا يتبارون في استخدامه لما ينطوي عليه من شاعرية لا تخفى على أحد, ورغم ان الكلمة عربية صميمة وموجودة حتى في قاموس الرجل العامي إلا أن استخدامها لم يكن بحجم ما تحمله من ايحاءات,
أتذكر أول مرة عرفت فيها هذه الكلمة عندما كنت في سنة رابعة ابتدائي عندما كنا نستخدم دفاتر للرسم نسميها ·كراسة رسم شفاف , لم تستخدم هذه الكلمة بأي معنى اصطلاحي في اللغة العربية الحديثة, رغم أني أتذكر أنه مر علي في أحد كتب التراث العربي، إذا لم أكن واهماً، أنها استخدمت بالمعنى الأجنبي الذي استوردناه, وهذه الكلمة تعني في الوقت الحاضر السماح للآخرين بالاطلاع على المعلومات أو عدم اخفاء المعلومات عن الشركاء,
وبالطبع من باب لزوم التميلح الثقافي انتشرت هذه الكلمة بين سطور الكتابات العربية بمعناها الجديد, لا أنكر أبداً ان الكلمة من الكلمات الجميلة الخفاقة فعندما تقول ان فلان شفاف يعني رقيق وسهل وعندما تقول فستان شفاف فالله يستر, ولذلك لا استغرب ان يستحوذ هذا المصطلح على شغاف قلوب الكتاب المثقفين, خصوصاً هؤلاء الكتاب القادمين من الصفحات الأدبية والذين تعتبر الكلمة برنينها السيكولجي أهم كثيراً من المعنى والدلالة,
لو قلبت أي جريدة وصنفت الكتاب فستجد أن هناك تناسخا كبيرا بينهم لأن المواضيع المسموح الخوض فيها محدودة مضافاً إلى ذلك تدنٍّ كبير في التنوع والاختلاف في وجهات النظر، والكاتب في هذه الحالة مضطر ان يحوس ويدوس في مكان واحد, ولذلك أصبح ما يميز الكاتب عن الآخر هو نوعية الكلمات التي يحتفل باستخدامها واقحامها بأي ثمن في مقالاته, وبمتابعتي لهذه الحالة وباشتراكي فيها بدأت مؤخراً أطور قراءة من نوع خاص, قراءة نوعية أتحسس بها سيكولوجية الكتاب لأعرف منها نوعية الكاتب ومشاكله الأسرية وآخر الكتب التي قرأ أو المقالات التي تأثر بها, وهذه ليست قراءة بالمعنى الدقيق وانما هي أقرب ·للبصبصة ,
ولكنها تختلف في تقنياتها عن القراءات الأخرى لأنها تحتاج إلى تركيز وذاكرة فالمطلوب هو أن نبني قاعدة للكلمات والمواضيع المتكررة, وبعد تحليل مطول ومناقشة مع بعض الأصدقاء من ذوي الميول ·البصبصوية اكتشفنا أن الكلمات المستوردة ذات الأصل الأجنبي مثل تكنولوجيا أو تكنوقراط أو اثنية أو انطولوجي تأخذ الأولية في الانتشار تليها الكلمات التي صممت ·COINED في اللغة الانجليزية ثم ترجمت إلى العربية مثل ·ما بعد الحداثة، الخطاب والاستقطابية وأخيراً دخلت كلمة ·الشفافية لتأخذ مكانة خاصة, فإذا كانت تلك الكلمات للتعبير المصحوب ·بالطهبلة فميزة هذه الكلمة انها تمنح حق ·الطهبلة وفي نفس الوقت تستجيب للحساسية الشاعرية المتأصلة في نفوس الناس, أشعر دائماً أنني ممتن كثيراً لكلمات معينة, لأنها تمثل بالنسبة لي ثقوبا في كثير من المقالات التي أقرأها لاطل منها على عالم الآخرين, وبالتالي لم يعد هناك في قاموسي شيء اسمه كاتب رديء وكاتب جيد فالذي لا أخرج من قراءة أعماله بمعلومة أو بوعي أو بجمال أفوز بشيء من المعرفة عن روحه القلقة المهزومة المليئة بالاحساس بالدونية,
لمراسلة الكاتب Yara2222 @ hotmail.com
|
|
|
|
|