أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 20th March,2000العدد:10035الطبعةالاولـيالأثنين 14 ,ذو الحجة 1420

الثقافية

قصة قصيرة
عنْْْْْْْْْْْْْدما كبرت
كانت في ذلك اليوم على غير عادتها مبتسمة مشرقة قد يكون الجو المطير والغيم ورائحة الاعشاب التي تملأ المكان وألوان الزهور الزاهية انطبعت على نفسيتها فأضفت الهدوء والرضا على محياها,
اقتربت اختها مريم منها بعد ان نفثت الخوف من ضلوعها وهمست بصوتها الهادئ: تبدين بأحسن حال اليوم, ردت بعد ان عدلت من جلستها وهي تمسك بكلتا يديها شعرها الحريري تطويه وتشبكه بدبابيس بين اسنانها,
الحمد لله ليس في يدينا إلا تقبل هذه الحياة كما هي,, مادمنا غير قادرين على تغييرها,
تتسع عينا مريم وهي تنظر لها محاولة فهم سر هذه النبرة الغريبة بصوتها المتشنج العالي دوماً, وجدتها فرصة جيدة لاستثارتها اكثر لتتحدث قائلة:
الحياة يا عزيزتي جميلة حين نرغب في جعلها كذلك ولكن إذا لبسنا النظارة السوداء فستكون قاتمة حتما, تقاطعها بابتسامة شاحبة وهي تهز رأسها,, آهاً يا مريم ليتني لم اكبر ليتني مت صغيرة او بقيت صغيرة تسعدني الايدي الملوحة لي، لا يهمني بهذه الدنيا سوى تذوق طعم الحلوى,
ضحكت مريم هل تذكرين عندما كانت أمي رحمها الله توبخك دائما عندما ترتدين عباءتها وكعبها العالي، وكنت بحكم لبسي للعباءة في ذلك الوقت اقول لك لا تتعجلي سوف تكبرين وترتدينها,
تعاود تأوهها,, آهاً يا مريم عندما كبرت فهمت معنى ذلك اليوم الذي اجتمع فيه النسوة ببيتنا كان الجميع يبكون ما عداي فقد كنت سعيدة فكل القادمين رجالا ونساء كانوا يضعون الحلوى والالعاب والنقود في يدي,, كانوا جميعا يقبلونني بحرارة فقط عندما كبرت تذوقت مرارة فقد والدي لم يا مريم لم أشعر باليتم والحرمان وانا صغيرة فقط عندما كبرت شعرت بظمئي لحنان والدي وعطف أمي؟
عندما كبرت يا مريم امست الضحكة الصادقة رسمة نادرة على شفتي
عندما كبرت لمست كيف ان الخجل قتل اشياء جميلة في داخلي اطفأ فتائل حب مازالت ذكراه اروع ما يمكن تذكره في ايامي هذه,
عندما كبرت تعلمت القوانين الصارمة التي اثقلت متني بدون معين, عندما كبرت تعلمت ان لابد ان اضحك لاجلك انت يا مريم,
هل تعلمين ان اكثر ما يحزنني نظرة الشفقة بعينيك,, رفعت مريم رأسها ملوحة بيدها لا لا لا أبداً,, فأنا أحبك انتي شقيقتي ومن الطبيعي ان اشاركك همومك وأبكي لألمك,, بصوت بدا حازما قالت:
عزيزتي ما اعيشه ليس هموما بل سجن انفك من سلسلة واقع في قيد,, آه يا مريم ليتني لم أكبر فعندما كبرت شعرت بمرارة الفشل في التعليم,, لمحت نظرة الازدراء من بنات عمتي,
عندما كبرت ذقت ذلك السم الزعاف من نظرات زوجي الاول وكرهه العجيب لي,
مريم هل تذكرين ذلك اليوم الجميل الذي تقدم طالبا الزواج مني المهندس أحمد كان يوماً غريب عدت فيه طفلة بجدائلها وشرائطها الساتان خفت لحظتها ان يتوقف قلبي عن النبض وبدأت اصدق كلامك ان الحياة لن تبقى أبداً على منوال واحد كان يوم زفافي من ايام طفولتي قد يكون اختبأ معي في احدى الحقائب القديمة او انسل من صورة في صندوق عتيق,
عندما كبرت عرفت جيدا معنى ان تكوني عاقراً عندما كبرت تأكدت ان الصبر ليس شيئا نتحكم به بل تفرضه الحياة علينا قسراً, قال لي رغم حب كبير اعطيته انت شجرة بلا ثمار لابد من اقتلاعك من طريقي,
رحل وترك تحت الوسادة ورقة ذات رائحة كريهة مازال لونها الاصفر عالقا في ذهني وعندما كبرت عرفت لماذا ترك مع رسالته خمسمائة,, نعم انت يا مريم ذهبت لتشتري لي بها الثوب الاسود لارتديه ايام عدتي اربعة اشهر وعشرة ايام عندما كبرت عرفت ان ايامي كلها ·عدة حزن لن ينتهي,
ولكن لانني كبرت لم يعد يهمني اين يمكن ان اقضي شْْْْْْْْيخوختي عندما تهب العواصف ويقصفني المطر,
فوزية الشدادي الحربي
أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved