أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 20th March,2000العدد:10035الطبعةالاولـيالأثنين 14 ,ذو الحجة 1420

مقـالات

الحياة,,والمرأة
د, محسن الشيخ آل حسان
قبل سنوات عديدة كانت لوالدتي ْ يرحمها الله ْ وأسكنها فسيح جناته أخت بلغت من العمر ·45 سنه ولم تتزوج بالرغم من تمتعها بأخلاق عالية وسلوك مهذب وتفكير سليم ونشيطة وست بيت,, تطبخ وتغسل وتنظف وتعامل الجميع بالحب والاحترام والتقدير,, وكان الجميع يطلق عليها ·خالة,, أم الخير ,, وسمعت في يوم من الأيام محادثة تمت بين والدتي وإحدى صديقاتها بخصوص ·خالة,, أم الخير ,, وسألت الصديقة والدتي:
لماذا لم تتزوج أم الخير حتى الآن ,, وهي الجميلة والمهذبة والنشيطة؟
فردت عليها والدتي قائلة:
أم الخير فاتها القطار,, لو أرادت أن تتزوج لتزوجت,
وقد وقعت عبارة ·فاتها القطار موقع الاستغراب والاستفهام عندي آنذاك,, فكيف فاتها القطار,, وقريتها الصغيرة لا توجد بها سكة حديد ولم نشاهد قطارا في حياتنا جميعا,, وكنت حريصا على معرفة أو إيجاد معنى لعبارة ·فاتها القطار وبقيت مدة طويلة وأنا خائف لأن اطرح هذا السؤال على امي يرحمها الله حيث ان الصغار من أمثالي غير مسموح لهم بأن يتدخلوا في شئون الغير، حيث من دخل فيما لا يعنيه,, لقي ما لا يرضيه,, ومرت سنوات,, وترعرعت وكبر عودي,, وعرفت معنى ·فاتها القطار وتأسفت على عمر خالتي أم الخير والتي عانت وقاست وهي تسمع هذه المقولة من الجميع التي تمتعض الفتيات والنساء منها,, لا جدال في أن الحياة رجل وامرأة,, والمرأة نصف المجتمع ولم تنبع هذه المقولة من فراغ، فكل منهما لا يستغنى عن الآخر ·لكن ماذا لو أن الفتاة تأخر زواجها أو لم تحظ بزوج يملأ عليها وحدتها وعزلتها,, وفوق كل ذلك يملأ منزلها بالأولاد والبنات لتبقي لها أسرة ,
اعتقد أن لكل فرد من أفراد المجتمع حقا في حياة عائلية هانئة وله أن يتطلع لمستقبل آمن ومستقر,, ويشعر بسعادة غامرة حين يظفر به,, فالسعادة لا تجلبها يد سحرية,, ولن يجلبها أحد لنا,, السعادة نخلقها ونسعى لها,,
لقد ماتت خالتي أم الخير وهي تبحث عن سعادة في كنف رجل ترتبط به على سنة الله ورسوله,, رجل يعطيها الحب والاستقرار والحياة العائلية,,
لقد ماتت خالتي والتي أعطت الجميع من وقتها وجهدها وحبها، ولم يستطع أحد أن ينتشلها من عذابها ووحدتها وعزوبتها الأبدية,, كانت تضحك للجميع وهي تذرف دموح الحزن والحرمان من السعادة,, وكانت تبتسم ابتسامة مرسومة على شفائفها لتسعد الآخرين ولكنها تعاني معاناة المحروم من الأسرة والأطفال,
والغريب كل الغريب في هذه الحياة,, فخالتي أم الخير ماتت من همّ وغم العزوبية,, وأختي خاتون ماتت من همّ وغم الزوجية,, لقد احتارت أختي خاتون في أمر زوجها,, ووصلت بها الحيرة أحيانا إلى حالة من القلق والاكتئاب، وشعرت ان إرضاء زوجها عملية معقدة,, استنفدت جهدا معنويا وماديا خاصة وان زوجها غدا محاطا بأفكار بالية سيطرت عليه منذ ان خلفت له بكرها,, فتاة,, والثانية فتاة,, والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة كلهن بنات دون أولاد,, فأساء معاملتها وقسا عليها,, كأنها متعمدة في هذا الإنجاب,, ونسي أو تناسى أن كل شيء بيد الله, وماتت أختي متأثرة بعذاب زوجها,, الله يرحم الجميع,



أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved