أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 20th March,2000العدد:10035الطبعةالاولـيالأثنين 14 ,ذو الحجة 1420

مقـالات

العولمة · 7 من وجهات نظر مختلفة
اليحيْْْْْْْْْْْْْْْْاوي,, أيْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْة عْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْولمْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْْة؟
علي حسين شبكشي
لايطمح الكاتب المغربي ·يحيى اليحياوي مؤلف كتاب ·العولمة,, أية عولمة الى طرح بديل عن العولمة بشكلها البراجماتي والعملي بقدر ما يريد طرح اشكالية العولمة في طبيعتها الحقيقية والتصور الذي انبنت عليه وتأسست وفقه, واذا كان المؤلف في كتابه ينادي بضرورة الانتفاضة ضد قسم العولمة ومعتقداتها والتصدي لطرحها الوحداني في التنمية والفكر والديمقراطية فلأنه يعتبر العولمة مكمن السلطة الجديدة الشمولية والواحدة في خطابها وممارستها وايديولوجيتها وبالتالي مكمن التهديد والخطر,
يتساءل الباحث المغربي ·يحيى اليحياوي في مقدمة كتابه عن هوية العولمة التي يتحدث بها الخطاب السائد نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين، فيجيب بقوله ان الخطاب السائد لا يمكن ان يتحدث عن عولمة خارج عولمة السوق وقيم السوق وديمقراطية السوق، كما لا يمكن للخطاب السائد ان يكرس لفكر غير فكر الليبرالية الجديدة وفكر السلطة الجديدة المتشكلة حول الاقتصاد الحر والمال والاعمال، كما لا يمكن للخطاب السائد ان يتحدث ايضا في غير حديث السوق الشمولي والثقافة الشمولية والفكر الواحد الشمولي,
هذا البحث الذي يصفه مؤلفه بانه تمهيد لمطالبة الساسة والمثقفين بضرورة التفكير في امكانية صياغة عولمة اخرى متوازنة المكونات متجانسة الطبيعة، منصفة الأبعاد، لا عولمة الزمن الحاضر حيث لا تنمية ولا فكر ولا ديقراطية الا ما يراه الفكر الواحد ويرتضيه، صاغ المؤلف اشكاليته في اربعة محاور يراها كافية لابراز ماهية العولمة وايضا مكامن قصورها: المحور الاول يتناول فيه اشكالية العولمة بين واقع الحال وتشكل المفهوم، والمحور الثاني يتحدث عن العولمة بين منطق التحالفات القطبية وتطلعات الشمولية، والمحور الثالث يعرض لجدلية العولمة والتكنولوجيا او اشكالية القرية الكوكبية والمحور الرابع يطرح اشكالية العولمة والثقافة والديمقراطية,
في تناوله لإشكالية العولمة بين واقع الحال وتشكل المفهوم وتحت عنوان ·العولمة امتداد لمنطق الرأسمالية يقول المؤلف: من الملاحظ ان جاذبية مصطلح العولمة قد تعدت حقل الدارسين والمهتمين لتشمل فضاء عامة القوم وغلبة المواطنين، وهذا الانجذاب لظاهرة اصبحت متنفس الحاكمين والمحكومين وملجأ الاقوياء والمستضعفين لم يوازه في المقابل الا تخبط الباحثين والمفكرين في وصف الظاهرة وتفكيك عناصرها من هنا فتعدد التسميات والاصطلاحات للتعبير عن الظاهرة انما هو تضارب اصطلاحي محض بين مدافع عن الاقتصاد العالمي وبين متبين للاقتصاد الشامل وبين متعصب لمصطلح ·العولمة أو ·الكوكبية أو ·الشمولية أو ·الشوملة وهم في هذا انما يريدون التعبير عن اقتصاد اواخر القرن العشرين واوائل القرن الحادي والعشرين بانه لم يعد قطريا او جهويا و دوليا بل اصبح كونيا شموليا غازيا لكل بقاع العالم وناشرا قيمه ومنطقه الى مستويات كانت السياسة او الايديولوجيا او التكنولوجيا او المعتقدات تحول ْ الى عهد قريب ْ دون اقتحامها او اختراقها كليا او جزئيا,
يعرض الباحث لما برهن عليه ·سمير امين من كون العولمة الرأسمالية الجديدة ما هي الا مرحلة جديدة قديمة من مراحل التطور التاريخي للعولمة الرأسمالية، هي مرحلة قديمة لان ما تدعو اليه من ان السوق الحر هو علاج كوني لجميع مشاكل هذا الكون كان اساسا موضوعيا قام عليه النظام العالمي لحظة تصدعه وانفجار وحدته مع ثورة اكتوبر 1917، وهي مرحلة جديدة لانها محاولة لقيام الليبرالية على الاساس الموضوعي العالمي الجديد الذي يختلف اختلافا هاما عن الاساس الموضوعي الذي قامت عليه ليبرالية القرن الماضي نظرا للمستوى العلمي والتقني الذي وصل اليه اليوم تطور المجتمع البشري,
العولمة اذن ْ يقول الباحث يحيى اليحياوي ْ بقدر ما هي تجسيد لتاريخ الرأسمالية في مرحلتها الشمولية بقدر ما هي امتداد لمنطقها ولرهاناتها ولتناقضاتها حتى البدائية منها في بعض الاحيان,
ولما كانت المضامين غير واضحة والابعاد غير محددة ومكونات الظاهرة غير مستقرة فانا العولمة تبقى في غياب التقييم الدقيق الضافي لفعلها عبارة عن مجموعة من الغايات والاهداف والوعود تعطي الظاهرة طابعا ايديولوجيا اكثر ما تحيلها الى حقائق الامور ويقينيتها,
ويضيف مؤلف الكتاب بان الاحتفاء بمزايا العولمة والاقتصاد العالمي والتبشير بدخول البشرية عصرا جديدا من تاريخها لا يعدو في نظر العديد من الدارسين كونه انجذابا بأطروحة تفوق الرأسمالية على سواها من الانظمة وانتصار قيم السوق والليبرالية على غيرها من القيم انتصارا كاملا ومطبقا ويستشهد المؤلف برأي ·سمير امين القائل: ان ما يدفع بالعولمة الجديدة الى مزيد من الفوضى والبربرية هو ظواهر ان الاقتصاد العالمي الذي يصير الآن والاستقطاب العالمي الذي يتعمق الان يحصلان على اطار هذه العولمة كمحاولة ليبرالية جديدة لاعادة توحيد العالم على اساس آليات السوق الرأسمالية كسوق عالمية مبتورة تنتج الاستقطاب وتعيد انتاجه على نحو اكثر عمقا باستمرار الامر الذي يتجلى بدوره بظاهرة ان الحركة في اطار الاقتصاد العالمي تقتصر على حركة الرأسمال والسلع فحسب، وعلى هذا النحو تعمل الليبرالية الجديدة بالضرورة في اتجاه المزيد من الاستقطاب وبالتالي في اتجاه المزيد من الاضطراب والانفجار,
ينتهي الباحث الى ان ظاهرة العولمة بخطاب الليبرالية المصاحب لها لا تخلو من زيف ايديولوجي صارخ وتغطية اعلامية واضحة هدفهما الاساسي التمرير والتبرير لمرحلة جديدة متجددة من تاريخ تطور الرأسمالية، كما ينتهي الى انه اذا كان هناك من المتحمسين لظاهرة العولمة ومن المتبنين لخطابها الذين اعتبروها طبيعية في صيرورتها بريئة في توجهاتها واهدافها فان هناك من لا يرى في سماتها الا التكريس لحيوية الشركات المتعددة الجنسيات الكبرى والتقليص لقدرة الدول والامم على مجابهتها والتهميش لتطلعات امم وشعوب في التنمية والتقدم في ظلها,
يخلص الباحث ْ في حديثه عن العولمة ْ بين نطق التحالفات القطبيةوتطلعات الشمولية الى ان ظاهرة العولمة وان تزامنت وتعاظم التجارة العالمية منذ العقدين الاخيرين فانها تزامنت ايضا وتمركزها بين يدي الاقطاب الصناعية الكبرى وشركاتها المتعددة الجنسيات، والى ان مسلسل العولمة قد تزامن ايضا وانبعاث شركات كوكبية ضخمة اضخم من تلك التي لوحظت ابان اوج الرأسمالية الاحتكارية الذي تزعمته هذه الشركات زمني التدويل وتعدد الجنسية او تجعلهما بحكم اقتحامها لكل القطاعات وغزوها لكل الفضاءات، ويخلص الباحث ايضا الى ان هذه العولمة بحكم شراسة منافسيها لا يمكن لها ان تمر من خلال التحالفات الاستراتيجية بين الشركات الكوكبية فبفضلها تفتح الاسواق وتكسر الحدود وبواسطتها تقتسم التكاليف وتهون المخاطر,
في تناوله لجدلية العولمة والتكنولوجيا لا يعتقد مؤلف الكتاب بامكانية تقدم ظاهرة العولمة الاقتصادية والشمولية لولا طفرة تكنولوجيا الاعلام والاتصال والمواصلات بقدر ما لا يعتقد بامكانية عولمة هذه التكنولوجيا وتدويل مؤسساتها لو لم تكن العولمة مسبوقة بخطاب ممهد ومبشر بفضائل العولمة وحميمية المجتمع الكوني,
لم يسبق لظاهرة ناشئة طور التشكيل ان فرضت منطقها ولغتها على الاقتصاد والمجتمع وعلى الثقافة والفكر لتحدي فرضته ظاهرة العولمة نهاية هذا القرن, ولم يسبق لظاهرة كظاهرة العولمة الحالية ان كرست وعولمت قيما ومعتقدات كان للدول والشعوب من قبل حق الاخذ بها ان اعتماد غيرها,
يتساءل الباحث ·يحيى اليحياوي في كتابه الذي يحمل عنوانه ·علامة استفهام كبيرة هل بإمكاننا نكران ما يجري حاليا من مد نحو العولمة ، عولمة الاقتصاد والمال والتكنولوجيا والمجتمعات والثقافات؟ ويجيب بقوله انه من الصعب الجزم بعدم وجود هذا المد الجارف، فهناك الطفرة التكنولوجية الضخمة التي يعيشها قطاع الاعلام والاتصالات والمعلوماتية وهناك التكريس المؤسساتي لهذا المد عبر القارات والتدابير التي تنتهجها المؤسسات الدولية نيابة عن الدول الكبرى وشركاتها المتعددة الجنسيات وبنوكها ومراكزها للبحث والتطوير العلمي والاستراتيجي ، وهناك انبهار النخب الوطنية بخطابات العولمة والشمولية ونهجها لسياسات تساير هذا التصور الجديد وتواكب مساره ، وعلى هذا الاساس فالظاهرة المتشكلة هي اقرب الى التكريس بحكم عدد المتبنين لها من نخب سلطوية وإعلامية وثقافية منها الى الرفض او الى الاخذ بالعصا من الوسط وهو ما يجعل من هذه الظاهرة حقيقة واقعة وان كان لوسائل الاعلام مسئولية النفخ فيها الى اقصى حد,
لا يعيب كتاب ·العولمة: أية عولمة؟ على ظاهرة العولمة محاولتها التعبير عن واقع الحال، واقع تعاظم قوة رأس المال والنزوع الى فرض منطق الاسواق والتوجه باعتماد قيم الليبرالية الجديدة والانزلاق باتجاه تعميم مبادىء ديمقراطية السوق المتشكلة والتقدم باتجاه ثقافة الفكر الواحد المقصي لباقي اشكال التفكير والتصور والتمثل,, لا يعيب الكتاب على العولمة كل ذلك بقدر ما يؤاخذ الكتاب التوظيف الذي تخضع له العولمة تبرير خطايا وممارسات اصحاب السلطة الجديدة المنادين بحرية رأس المال والاسواق وبتفوق ايديولوجية المصلحة الاقتصادية والليبرالية والديمقراطية الجديدة وقيم الفكر الواحد,
هل يمكن أنسنة العولمة التي تكرس واقع تفوق الاقوى وتطالب بضرورة تكيف وتأقلم الآخرين وتوسع من دائرة منبوذي ومتطرفي الغالبية العظمى من سكان البشرية؟ ولما كان الجواب بالنفي فان الباحث ·يحيى اليحياوي قد انتهى الى انه من المحتم مواجهة خطاب العولمة الحالية وممارساتها وفكرها الواحد لاننا لا نملك خيارا اخر غير النضال ضدها وذلك لاننا مختلفون ونريد ان نبقى مختلفين، فقد ولدنا في اماكن مختلفة بامتيازات ونقط ضعف لا نرى حرجا في التحاور حولها، وهذا الاختلاف هو مدخل البحث عن الوحدة الحقيقية التي تؤسس لمثالنا الاعلى والعميق في مأمن عن كل اشكال العولمة,

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved