أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 20th March,2000العدد:10035الطبعةالاولـيالأثنين 14 ,ذو الحجة 1420

مقـالات

شيء من الحق
د, خالد محمد باطرفي*
منَْ للضعيف إذا تكالبت الأنظمة والمنفذون؟
قراءة في واقع بسطاء المستثمرين!
يقول المثل الشعبي ·ما تطيح السقيفة إلا على الضعيفة ، ويبدو أن هذا هو لسان غلابى التجار والمستثمرين في بعض مدننا، فرغم أن الوضع الاقتصادي لم يعد يسمح بهوامش ربح، أو أي ربح على الإطلاق، لكثير منهم، يتفانى أصحاب الرواتب المضمونة في بعض القطاعات في زيادة الطين بلة بالتسابق في إصدار النظم والتعليمات، التي يناقض بعضها بعضاً، ويلغي جديدها قديمها، ويزيد طولها وتعقيدها و)ثغرات الاستثناءات فيها( مع كل إصدار جديد,
ففي جدة مثلاً، تصدر الأوامر والتصاريح وينخدع بديمومتها بعض البسطاء، فيخرجون ما تحت البلاطة، ويستدينون عليها ويبيعون ما يملكون، ويفتحون الدكاكين والورش والمغاسل والمزارع ومحطات الغاز والبنزين أو يقسطون سيارات الأجرة والأتوبيس والشاحنات، ثم تبدأ المفاجآت المذهلة، رخص وتصاريح وقوانين كثيرا ما تتضارب من عدة جهات لا تنسيق بينها، بلدية، ومرور، وشرطة، ودفاع مدني، واستقدام، ومكتب عمل وعمال، وتجارة، وغرفة تجارية، ومواصلات، وزارعة، وبترومين، وشركة الغاز الأهلية، ودفع هنا وواسطة هناك، ويواصل من تورط لأذنيه مشوار التعب وحرق الأعصاب والخسارة المتراكمة من جراء تعطيل فتح المحل، ومصاريف التصاريح والتعقيب وخلافه,
ويتكرر مشوار العذاب والأرق كل عام، أو طوال العام إذا ما تغيرت القوانين، أو اختلف موعد صدور التصاريح، وكأن لا هم للمستثمر المسكين إلا ارضاء البيروقراطيين والموظفين في الدوائر العامة بدلا من حل مشاكله اليومية وتحسين أوضاعه المتردية والتعامل مع حركة سوق راكدة,
والأسوأ من هذا كله نظام ·القوانين التي تعمل بأثر رجعي, فبدلا من أن يبدأ تنفيذ القوانين الجديدة كما تنص الشرائع السماوية والأرضية على السواء في كل بلاد الدنيا من تاريخ الصدور، تعاقب بعض دوائرنا أولئك الذين التزموا بالقوانين السابقة بأن يدفعوا ضريبة هذا الالتزام في القوانين اللاحقة, فالمحل الذي تكلف عليه صاحبه ما فوقه وما تحته حتى استكمل كل مقوماته النظامية وتصاريحه الرسمية، يصبح في يوم وليلة مخالفا للقانون لأنه على شارع 15 مترا مثلا بدلا من شارع 20 مترا في التنظيم الجديد، وعلى صاحبه الإخلاء خلال شهر أو اثنين، مع كل ما يعنيه هذا ·الغبن من خسائر مادية فادحة من بقية ايجاد سنوي، إلى ديكورات وبضائع، إلى زبون عمل المستثمر سنوات طويلة على كسبه، هذه الخسائر تتضاعف فيما إذا كان حظه المتعوس أن يواصل العمل في هذا المجال في موقع آخر تنطبق عليه الأنظمة الجديدة، قبل أن يحل عليها الأجل بالطبع,
وهناك حال المستضعفين في الأرض الذين كل حيلتهم في هذه الدنيا الفانية سيارة أجرة، أو شاحنة نقل، أو عربية خضار يتكسبون منها بعرق جبينهم وبشرف وعزة نفس لقمة عيشهم وهدوم عيالهم ودفاترهم المدرسية وفواتير العلاج التي كلما صحنا من غلائها، ارتفعت من جديد، ومع هذا الشقاء وهذا العذاب اليومي تحت شموس لا ترحم، وفي زمن صعب على الغني والفقير، نجد أن هناك ·فئة من البشر لا هم لها إلى التضييق على من ضاقت به الدنيا, فمن أنظمة يئد بعضها بعضا، إلى مخالفات تصدر أحيانا بحكم المزاج، إلى مراقبين تفلتوا في شوارعنا للتكسب أكثر منه لتطبيق الأنظمة، فمحلات تقفل لاتفه الأسباب، وسيارات توقف عن العمل لأي تأخير في تجديد ترخيص، وعربات البؤساء تصادر صناديق خضارها وفواكهها )إلى سيارات المراقبين ولا تسل إلى أين(, وفوق هذا وذاك توبيخ وتجريح وقلة حياء,
والمؤلم والمؤسف أن الصحافة، وهي مرآة المجتمع، آخر من يتكلم في هذا الشأن فكتابنا مشغولون بما هو أعظم وأهم، من توثيق الصلة بكرام الناس، إلى البحث في قضايا الساعة من العولمة إلى خسارة الأهلي بالأربعة، إلىالتصفيق لهذه القرارات والأنظمة طمعا أوجهلا أو مهابة، ولذا فقد كان سروري كبيرا، وانهالت رغما عني )كنت في مكتبي بين الزملاء( دمعة شجية، عندما قرأت للزميل محمد الفايدي كلمة رائعة في قسوتها على القساة، ولوعتها على المساكين،ْ نشرت له في زاويته المقروءة ·شيء من حتى على إحدى أجمل الصحفات الأخيرة بصحفنا في جريدة البلاد، فقد وصف فيها حال البسطاء ْ الشرفاء الذين آثروا العمل الصعب على التسول والانحراف، فتصدى لهم مراقبو البلدية إذلالا ومصادرة، و·خراب بيوت ، وأضيف على ذلك أن هذا يحدث فيما يُترك اصحاب الهيبة والنفوذ يستولون على أراضي المرافق العامة والحدائق وملاعب الأطفال والشوارع والشواطىء، ويفتتحون الورش الكبيرة، ويبنون العمائر التجارية الكبرى وسط المناطق السكنية وعلى الشوارع الضيقة وبدون أن يلتزموا بتطبيق الأنظمة المشددة على غيرهم، أو يلتزموا حتى بتوفير مواقف السيارات لمشاريعهم,
شكرا للفايدي، وعزاء لصغار المستثمرين، ودعاء على ·المفترين ,
* رئيس الشؤون المحلية، جريدة الوطن، أبها


أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved