|
| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة
طفح على الساحة مؤخرا ما يسمى ·السلفة وهو المسمى عند الفقهاء ·قرضا فتجد بعضهم يأتي اليك على استحياء وسكينة متمسحا مسوح الضأن كأنه الحمل الوديع يحسبهم الجاهل أوفياء من التلطف فيطلب سلفته او حاجته فما ان يوقع الشيك او يحصل على مراده حتى يكشر عن انيابه ضاربا بالقيم والاعراف والآداب والخلق خلف ظهره ولاشك ان المسلم السوي حري به ان يبادر الى قضاء حاجة اخيه ويفرج كربته، ويلبي مسألته بل يتقرب الى الله بذلك حتى إنني لأعرف من إذا طلب منه ولم يجد مالا ·تسلف ليُسلف ,
وهذه في الاصل هي اخلاق المسلمين وشيمهم وسجاياهم قال الشاعر في وصف الباذل:
تراه اذا ما جئته متهللاً
كأنك تعطيه الذي أنت سائله
ولكن الذي تحوّل من نادرة الى ظاهرة هو ان يقترض منك المقُترض الى اجل مسمى ثم تمر الآجال ولا يفي بعهده بل اذا طالبته الوفاء لاغ بعرضك في المجالس ذاما وشاتما، وللمقرض والمقترض منه نصائح يجب ان تبقى منهم على بال:
أولا: جدير بمن اقرض غيره ألا يتوانى في كتابة ذلك حتى مع اخيه ابن امه وابيه مهما قل او اكثر قال تعالى: ·ولا تسأموا أن تكتبوه صغيراً أو كبيراً إلى أجله ، لماذا؟
أ, ذلك اقسط عند الله: أي أقوم واحفظ,
ب, وأقوم للشهادة: أي اثبت,
جْ, وأدنى ألا ترتابوا: أي لا تشكوا او تنسوا لأن المسألة جد مهمة اذ هناك موت وحياة ونسيان وورثة وقطع ارحام وغيرها، كما يحسن ان يضبط ذلك بشيك مصور موقع,
ثانيا: ان المشكلة تكمن في ان المستقرض ربما بيّت نية المماطلة قبل استقراضه والرسول ْ صلى الله عليه وسلم ْ قال: ·من اخذ اموال الناس يريد اداءها ادى الله عنه ومن أخذها يريد اتلافها اتلفه الله ، صحيح البخاري، فهذا حري ألا يعينه الله على سداد ديونه,
ثالثا: ان هذا المماطل قد ولغ في النفاق الى اذنيه اذا كان يعد ويماطل ويُخلف المواعيد قال ْ صلى الله عليه وسلم ْ: ·آية المنافق ثلاث: اذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان متفق عليه,
بل تلبّس بصفات المنافقين وصادم النصوص القرآنية قال تعالى: ·يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ، وقال تعالى: ·وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا ,
رابعا: لوحظ تهافت الشباب على الديون ولاشك ان الدين همّ بالليل وذل بالنهار بل إنه كان سببا لترك النبي ْ صلى الله عليه وسلم ْ للصلاة على الصحابي المتوفى عندما عرف بديونه,
وانك لتعجب من جاهلية تُطل بقرنها تُشبه من عليه ديون قليلة كْ·مائتي ألف بأن هذه ديون نساء، ·صبغة الله ومن احسن من الله صبغة ,
ولقد سُئل العلامة الشيخ ابن عثيمين عن ذلك فقال: هذه عادات جاهلية سيئة لا تصدر إلا عن السفهاء, بل قد أفتى الشيخ بأن من عليه دين فهو مقدم على حج الفريضة حتى لصندوق التنمية العقاري ان لم يستطع وفاء الاقساط في حينها,
خامسا: هذا العمل يتنافى مع ابسط مبادئ المروءة والشيم والآداب والقيم الشرعية,
سادسا: انه ربما حل الاجل على المقترض وهو عاجز عن التسديد وكلنا عُرضة لذلك، ولكن تبقى قنوات الاعتذار وطلب الامهال عن ذوي الإعسار، فالكلام ·اللين يغلب على الحق البين لكيلا يجمع بين قبيحين تأخير ومماطلة,
سابعا: لئن كان ذلك العمل مقيتا عن عامة الناس فهو من طلبة العلم والمستقيمين على الشريعة امقت واقبح فهلا مثلنا الاستقامة حق تمثيلها,
ثامنا: لكليهما اقول:
إذا ما المرء لم يحفظ ثلاثاً فبعه ولو بكف من رماد وفاءٌ للصديق وبذلُ مالٍ وكتمان السرائر في الفؤاد |
تاسعا: لنضع نصب اعيننا ذلك الامر الرباني والوعيد الشديد اذ يقول الله تعالى ·يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ,هذا ما أفاء الله به عليّ سُقته على اختصار شديد وتقصير اكيد والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد,
علي بن محمد حسن الحماد الرياض
|
|
|
|
|
