أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 19th March,2000العدد:10034الطبعةالاولـيالأحد 13 ,ذو الحجة 1420

مقـالات

شدو
قراءة في سلوك ·من طرف واحد! 1 ْ 2
)خ( و)ب( شخصان تربطهما عرى صداقة متينة، يتزاوران في اغلب الأوقات، يسافران الى الخارج سويا، يفضي كل منهما بأسراره الى الآخر,, في الحقيقة، يكادان يتشابهان في كل شيء: عمراً وتعليما ووظيفة ودخلاً,, وحتى )شكلا!(, ولكن، هناك فارق وحيد بينهما يتمثل في كون )خ( لا يكل عن العطاء )من جانب واحد!(، في نفس الوقت الذي لا يمل )ب( من الأخذ ومن جانب واحد، كذلك!, فْ)خ( المعطي يقع على عاتقه عبء دفع فواتير تلك الصداقة )ماديا(: انه، في الحقيقة، يتكبد في سبيل ذلك مشاقا لا تخفى على صديقه )ب الآخذ( والذي دائما ما يلوذ بالصمت )الناطق عيبا!( والتجاهل )الفاضح المفضوح!(, الغريب في ذلك الخلل، ان )خ المعطي( يعرف في قرارة نفسه كل ما يتأصل في نفسية )ب( من جشع وطمع وأنانية، ومع ذلك يواصل دفع الثمن معللا نفسه بأنه يطبق مبدأ فاضل طالما حثه عليه والده، وهكذا يواصل )خ( استضافة )ب( في المنزل، في المطعم، في السراء وفي الضراء، في الليالي المقمرة والحالكة,, مسخرا هاتفه لْ)ب( ذاخرا مركبته لْ)ب(، مشرعاً باب منزله لْ)ب(,, وتمضي الايام ويتدفق )عطاء( الطرف الواحد تدفقا لا يجاريه سوى )أخذ( الطرف الواحد، وبين دوامة العطاء والأخذ تلك يقبع )خ(بلسان حال يلهج حيرة وتعجباً في موقف لا يصوره سوى قول من قال:
لي صديق يرى حقوقي عليه
نافلات، وحقه كان فرضا!
هل هناك من تفسير )لسر( مبادرة البعض بالبذل والعطاء واستعداد البعض الآخر للأخذ والاستحواذ؟ لماذا، مثلا، يتقطر )خ( خجلا من مصارحة )ب(، في الوقت الذي هو متأكد بأنه ليس للخجل حيز في قاموس رجولة )ب؟!(, هل وراء تلك الحالة اسباب بيولوجية تولد مع الانسان,, أم ان الأمر برمته يرجع الى عوامل )اجتماعية!( يكتسبها الانسان بعد ولادته؟!
شخصيا، لا أعتقد ان علة )الطرف الواحد( تلك لها أي جذور بيولوجية: فنحن ْ كمسلمين ْ نؤمن بأن كل مولود يولد على الفطرة السوية، وهذا يعني بالطبع انه لا يزر احد وزر فرد آخر ويرث خطيئته، بغض النظر عن الاعتقادات الايديولوجية في الثقافات الأخرى، او حتى ما شاع، ويشيع، في الفكر الغربي العنصري منذ القرن الثامن عشر الميلادي )وليومنا هذا!( من نظريات علمية )تطورية(, هل هذا، إذن، يعني أنه لا خيار لنا سوى )اختيار( عامل )الاكتساب( ْ بيئة الفرد وآليات تنشئته الاجتماعية ْ كمسبب لكرم وأريحية وبذل )خ(، ولأنانية ونهم وطمع )ب؟!(,,,، ما رأيك )أنت؟!(,, )شريطة ان تتم قراءة هذين المشهدين )التربويين( قبل ان تجيب!(:
* المشهد الاول: والد ·خ حاثاً إياه على الايمان بالقيم التالية:
·صدق المرء نجاته ,, ·الصديق خير من ألف قريب ,, ·رب اخ لك لم تلده امك ,, ·انفق ما في الجيب، يأتيك ما في الغيب ,, كريم اليد، كريم نفس ,, ·ولم أر مثل جمع المال داء,, ,, ·اللي ما له اول، ما له تالي ,,
* المشهد الثاني: والد ·ب حاثاً إياه على الايمان بالقيم التالية:
·وفي الصدق عجز,, ,, ·احذر عدوك مرة واحذر صديقك الف مرة,, ·ومن الصداقة ما يضر ويؤلم ,, ·مد رجلك على قدر لحافك ,, ·عدوك من صديقك مستفاد ْ فلا تستكثرن من الصحاب ,, ·ولم أر بعد الكفر شرا من الفقر ,, ·حكي في الماضي، نقص في العقل ,,
حسنا، بمجرد انتهاء المحاضرتين )التربويتين( يهرع )ب( فيهاتف صديقه )خ( ليرى عما اذا كانت لديه الرغبة في الذهاب للأكل في مطعم ما,, يذهبا هناك,, يأكلان,, بالطبع يقوم )خ( بدفع الحساب ولسان حاله يترنم بْ)هذا ما جناه عليّ أبي!(,, وليتوقف متسائلا: ولكن من هو الذي جناه على ابي؟!,, )بصراحة؟!(,, جدك يا )خ( هو الذي جناه على ابيك، وجدّ أبيك هو الذي جناه على جدك: )وهكذا( خذ رحلة تاريخية )عكسية( حتى تضع اصبعك على آخر اسم )بشجرة العائلة!(، لترى كيف تربيت يا )خ( في أحضان القيم المثالية من ثقافتك: كالإخلاص والبذل والكرم,,، في حين صديقك )ب( تعرض )لإشعاعات( مكثفة من القيم الثقافية السوداوية، مما يعني ان كل منكما، في الحقيقة، ضحية لثقافته,

أعلـىالصفحةرجوع














[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved