| مقـالات
كثر الحديث في هذه الفترة من الزمن حول العولمة وصدرت فيها كثير من الاجتهادات الشخصية، فمن محلل ومحرم لها فحديث المحلين لها كان ببالغ الأسف يحمل طابع الانبهار ويشجع كافة الجوانب الحياتية: اقتصادية أو أدبية أو اجتماعية أو غيرها من الجوانب ويرغب أهل هذا الاجتهاد ان تكون المظلة مظلة عالمية بصرف النظر عن كونها قريبة البعد أو بعيدة عنه، وأما أصحاب الاجتهاد الثاني وهم المحرّمون للأخذ بهذا التيار فيرون ان الأخذ بتيار العولمة فيه تعدّ على كافة المجريات الحياتية إنه يجب الوقوف ضده، وأريد هنا أن أقف إلى جانب أهل اجتهاد ثالث ممن ينادي إلى الأخذ بتيار العولمة بما لا يتعارض مع قاعدة انطلاقتنا الإسلامية وأن نأخذ الحذر من الدخول تحت المظلة العالمية التي تضم الغث والسمين ثقافات وسلوكيات اجتماعية واقتصادية لا يمكن أن تسير في نفس مساراتنا الإسلامية التي تدعو لكل فضيلة ونبذ كل رذيلة، ومن هذا المنطلق وهنا أرى أن الدعوة إلى عولمة طبية ليس فيها أي مؤثرات على منطلقاتنا الإسلامية اللهم إلا في جوانب الاختلاط بين المرأة والرجل في اعطاء وتلقي العلاج فان تنظيم مستشفياتنا ومراكزنا الصحية على منطلق اسلامي هو شغل مسؤولي هذه البلاد الذين يدعون إلى كل ما يتلاءم مع تعاليم ديننا الحنيف وشريعتنا الغراء,
وما أقصده هنا من الأخذ بتيار العولمة الطبية هو التأثير والتأثر بالايجابيات الطبية العالمية والتي تصدر من مراكزها الموثوقة سواء كانت شرقية أو غربية أو وطنية سعودية وشحذ أفكار علمائنا في هذا المجال إلى دفع مراكز البحث العلمي لدينا والتي اقامتها سواعد الأخيار من حكام هذا البلد وأن لا يقتصر حدود هذه الأبحاث على جدران جامعاتنا ومراكزنا العلمية بل يجب أن نوصل ما لدينا عبر ما نشهده من وسائل الاتصال المتطورة إلى مظلة العولمة للاستفادة منه, ولا ننسى ان هذه البلاد بالذات والبلاد العربية والاسلامية كانت بعلمائها الأجلاء مصدر نور لمظلة العالم ولم يمض على حضارات الأندلس وغيرها من الحضارات الإسلامية إلا بضعة قرون حيث كانت مصدر نور وقاعدة انطلاق للعالم شرقية وغربية حتى وصل إلى ما هو عليه الآن وما ابن سينا وابن حيان والفارابي والرازي وغيرهم من اللامعين العرب والمسلمين أمس واليوم إلا مؤسسون للانطلاقات الحضارية والطبية العالمية التي نشاهدها اليوم وهذا يعطينا مؤشرا أن العولمة الطبية مصدرها أفكار أبناء الأمة العربية والإسلامية وأن الإنسان العربي لم يتقوقع داخل تقاليده وعاداته بل نبذ اللثام والقيود التي أملتها على غيره عصور الظلام الذي أفاق بعدها من سباته العميق ليشهد تطورنا الفكري واسهاماتنا الحضارية والطبية وتطورها وذلك للاستفادة منها,
فإلى عولمة طبية نقتبس منها السمين وننبذ الغث الهزيل والأخذ بالفائدة أينما كانت لافادة أمتنا وإنارة عقول أطبائنا الذين أقول وبكل فخر ان الطبيب المسلم بوجه عام والسعودي ذكرا كان أو أنثى بوجه خاص قطع شوطاً متقدماً استطاع من خلاله التأثير على معطيات القاعدة الطبية ومراكز الأبحاث العالمية، وما هو مطلوب منا نحن اليوم إلا مواصلة الخطى وشحذ الهمم فالإنسان هو الإنسان سواء غربي أو شرقي والبصمات التي يخلفها وراءهم النافعون هي النبراس الذي يجب ان تحتذى به أجيالنا القادمة ويجني ثماره أبناء الإنسانية في كل زمان ومكان، وما نجنيه نحن السعوديين لأكثر من مائة عام أو تزيد إلا جهود الطيبين والحاذقين وفي مقدمتهم مؤسس هذا الكيان الكبير الملك عبدالعزيز الذي انطلق وحلق به في عالم العولمة وسار على نهجه أبناؤه الكرام الذين لم يخالفوا يوماً من الأيام قاعدة انطلاقتنا الإسلامية بل أثروها بايجابيات تتماشى مع قواعد ومنطلقات ديننا الحنيف ولم تخرج من عاداتنا وسلوكياتنا الاجتماعية الحميدة، وما الاستعداد بقوة إلا مطلب ديني منبعه قرآننا الكريم وشريعتنا الغراء,
حفظ الله الجميع
والله من وراء القصد
* مستشفى قوى الأمن بالرياض
|
|
|
|
|