| محليــات
* * منى واس
وجه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني كلمة الى حجاج بيت الله الحرام هذا العام 1420ه.وفيما يلي نص الكلمة:بسم الله الرحمن الرحيم.الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.قال الله تعالى :(الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب).وقال تعالى:(وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ألا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود).وقال تعالى:(يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير).أيها الاخوة حجاج بيت الله الحرام:أهلا وسهلا بكم في رحاب بيته العتيق، الذي بوأه الله لابراهيم وطهره ليكون للطائفين والقائمين والركع السجود، والذي شرفنا بخدمته، وببذل الجهد في رعايته ورعاية زواره، الذين جاؤوا استجابة لندائه سبحانه وتعالى، حيث يلتقون مجتمعين لطاعته، وعبادته، وليتحابوا، وليتعارفوا وليتآخوا، وليتسابقوا لكسب رضائه، وطلب توفيقه، في جلب الخير، ودفع الشر.أيها الإخوة:إن هذا الجمع الغفير الذي ترونه كل عام في هذه البقاع المقدسة لمظهر من مظاهر توفيق الله لنا نحن المسلمين، فهو تجمع فريد، اختاره الله لنا، وخصنا به، تقوية لعقيدتنا، وتصفية لأعمالنا وانارة لأفكارنا وتأليفا لقلوبنا وشدا لأسرنا، ورباطا وثيقا بين أمتنا والتحاما أخويا بين شعوبنا.ان هذا الجمع الاسلامي الكبير لحفل مميز، جامع لكل الأجناس، دون تفرقة أو تمييز، وانه لدليل واضح على مافي ديننا الحنيف من أسباب قوية لربط جوانب مجتمع امتنا المسلمة، فوجهتنا واحدة، وهدفنا واحد، وخطونا واحد، كل هذا محوره صلتنا القوية بربنا، وحرصنا على تصفية عقيدتنا.أيها الإخوة:ان من ميزات المسلم، وما يحث عليه دينه السمح، النية الحسنة، والقصد السليم، فيما يأتي ويدع، وفيما يفكر فيه ويضمر، سواء كان ذلك فيما بينه وبين أخيه المسلم أو فيما بينه وبين أفراد الأمم الأخرى، ممن يشاركونه هذا الكوكب، الذي أصبح في هذا الزمن الصعب في أشد الحاجة الى التعلق بالله، ورعاية خلق الله، فعمار هذا الكون فيما يخص البشر أمانة في يد البشر، والمسلمون بدينهم الصافي، وتعاليمه الأبدية، خير أداة لوقف زحف شرور العصر، ولنشر الخير، وبث أسباب السعادة، بالأخذ على يد المخطىء، وهداية الضال، ومساعدة المحتاج، والتفكير في أسباب التطور فيما ينفع البشرية جمعا.ان فرض الحج مرة واحدة في العمر مليء بالحكم منها ما هو ظاهر لنا ومنها ما سوف يظهر، ومنها ما سوف يبقى خفيا، يختص به جل وعلا، ولكنا نؤمن بأن ما خفي، مثلما ظهر، هو في صالح الخلق، والحج على هذا اختبار لطاعة الرحمن، وغسل للأدران، وتعلم تحمل المشاق، وتجرد من مظاهر الحياة التي تميز شخصا عن شخص، فالكل هنا سواسية، لباسهم موحد، وتحركهم متماثل، في المشاعر المختلفة، وفي الأوقات التي حددها لنا رسولنا الهادي الى ما يرضي ربنا، ويكمل ديننا، وليكمل الهدف جعل الله مناسك الحج في أماكن محدودة، ومتقاربة، وفي أيام معدودة، زيادة في ضمان الأهداف لمعرفة عمق الايمان في الطاعة والتحمل ولم يقتصر الحج على فصل من فصول السنة، بل دار مع السنوات والأشهر، فمرة حر شديد، ومرة برد شديد، ومرة بينهما، والمسلم في كل وقت وفي كل حين وعلى أي حال صابر ومحتسب.أيها الإخوة:إنه لمن دواعي سرورنا، ومنتهى بهجتنا، أن نقوم بخدمة بيت الله الحرام، وحجاجه، وزواره، وقد وضعنا أمام أعيننا ذلك وجعلناه مقدما على كل عمل لدينا، وقد حرصنا كل الحرص وقد زاد عدد الحجيج على توسعة الحرمين الشريفين، وتوفير المتطلبات الحديثة لهما، حيث هيأنا المستلزمات الضرورية من طرق وغيرها لهذه المشاعر، ما أمكن عليه الجهد البشري، وسمحت به الامكانات، وتوفرت الأوقات، حتى يكون الانتقال بينها سهلا وميسرا، ولم نعدم والحمد لله أن نسمع من اخواننا في شتى أنحاء العالم تقديرهم لهذا الجهد، وغضهم النظر عما هو فوق طاقة البشر.أيها الإخوة:ونحن نقترب من آخر مناسكنا في هذه المشاعر، لا نملك إلا أن نحمد الله عزوجل على ما أنعم به علينا جميعا من سلامة الحج، وصحة الحجيج، وأدائهم نسكهم بأمان واطمئنان ويسر وسهولة، وأن نهنئكم على أدائكم حجكم، وبلوغكم عيدكم، سائلين الله سبحانه وتعالى أن يقبل منا ومنكم، وأن يتولانا واياكم برحمته، ولا يحرمنا رضاءه ولا توفيقه، وان يعيد العيد على الجميع بالخير واليُمن والبركات.أيها الإخوة:المسلمون يعرفون مرامي دينهم الخيرة، وما يندب اليه من التسامح، ونشر العدل، ولهذا يؤلمنا ما نرى في العالم من معاناة بعض الشعوب، ويؤلمنا أكثر ما ينزل بالشعوب المسلمة من أذى وظلم،ونحاول جاهدين في حدود امكانياتنا لإزالة بعض أسباب معاناتهم، بما نؤديه من مساعدات، أو ما نطرحه من أفكار في المنتديات العالمية، أو بالصلات الخاصة مع الحكومات التي نؤمل فيها وفي مسعاها خيرا، ويبرز أمامنا أول ما يبرز القدس، وما يعانيه أهله من ظلم، حتى استبشر العالم خيرا عندما برزت قبل عدة سنوات بوادر رغبة ملحة لانهاء بؤر التوتر حيثما وجدت وذلك بالمساعدة عبر المفاوضات لايجاد حلول سلمية للنزاعات الدولية وفي مقدمتها النزاع العربي الاسرائيلي الذي مضى عليه حتى الآن ما يزيد على نصف قرن من الزمان والذي مر بمراحل تصاعدية أدت الى فقد المزيد من الأراضي العربية المتمثلة في الضفة الغربية، وقطاع غزة، والجولان، والشريط الحدودي في جنوب لبنان، وبقاعه الغربي.ورغم تلك الانتكاسات الجسيمة التي تولدت بسبب تضافر الجهود المعادية ضد الارادة العربية والاسلامية ما يزال الكيان الاسرائيلي الذي لم يلتزم بخارطة حتى الآن يبحث عما يسميه بحدود آمنة.لذلك لم يكن بمستغرب ان تتعثر المفاوضات بسبب التعنت الاسرائيلي الذي يحول دون تحقيق أي تقدم يذكر وبطبيعة الحال فإن الهدف الأساسي الذي يبدو من خلال الممارسات غير المسؤولة أمام سمع العالم وبصره هو الابقاء على الاحتلال لاحكام السيطرة على الارض وعلى مصادر المياه واقامة المزيد من المستعمرات لاحداث تغيير في البنية الديموغرافية مما يتعارض مع القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومبادىء مؤتمر مدريد خاصة مبدأ الأرض مقابل السلام.وفي يقيننا ان الحل العادل والشامل الذي يكفل اقامة الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة على ترابها الوطني وعاصمتها القدس الشريف وكذلك استعادة الجولان حتى خط الرابع من حزيران اضافة الى الأراضي اللبنانية هو المخرج الوحيد من أجل مصلحة جميع شعوب المنطقة بل ومن أجل مصلحة المجتمع الدولي.أيها الإخوة:إن ما حدث ويحدث في الشيشان من قتل وتخريب قد أصبح معلوما لدى الجميع ويتم ذلك كله على مرآى ومسمع من العالم ولا نرى أحدا من المعنيين بالسلام العالمي يحرك ساكنا مكتفين بالكلمات والتصريحات بينما الشعب الشيشاني برمته، ومنهم الشيوخ، والنساء، والأطفال، والعجزة، يتيهون سيرا على الاقدام يلفحهم زمهرير الشتاء وصقيع البرد، وهم يتألمون جوعا وعطشا ويعلو وجوههم الخوف والهلع من القصف العشوائي العنيف, ان المنتظر من حكومة روسيا الاتحادية وقد تفاقم الوضع الانساني في منطقة الشيشان الى حدود لا يمكن قبولها أو السكوت عنها أن تتحرك سريعا لوضع حد لهذه المأساة الانسانية المؤلمة بايقاف الأعمال العسكرية بمختلف أشكالها والاستجابة لتطلعات ومطالب الشعب الشيشاني المشروعة وتسهيل وصول المساعدات والمعونات الانسانية لمحتاجيها.أيها الإخوة:ختاما نكرر تحياتنا، وتهانينا، لجميع الإخوة المسلمين، كما نشدّ على أيديهم مصافحين لنقول لهم من أعماق قلوبنا: كل عام وأنتم بخير، وللاخوة الحجاج الكرام التهاني والتبريكات على أن وفقهم الله لأداء الشعائر التي قدموا من أجلها متمنين لهم حجا مبرورا، وسعيا مشكورا، وعودا حميدا الى ديارهم وأوطانهم، سالمين، غانمين، فرحين، مستبشرين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
|
|
|
|
|