| الركن الخامس
* منى واس
الهدي هو كل نعم يهديه الحاج للحرم قربانا لله تعالى وفداءً عن النفس وهو من بهيمة الأنعام التي ذكرها الله تعالى في سورة الانعام على سبيل الامتنان على بني الإنسان
حيث قال سبحانه وتعالى: ومن الأنعام حمولة وفرشاً كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدوٌ مبين,, ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين الآية.
والهدي واجب على كل حاج متيسر له سواء كان متمتعا او مقرنا لقوله تعالى فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدي وان لم يجد الهدي او ثمنه فعليه صيام ثلاثة ايام في
الحج وسبعة اذا رجع هذا ان لم يكن اهله حاضري المسجد الحرام وإلا فلا هدي عليه لقوله تعالى ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام .
وحدد الشرع أنواع الهدي وهي الإبل او البقر او الغنم المعز والضأن لقوله تعالى ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام وبهيمة الأنعام هي الإبل
والبقر والغنم وتجزئ الواحدة من الغنم في الهدي عن شخص واحد فقط وتجزئ الواحدة من الإبل او البقر على ان يتوفر في الهدي شيئان وهما.
أولا: بلوغ السن الواجب وهو ستة اشهر في الضأن وسنة كاملة في المعز وسنتان في البقر وخمس سنين في الإبل ومادون ذلك لا يجزئ.
ثانيا: السلامة من العيوب الاربعة التي أمر النبي عليه الصلاة والسلام باتقائهما وهي العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين ضلعها والهزيلة التي
لا مخ فيها فإذا تواجدت هذه العيوب الاربعة في البهيمة لا يجزئ اهداؤها وكلما كان الهدي أسمن وأكمل كان افضل وأعظم اجرا.
وذبح الهدي يكون في منى ويجوز في مكة وبقية الحرم اذا كان في حدود وقت الذبح وهو يوم العيد بعد الصلاة وثلاثة ايام بعده لأن يوم العيد يوم النحر حيث روي عن الرسول صلى الله
عليه وسلم انه قال كل أيام التشريق ذبح اي وقت للذبح وعلى هذا فيجوز للحاج ذبح الهدي بمكة في اليوم الثالث عشر اذا نزل من منى.
وحول كيفية الذبح المشروع للهدي فهو نحر الإبل وذبح البقر والغنم فالنحر في اسفل الرقبة مما يلي الصدر ولا ذبح في أعلاها مما يلي الرأس ولابد في الذبح والنحر من انهار الدم
بقطع الودجين وقطع الحلقوم والمرئ كما انه لابد من قول بسم الله عند الذبح او النحر حيث لا تؤكل الذبيحة إذا لم يذكر اسم الله عليها لقوله تعالى ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم
الله عليه وانه لفسق ولا تجزئ عن الهدف لأنها ميتة.وأما المشروع في توزيع الهدي فهو الأكل والاطعام لقوله تعالى فكلوا منها واطعموا البائس الفقير فلا يكفي ان يذبح
الهدي ويرمي به بدون ان ينتفع به لأن هذا اضاعة مال ولا يحصل به الاطعام الذي امر الله به إلا ان يكون الفقراء حوله فيذبحه ويسلمه لهم فحينئذٍ يبرأ من عهدته وذلك اقتداء
بسنة النبي عليه الصلاة والسلام.كما لا يجوز بيع شيء من لحوم الهدي ولا جلوده ولا يجوز ان
يعطى الجزار اجرته منها بل يجب ان يعطى من غيرها فإذا اعطي بعد ذلك على سبيل الاحسان والصدقة عليه فلا بأس في ذلك.وقد ثبتت سنتان تتعلقان بالهدي سواءً كان واجبا أو مسنونا
وهما السنة الأولى الاشعار وهو ان يكشط جلد البدنة حتى يسيل دم ثم يسلته فيكون ذلك علامة على كونها هديا ويكون ذلك في صفحة سنامها الايمن لما روي عن ابن عباس رضي الله
عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بذي الحليفة ثم دعا بناقته فأشعرها في صفحة بسنامها الايمن وسلت الدم عنها وقلدها نعلين ثم ركب راحلته فلما استوت به
على البيداء أهلّ بالحج .وقد قاس بعض العلماء على الإبل في الاشعار البقر ذوات
الاسنمة وهو قياس صحيح لأن العلة التي علق بها الحكم في الاصل موجودة في الفرع من غير معارض في الفرع يمنع حكمها وأما الغنم فإنما لا تشعر قولا واحدا وانما تقلد.
السنة الثانية تقليد الهدي سواء من الإبل او البقر او الغنم وهي سنة ثابتة عند عامة اهل العلم ويكون التقليد بوضع شيء في عنق الناقة او البقرة او الشاة من نعل او عرى
قربة او خرقة من صوف، والغرض من ذلك كله هو ان يعرف كل من رآه او وجده انه هدي ولأنه ربما يختلط بغيره من بهيمة الانعام فيميز بتلك العلامة .
والدليل على مشروعية ما تقدم من حديث ابن عباس وما جاء في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها انها قالت فتلت
قلائد بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم اشعرها وقلدها ثم بعث بها الى البيت فما حرم عليه شيء كان له
احلالا,ومثله ما رواه الجماعة من حديثها رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم أهدى مرة غنما فقلدها فهذه النصوص تدل على مشروعية تقليد الهدي من أي صنف كان من
بهيمة الأنعام.
|
|
|
|
|