| الركن الخامس
إن هناك علاقة لطيفة بين البشرى والعبادات التي افترضها الله عز وجل على المؤمنين.
فلقد عني الاسلام بأمر الصلاة عناية فائقة، وحض عليها، ورغّب بمحاسنها، فهي مفتاح من مفاتيح الجنان، ومن خير الاعمال بعد شهادة الايمان، واول ما يحاسب عليها العبد بعد
مفارقة الأهل والخلان، عندما يقابل ملائكة الملك الدّيان.وقد جعل الله تعالى الصلاة صفة كريمة وحلية مباركة للمتقين المسلمين به، والمستسلمين له، ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى
للمتقين )البقرة:2( فهؤلاء لهم رتبة مرموقة يوم القيامة، ومكانة محمودة، لأنهم من فريق المفلحين أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون )البقرة:5(.
وفي السنّة النبوية دعوة مرغبة الى اداء الصلاة في جماعة في سائر الأوقات، وخصوصا في صلاة الصبح والعشاء حيث جاءتهم البشرى بذلك، فعن بريدة بن الحُصيب الأسلمي رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بشروا المشائين في الظُلم الى المساجد بالنور التام يوم القيامة ، اخرجه ابوداود في سننه,.
والزكاة ركن من اركان الإسلام، ودعامة من دعائم الاسلام، أداؤها عنوان على العمل بطاعة الله عز وجل، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون )الحشر/9( فلما سمع المسلمون
الاوائل هذه الدعوة المباركة فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة الحج: 78 الى الانفاق فاضت ايديهم بالمعروف طلبا لرضوان الله سبحانه.
وقد حض الاسلام على الصدقة لما فيها من الخير العميم والثواب العظيم الذين ينفقون اموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون
البقرة 274 .يقول تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا
,, آل عمران 97 .ان الحج رحلة كريمة يتوجه فيها المسلم الى البلد الأمين
مكة ليؤدي هذه العبادة التي فرضها الله عز وجل,.وقد فرض الله سبحانه الحج على كل مسلم يملك الاستطاعة والحج فريضة يؤديها المسلم في العمر مرة، حينما تتوافر
الاستطاعة من الصحة وامكان السفر، وأمن الطريق والحج مؤتمر المسلمين السنوي العام يتلاقون فيه عند البيت العظيم الذي صدرت لهم الدعوة منه ذلك البيت الذي جعله الله اول بيت في
الارض لعبادته.لذا، فإنه من يؤدي هذه الفريضة، فإن له احسن الجزاء.
وفي الحج، منافع عظيمة في الدنيا والآخرة، منها الخير العميم من الله سبحانه للمؤمنين الذين يعظّمون حرماته، ويبتعدون عن محارمه ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له
عند ربه الحج: 30 .وفي اداء الحج غذاء روحي كبير، تمتلئ فيه جوانح المسلم
خشية وتقوى لله، وعزما على اداء طاعته، إذ تنمو فيه عاطفة الحب الصحيح لله عز وجل ولرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
وكذلك في الحج تأتلف مشاعر الاخوة الصحيحة في كل مكان ويعود الحاج من رحلته هذه وهو اصفى قلباً واقوى عزيمة على الخير، لأنه قد حظي بالنقاء ونال البشارة بالقبول، لأن
الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الحاج الذي ادى هذه
الفريضة كاملة دون عوج في الأعمال والأقوال انه مقبول عند الله تعالى، وقد غُفر له، كأنه وُلد وليس عليه من ذنب، وفي ذلك قال صلى الله عليه وسلم: من حج لله، فلم يرفث ولم
يفسق، رجع كيوم ولدته امه ، صحيح مسلم,, وفي الحج بشائر عديدة ونفحات ايمانية حري بالمسلم ان يغتنمها.إن البشرى والاستبشار خلق كريم من الاخلاق الاسلامية التي
حض عليها القرآن الكريم والسنّة النبوية بل ان البشرى جزء من الهدي النبوي.
فالمؤمن الذي خالطت بشاشة الايمان قلبه من شأنه ان يكون مبشرا بالخير في كل حين ومبشرا بدعوة الحق في مكانها، ومستبشرا بين الناس,.
والبشرى تلقي الضوء على ما يقوم به المؤمن من عمل، لأنه على ثقة من قبول هذا العمل,.
وقد بيّن الله تعالى سرور وفرح الشهداء واستبشارهم عندما قال فرحين بما آتاهم الله من فضله، ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم آل عمران: 170 .
وللبشرى والاستبشار مكانة سامية في سُدة الفضائل فقد اخبر الله تعالى بأنه هو الذي يبشر من يستحقون البشرى ليكونوا من اهل الاستبشار قال سبحانه الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا
في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم التوبة 20/21 .
ومما لا شك فيه ان اهل البشرى يلقون نعيما وملكاً كريما عند مليك مقتدر، فهم ضاحكو الوجوه مستبشرون بالنعيم وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة عبس: 38/39 .
د, زيد بن محمد الرماني عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
|
|
|
|
|